عرض مشاركة واحدة
قديم 03-17-2011, 05:33 PM
المشاركة 196
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (30)





مَوْتُ العَبَاقِرَة





في رثاء الشاعر
والمُربِّي عُمر يحيى





جَسَداً يموتُ العبقريُّ ويُقْبَرُ
لكنَّه أبداً يعيشُ ويكبرُ


يحيا بفكرِ التّابعين براعماً
ظمأى يُروِّيها البيانُ فتزهرُ


وتطلُّ أعراسُ الضياءِ فينتشي
من كلِّ عُرسٍ في الضياءِ ينوِّرُ


* * *

يا حاديَ الرُّكبانِ قفْ بي لحظةً
علِّيْ أرى عُمَراً بركبٍ يخطرُ


يجري الزمانُ ولا تُصَدُّ خيولهُ
يطوي جسومَ المبدعين ويعبرُ


وتعيشُ إبداعاتُهم لا تنطوي
خمراً يعتِّقُها الزمانُ فتُسْكرُ


في كلِّ كأسٍ من سُلافةِ كرمِها
سحرٌ لأصحابِ البلاغةِ يُبهرُ


تترشَّفُ الألبابُ عذبَ فراتِها
فتهيمُ في سُوَرِ البيانِ وتَسْكرُ


* * *

يا صاحبَ الذكرى عرفتكَ شاعراً
يشدو على فنَنِ الجمال فيسحرُ


قمْ من ثراكَ فلا وربّكَ ما انتهتْ
سورُ البيانِ على المنابرِ تُنذرُ


وامسحْ دموعَ القانطينَ وقلْ لهم
لا يقنطوا فالشعرُ فينا كوثرُ


يجري على شَفةِ اليراعِ قصائداً
غرَّاء في ختمِ الأصالةِ تُمهرُ


* * *

" أأبا طريفٍ " لستُ آخرَ شاعرٍ
يحدو الأصيل لعطرِ روضِكَ ينشرُ


لكنَّني أحدُ الذين تسلَّموا
دربَ الأصالةِ في الظلامِ فأبصروا


ومشوا على سَنَنِ الجدودِ مواكباً
تَترى يتيه بها القريضُ ويفخرُ

* * *


يا مُسكرَ الأجيالِ كأسكَ أترعتْ
والصائمونَ على خموركِ أفطروا


من كلِّ داليةٍ بكرمكَ أينعتْ
أعنابُها سوَرُ البيانِ تَقطَّرُ


قمْ نادِ أربابَ الوفاءِ فإنَّهم
رهنُ النداءِ قلوبُهم تتفطَّرُ


واشربْ على النغمِ الأصيلِ سُلافةً
من غرسِ كفِّكَ في المواسمِ تُعصرُ


* * *

يا صاحبَ القلمِ الربيعيِّ الرؤى
حسبي أراكَ مع الملائكِ تسمرُ


حلَّ الخريفُ وأقفرتْ سُبُلُ الهُدى
وهوتْ منائرُ واستُبيحتْ أَبحُرُ


إنِّي لأتهمُ الزمانَ وأهلَهُ
بالزَّيفِ إلا قلَّةً لا تُذكرُ


صبغوا لِحاهُم بالدماءِ وتوَّجوا
هاماتِهم بالذّلِّ ثمَّ تبخَّروا


من كلِّ مقهورٍ يجرُّ ذيولَهُ
خَزيانَ في بُؤرِ الأذى يتكبَّرُ


عربٌ ولكنْ لا سبيلَ لجمعِهم
والذئبُ بين جموعهمْ يتنمَّرُ


فانظرْ ألستَ ترى السلامَ مطيَّةً
عرجاءَ يركبُها الكسيحُ الأبترُ

* * *


يا مَنْ صَليتَ لظى النضالِ لقد مضى
جيلُ النضالِ وجاءَ جيلٌ يكفرُ


تعبتْ أناملُه فنامَ يراعُه
وصحا على مُهَجِ السطورِ يثرثرُ


وأتيتُ في زمنِ الجحودِ مدجَّجاً
والحرفُ من خطرِ القنابلِ أخطرُ


تتفجَّرُ الكلماتُ فهي صواعقٌ
فوق الرؤوسِ بهمسةٍ تتفجَّرُ


إنِّي لأُقسمُ باليراعِ مُجنّحاً
وجناحُه علمُ المُقاتلِ أحمرُ


لا يلأمُ الجرحَ الأبيَّ وثائقٌ
تُطوى على السِّلمِ الهزيلِ وتُنشرُ


* * *

يا خالداً كالبدرِ يا علماً غدا
ذكرى يداعبُها الحنينُ فتُسفرُ


ذكرى تُحيّينا فتُحيي شوقَنا
وتمرُّ مثل سحابةٍ لا تُمطرُ


ذكرى تُدغدغُ في النفوسِ عواطفاً
مشحونةً بالدمعِ إذْ نتذكَّرُ


تتلمَّسُ الأجيالُ نُبْلَ مسارِها
فتلمُّ حبَّاتِ الجمالِ وتنثرُ


* * *

يا مُلهمي سورَ البيانِ قصائداً
هلَّا ذكرتَ زمانَ جئتكَ أَعثرُ


وتلوتُ عذرائي فقلتَ لي اتئدْ
واقرأْ على مَهَلٍ ورحتَ تُكبِّرُ


وتقولُ أطربني فإنَّكَ شاعرٌ
فذٌّ وفي جنبيكَ يكمنُ عَبقَرُ


وغداً أراكَ مع الكواكبِ كوكباً
تسمو بآفاقِ القريضِ فتُبهرُ


* * *

يا خالدَ الذكرِ الكريمِ تحيَّةً
من شاعرٍ بَخَبيءِ سرِّكَ يجهرُ


قَرُبَ اللقا وتنزَّلتْ سورُ الهدى
وهفا الفؤادُ فلن أُطيلَ .. سأحضرُ





1998