عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
2

المشاهدات
4050
 
خالدة بنت أحمد باجنيد
شاعـرة وناقـدة سعـودية

خالدة بنت أحمد باجنيد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
322

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Jan 2008

الاقامة

رقم العضوية
4365
11-03-2011, 10:02 AM
المشاركة 1
11-03-2011, 10:02 AM
المشاركة 1
افتراضي الرسول قال: أتبعوا الحجّة بالحجّة!
الرسول قال: أتبعوا الحجّة بالحجّة!

[tabletext="width:80%;"]
بداية أعتذر عن هذا العنوان لما قد يشي من تهكّم أو استخفاف بحديث الرسول صلى الله عليه وسلّم، وليس ذلك بالهيّن أبدًا، غير أنّ ما دفعني لاختياره هو تكرر عبارة: (الرسول قال) على ألسنة الكثيرين والكثيرات، فما إن تناقشهم في قضيّة أو مسألة تجدهم يبادرونك بـ (الرسول قال)، ومعلوم –طبعًا- ما تقتضيه هذه العبارة من وجوب التسليم، أو بالأحرى ما يقتضيه مقام الحديث والنقاش من رفض وإعراض... إلى أن يصل إلى طلب (السكوت) صراحة!.

نشهد هذه الأيّام الاستعداد لأداء فريضة الحجّ، فتهفو القلوب إلى تلك البقاع المقدّسة، وإلى تلك الأوقات العامرة بالخشوع والطاعة، فمن منّا لا يجد في ذكرى الحجّ أو التفكير فيه نفْسًا تائقة، ورغبة صادقة؛ لكنّ السؤال الذي يعيد نفسه مرارًا في هذا الموسم، ما مبرّر تكرار الحجّ سنويًّا رغم تزايد عدد الراغبين في الحجّ، وما ينتج عنه من الازدحام الشديد، غير ما فيه من مجاوزة النظام والتلاعب بالتصاريح؟.

كنت ذات حوار أقلّب التفكير في هذه القضيّة، فأحاول أن أنظر إليها من جهة طلب الأجر والمغفرة، وأحاول أن أنظر إليها من جهة الإصرار وعدم المبالاة بالمخالفة والتعدّي على المصلحة العامّة، وأحاول أيضًا أن أنظر إليها في سياقها الأكبر، سياقها الأخلاقيّ والحضاريّ، فلم أجدني بعدئذٍ إلاّ آخذة على التصرّف، مستنكرة له، إذ لا تصمد فضائله تجاه ما يعتريه من تجاوز لمقاصد الشرع، وتجاوز لقيم الحضارة.

ما معنى أن نتذمّر كثيرًا من عدم الالتزام بالنظام، وأن نسخر من فوضويّتنا، مقابل ما نشيد به من احترام الغرب لأنظمتهم وحرصهم عليها، ثمّ نكون أوّل المتجرّئين على الأنظمة لأداء نافلة لا فرض؟، فإذا نحن لم نقدّر أهميّة النظام في العبادة، فنحن في غير العبادة أضيع له، وأشدّ تفريطًا به!.

ما معنى أن نتكلم ونتحدّث كثيرًا عن عظمة الإسلام وعظمة أخلاقه، فنستشهد بالإيثار والتكافل و التعاون على البر والتقوى؟، ثمّ نغفل عن تلك المعاني لأجل (نفسي.. نفسي)!، فإذا نحن لم نجسّد ونحقّق تلك الأخلاقيّات في عباداتنا، فهل سنجسّدها في أمور الحياة الأخرى التي تتداخل فيها المصالح الدنيويّة العاجلة؟!

كثيرة هي المآخذ، بيد أنّ أوّلها وأشدّها –برأيي- هو ما أشار إليه عنوان المقالة: (الرسول قال: أتبعوا الحجّة بالحجّة) [1] ، فإنّ صحّ هذا الحديث، فهل هو يبرّر تكرار الحجّ؟، وهل يفضي بنا إلى الإعراض عن الظروف وواقع الحياة المعاصرة؟!

لو كان الأمر في الحديث –على افتراض صحّته- للوجوب لاختلف الحال، أمّا وهو للحثّ والندب بدليل فرض الحجّ مرّة واحدة على المستطيع، فإنّ الوقوف عليه وعلى طريقة تناوله من قبل البعض، يفرض علينا السؤال التالي: هل المندوب مندوب إليه دائمًا؟ وبتعبير آخر هل للأحكام ثبات لا تغيّره مستجدات العصر وأحواله المختلفة عن عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم وصحابته الكرام؟

إنّ عبارة (الرسول قال) التي يحرص عليها البعض بحجّة تدعيم مواقفهم وآرائهم، ينبغي النظر دومًا في سياقاتها، سياق الحديث الشريف، وسياق المستشهد به، سواء في ذلك موضوع تكرار الحجّ أو غيره، لأنّ الفهم الحرفيّ للحديث قد يؤدّي إلى الخروج عن مقاصد الإسلام وتشويهها، ولا يخفى ما في ذلك من تشويه للإسلام ذاته بتفريغه من معانيه وقيمه، ليصبح مجرّد شرائع جافّة لا أثر لها في تربية المسلمين والارتقاء بهم.

لنكن أكثر تعقّلاً وحكمة، وأعمق تدبّرًا وفطنة، ولنكن أشدّ حذرًا تجاه العواطف التي تسوقنا –بحسن نيّة- فنتراجع من حيث نريد التقدّم، ونخسر من حيث نطمح للفوز.


------------------------------------------------
[1] لم يتسنّ لي العثور على هذا الحديث، فلعلّ من له علم به أن يوافيني بصحّته من عدمها!

خالدة بنت أحمد باجنيد
4/12/1432هت
31/10/2011م
[/tabletext]


موقعي الشخصي:
http://khaledah-bj.com/

التعديل الأخير تم بواسطة خالدة بنت أحمد باجنيد ; 11-03-2011 الساعة 11:46 AM