عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
21

المشاهدات
5918
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
12,766

+التقييم
2.39

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
10-31-2016, 10:02 AM
المشاركة 1
10-31-2016, 10:02 AM
المشاركة 1
افتراضي المغرب ولعنة بائع السمك
حدث مروع تشيب له الغلمان...بائع سمك في مقتبل العمر وتحديدا في الثلاثين من عمره يدفع حياته وروحه دفاعا عن بضع سمكات في المغرب العربي هذه المرة، في تكرار عجيب لسيناريو البوعزيزي التونسي الذي اشعل موته شرارة الربيع العربي وادخل العالم العربي ومن وراه العالم في دوامة ما تزال تدور وتطحن ولا يعرف احد متى واين وكيف ستتوقف .

تشابه عجيب بين الحادثتين. المأساويتين. المكان في كلا الحادثتين هي بلاد المغرب العربي، والضحية في الحادثتين واحد من الغلابه، وقد يكون بائع السمك هذا يتيم ايضا مثل البوعزيزي، والسبب في الموت هو الدفاع عن لقمة العيش، وعلى ايدي افراد من الشرطة ، لكن طريقة الموت ربما جاءت هذه المرة ابشع بكثير من سابقتها، حيث مات الاول منتحرا بعد ان اشعل النار في نفسه ومات الثاني طحنا وبصورة بشعة في سيارة طحن النفايات.

يا لهول المشهد ، صوره تقشعر لها الأبدان .. انه حقا مشهد مرعب ومروع.... رجل في الثلاثين من عمره يدفع حياته ثما للقمة العيش ، وفي محاولة لتخليص بضعة سمكات ربما أمضى ليلة كاملة من اجل صيدها فنحن لا نعرف الظروف التي دفعته للاستماتة في الدفاع عن تلك السمكات الى حد ان يدفع حياته ثمنا لها .

كما ولا نعرف ان كان هذا الشاب قفز هو الي الشاحنة منتحرا بعد ان ضاقت به الحياة وهدرت كرامته بصفعة من شرطية وكما في حال البوعزيزي، ام انه دفع الي حتفه دفعا حيث سمع احد الشرطة وهو يقول لآخر اطحنه ؟؟!!

في كل الأحوال هذا الحادث الاليم المريع يشير الي مأساوية الظروف المعيشية التي يعيشها قطاع كبير من الناس في العالم العربي، وخاصة شريحة الشباب الذين لا يجدون عملا يسد رمقهم ويحفظ لهم كرامتهم فيلجأون مجبرين الي تسليك الحال ببيع الخضار على قارعة الطريق كما في حال البوعزيزي وبيع السمك كما في حال هذا المغربي. وغالبا ما تكون هذه البضاعة هي التي تسد رمق من حول هؤلاء الباعة الغلابة المساكين. أيضاً ولهذا لا يتردد أصحابها في دفع حياتهم ثمنا لها.

ولكن تأبى اجهزة الشرطة ومن يقف ورائها وتعمل تحت إمرتهم، كما في الحالتين تأبى هذه الاجهزة الليمة التي تعيش في ابراج عاجية ان ترى واقع الحال والظروف المعيشية الصعبة التي دفعت الناس لعمل ما يقومون به من عمل بطال لا يكاد ياتي بمردود ذي قيمة، وليس ذلك فقط بل تلاحقهم تلك الأجهزة من دون اي رحمة او شفقة الي حد يصبح الموت أهون عندهم من عيشة الذل والفقر والهوان والحرمان .

لا احد يعرف الي اي حد يمكن ان تصل ردود الفعل على هذه الحادثة الجديدة المؤلمة ، رغم انها اظهرت تعاطفا هائلا من قطاع واسع من الناس الغلابة على ما يبدو الذين خرجوا في اكثر من اربعين مدينة كما تقول الاخبار وبصورة تلقائية عفوية للتظاهر رفضا واحتحاجا على ما جرى . وهذا الخروج العفوي انما هو مؤشر على تلك النار الكامنة تحت الرماد، والتي قد يتطاير شرارها لتشتعل النيران هنا وهناك في تكرار لسيناريوهات ما جرى بعد حادثة البوعزيزي.

واضح ان الحكومة تعلمت من دروس ما جرى هنا وهناك وهي مندفعة للملمت الموضوع والتقليل من شأنه وتفريغ محتواه وربما البحث عن كبش فداء لعلها تستطيع لجم الهبة الشعبة التي اندفعت وتطفئ الحريق قبل ان يمتد ليحرق الاخضر واليابس .

لكنها لم تتعلم حتما بان الغلابه لا يمكنهم الاستمرار بقبول حالهم المزري الي ما لا نهاية، وان استمرار ظروف الفقر والحرمان وغياب الكرامة والعدالة الاجتماعية وانتشار البطالة وكل ما يجعل معيشة الناس أمرا مزريا لا يمكن ان يستمر ، وان الثورة على الظلم وفي مثل هكذا ظروف معيشية هي اقرب من حبل الوريد... حتى وان حاولوا جاهدين رسم صورة مغايرة واعطاء الانطباع بان كل شي تمام يا أفندم .

وليس لنا الا الانتظار لنرى اصابع من ستحرق لعنة بائع السمك هذا الذي مات مظلوما حتما ...والي اي مدى سيمتد الحريق.
*