عرض مشاركة واحدة
قديم 10-18-2011, 03:58 PM
المشاركة 173
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
صامويل بيكيت.. انبعاث كاتب



أنس شاكر العمراني



2011-09-13





سنة 1933 ميلادية، كان صمويل في السابعة والعشرين من عمره يتمتع بالغطرسة وموهبة الفشل وغياب ملحوظ لوضع قار مما صب عليه لوم والدته التي لم تتحمس كثيرا لبشائر نجاح أولى إصداراته، وكذلك بألفة مكتئبة مع الألم الجسدي والذهني. كانت حياته في تلك الفترة عبارة عن الوحدة والمحنة واللامبالاة أو كما سيقول لاحقا أنها كانت عبارة عن نفي للحياة.
سينزلق في بعض الأحيان إلى التشرد وسيعاني من جسم غير سليم إذ أنه عانى منالربو واختلال في خفقان القلب والدمامل. سيموت والده في يونيو من نفس العام.
مماسيجعل اضطراباته تظهر بشكل أكثر حدة كما هو الحال بالنسبة للكثير من معيقات الحياة. طبيب أحد أصدقائه سيطمئنه أن لا شيء من كل ما يعانيه له طابع جسدي وسينصحهبالمعالجة النفسية التحليلية. موافقة بيكيت على هذه النصيحة يظهر في الآن نفسه قوةألامه وكذا شجاعته. وبما أن ممارسة التحليل النفسي لم يكن مرخصا في ديبلن DUBLIN سوف يرحل في أعياد الميلاد إلى لندن LONDON وسيتابع لمدة سنتين معالجة مع ويلفردبيون WILFRD BION في عيادة تافيستوك TAVISTOCK بمعدل ثلاثة حصص أسبوعيا وكل ذلكتحملت مصاريفه والدته.
كانت عيادة تافيستوك تستخدم التداعي الحر وتحليل الأحلاموتشجع بنشاط على استعادة مشاعر الماضي. ما ساعد بيكيت على تذكر أحداث ما قبل ولادتهحيث يقول أنه يتذكر شعوره بأنه داخل مصيدة وأنه كان يبكي كي يتركوه يخرج ولكن لميكن يسمعه أحد أو ينصت له. سيكرس نفسه للمعالجة بشغف مما سينحي أعراض جسمه المؤلمةلكنه سيوقف هذه المعالجة في نهاية سنة 1935 عندما سينصحه بيون بشدة بعدم الرجوع إلىأمه ورغم ذلك سيقرر أن يعود إليها. مما سيؤدي إلى مرضه في الحال. لكنه سيستقر فيفرنسا سنة 1937وسيكتب قصته منذ ذالك الحين بطريقة مختلفة.
من الواضح أن هذهالمعالجة غير المكتملة والمليئة بالصراع ستكون مهمة بشكل أساسي بحيث يقول بيكيتلأحد أصدقاءه أنه بدونها سيكون مازال سكيرا وحالما وضالا مع الإحساس بأنه هكذا أحسنحالا من فعل شيء آخر. بدونها أيضا ما كان ممكنا هذا التحول المدهش من النرجسيالمدمر لذاته إلى البطل المغمور للطيبة كما وصفه أقرباؤه. وبدونها ما كان سيستطيعأن يتمكن من وسائل انبعاثه وخلقه من جديد في ثنائية اللغة. في كتاب كل الساقطين tous ceux qui tombent نجد قصة طفلة تموت دون سبب واضح. ولكن السبب في الحقيقة هوأنها لم تولد قط. نجد هنا صدى حديث لجانغ Jung يشير فيه إلى حالة أولائك الذين لميتموا ولادتهم قط، حيث سيجد بيكيت في ذلك بشكل ما جزءا من حقيقته و سيساعده علىإحياء وتحريك هذه المساحة بين الوجود والغياب وبين الإنجليزي المألوف المثقلبالتاريخ والمسكون بالذاكرة كما يسميه، وبين الفرنسي ربما الغريب الذي من أجل أنيكون الغريب Etranger سوف يخول له ذلك أن يكون الكاتب lauteur ، بدون تاريخ وبدوناسم، الذي سيعرف ولادة جديدة .... مما سيترجم في الحقيقة عندما سيبدأ بيكيت بكتابةما يحس به .
إذا كان بيكيت لم يتحدث تقريبا عن تحليله خارج الأحاديث المعاصرةفإننا سنجد بعض الآثار الكثيرة و الخادعة في كتاب ميرفي Murphy كما في كتاب وات Watt و أيضا مع كامييCamier المحقق الخاص المكلف بالبحث عن الأشياء الضائعة .... وربما فوق النظرات الخاطفة وفوق المواضيع التي قد تثير رغبة أنصار فرويد ومواليهم،ستكون التغييرات من السلبية ومن فقاعته الصغيرة اللاتواصلية إلى لعبة وحيوية حيثيلتقي جوب Job ببيستر كيتون Buster Keaton وحيث لا يقلق سام Sam بخصوص أناه الأعلىأكثر من قلقه بحالتنا الجماعية غير القابلة للتدمير والمؤسفة والمهمة عن كلالجماليات التي أتاحت لها التحليلات النشر عن طريق فرصة الحكي كما يذكر بذلك صعاليككودو Godot إذ في هذه النقطة وهذا الوقت نكون نحن الإنسانية سواء أرضينا أم لا. بكلأخوة حيوية ونشطة وساخرة وغير منسية.
كتبها:
EVELYNE PIELLIER
عن المجلةالأدبية
LE MAGASINE LITTERAIRE n 473 mars 2009


' أستاذ مبرز منالمغرب