عرض مشاركة واحدة
قديم 03-18-2011, 03:26 PM
المشاركة 199
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (33)





حَصَادُ الذِّكْرَيَات







عمري رهينُ اللظى والشوكِ والسَّقمِ
حملتُ جُرحي من الميلادِ للهرمِ


هذي التضاريسُ تكويني حرائقُها
أنا الشريدُ بها بحثاً عن الدِّيَمِ


مجرَّبٌ عند قومي ما صبأتُ ولمْ
أَسجدْ بمعبدِهم للنارِ والصنمِ


أُخفي عن الناسِ آلامي أُهدْهدُها
وفي قرارةِ نفسي يغتلي ألمي


وألعقُ الجرحَ حتى أنتشي ندماً
كمن يحاولُ دفعَ الخطبِ بالندمِ


وأُطعمُ النارَ من شحمي وأوردتي
حتى أُضيءَ ليالي اليأسِ والسَّأمِ


* * *

عندي شريطٌ حصادُ الذكرياتِ به
سجَّلتُه بالمُدى حيناً وبالقلمِ


في كلِّ ليلٍ له عرضٌ يؤرِّقُني
أنا البريءُ به في دورِ متَّهمِ


لو يحملُ الصخر لاهتزَّ الجنينُ به
من حانثيْنَ أمامَ الصخرِ بالقَسمِ


* * *

أستغفرُ الشعرَ كم أحزنتُ قافيةً
سلبتُ منها ابتسامَ الفجرِ في الظُّلمِ


وقفٌ أنا لحرابِ الغدرِ تنهشُني
وبين يأسي ونارِ الغدرِ ضاعَ دمي


عارٍ أمامَ جميعِ الناسِ يسترُني
ثوبُ الوضوحِ وهذا السترُ من قِيَمي


ما عابَني غيرُ قومٍ لا خَلاقَ لهم
كأنَّهم وفدُ إسرائيل في الأممِ


يَروونَ عني حكاياتٍ ملفَّقةً
لأنني النَّسرُ أَبغي شاهقَ القممِ


* * *

يا منْ زرعتُ بشطَّيْكِ المُنى فَذوتْ
لم تنجُ واحدةٌ من قبضةِ العدمِ


وأنتِ بالظلمِ دون العدلِ راضيةٌ
والحقُّ أشهرُ من نارٍ على عَلَمِ


إني أحبُّك حتى لو هدرتِ دمي
حتى العبادة أنت الوحيُ في حَرمي


تنزَّلتْ فيكِ آياتُ الهوى سُوَراً
رغمَ الجحودِ فلم أعتبْ ولم أَلُمِ


أستغفرُ الوجدَ كم غالبتُه فطغى
بين الضلوعِ كسيلٍ جارفٍ عَرِمِ


فرحتُ أكتبُ ما شاءَ الهوى ويدي
رغمَ ارتعاشٍ بها تحنو على قلمي

* * *


أنا الندى يا لظى عمري الذي نَضبتْ
منه المواسمُ إلا ساحرَ النغمِ


هذا جناحيْ الذي حطَّمتُه فغدا
يَدِفُّ بين بروجِ الوهمِ والرُّجمِ


أضحى فحيحُ الأفاعي لحنَ أغنيتي
والعندليبُ قضى في حَوْمةِ التُّهمِ


والسُّمُّ يغزو شراييني وأوردتي
فكلُّ جرحٍ بقلبي غير مُلتئمِ


أستغفرُ الجرحَ إنْ عزَّ الأُساةُ لقد
حمَّلتُه فوق ما حُمِّلتُ في شَممِ


* * *

يا باسطاً كفَّ عرَّافٍ وتقبضُها
ترمي حُصيَّاتِها كشفاً عن الهمم


أقصرْ .. لعنتُكَ لا تنطقْ بواحدةٍ
فَهمَّتي وُئدتْ في دارةِ النِّقمِ


لو أنَّ زرقاءَ جاءت تجتلي أثَري
كذَّبتها فأنا والقومُ في صَممِ


أضحتْ مجامرُنا في الدارِ خامدةً
لمْ نضطَّرمْ رغمَ ما في الحيِّ من ضَرَمِ


كم صَيحةٍ مِلْءَ سمعِ الكونِ رافضةٍ
وما انتخى لصداها أيُّ معتصِمِ


كأنَّ خيل الزحوفِ البُلْقِ أجفلَها
ذاكَ الهديرُ من الغُربانِ والرُّخُمِ


وكم شهيدٍ على محرابِ مُغْتَصَبٍ
مضرَّجٍ بدماءِ الطُّهرِ في الحرمِ


ما هزَّ عرشاً ولم نثأَرْ لمصرعهِ
إلا بأُغنيَّةٍ غربيَّةِ النغمِ


نهزُّ أردافنا رقصاً إذا انطلقتْ
وننتشي بصدى الآهاتِ و" النَّغَمِ "


أستغفرُ الموتَ إنْ شقَّتْ براثنُه
قبري ولم أنتفضْ من رقدةِ العَدَمِ


* * *

يا والغينَ دمي كالنارِ ملتهبٌ
لا تسفحوهُ على منظومةِ الأُممِ


أو فاسفحوه لتَلقوا حتفَكم فدمي
صواعقُ الموتِ يُوري الأرضَ بالحممِ


إنِّي لأقسمُ والأيامُ شاهدةٌ
لسوف أَنتعلُ الأحقادَ يا قدمي


عهدُ التظلُّمٍ والتحكيمِ قد طُوِيتْ
أوراقُهُ أُحرِقَتْ في حضرةِ الحَكَمِ


إنِّي شحذتُ دمي بالحقِّ فالتهبتْ
جوانحي وصحا العملاقُ في خِيَمي


غداً أُكَسِّرُ أقلاماً بكتْ حُرَقاً
ويُخْرِسُ الغضبُ الخلَّاقُ كلَّ فمِ


غداً سأَغسلُ تاريخي وأورِدتي
غداً أسيرُ على الأحياءِ والرِّممِ





1990