الموضوع: مغارة الشيوخ
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
5411
 
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة

روان عبد الكريم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
238

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2009

الاقامة

رقم العضوية
7565
08-12-2010, 01:36 AM
المشاركة 1
08-12-2010, 01:36 AM
المشاركة 1
افتراضي مغارة الشيوخ
مغارةالشيوخ

"شى لله يا ِسيدى َحمد, شى لله يا ِسيدى َحمد"

وقفتبقامتها القصيرة النحيلة , يلفها دخان البخور الثقيل فىمغارةالشيوخ, حيث مدافن الأولياء الصالحين تصطف وادعة ,وهى تحمل طفلتهاالضئيلة الناعسة فى وهن على صدرها الجاف كالرمال .. تمسح بيدمكدودة الرخام الرمادى للقبرالبارد القديم, تغزوه فى فتور بقاياأشعة شمس متسربة من فتحات المغارة الحجرية المظلمة , لايحركالصمت الكئيب فى جدرانها سوى إنحنائة المرأة المتوسلة على القبر ,ترجوه فى لوعة ..ً تقبله تارة وتربت عليه تارة أخرى .. وهىتستجدى هشيم الحطام الساكن فيه منذ زمن بعيد ..وتفلت من عينيها الودودةدمعة حارقة بللت كلماتها , ثم أنحدرت على شفاها الزرقاء تردد:-

لاتخذلنى يا شيخ, الطفلة ستلحق بأخوتها فى غياهب العدم يا شيخ , ساعدنى يا شيخ..ويرد الصدىكلماتهايستدعى بها بركة "سيدى حمد" كبيرمغارةالشيوخالقابعة فى قلب الجبل الخامد...وحين تعبتوضعت الطفلة على القبرلعلها تنال شيئاً من بركةالفانين ,فلاطفت بيدها الصغيرة وجه أمها وضحكت لها .. حينئذ قال لها العجوز حارس المقبرةالذى كان يرقب المشهد المتكرر:-

دعوتك مقبولة يا أبنتى, وهذه البشارة وهو يشير للثغر الباسم للطفلة

فاحتضنتها المرأة فى حنان وهىتفور فرحاً يمطر من نافذة اليأس المزدانة بتيجان الفقر,فرحاً دفعهارغمإنها الفقيرة البائسة إلى أن تدس جنيهاً فى يد الرجل الذى نظر إليه فىاهتمام ثم حكه فى جلبابه الثقيل المترب بينما تطوف عينيه علىزائرة اخرى دخلت من باب المغارة الضيق الصخرى ,إمراة وصبيةمليحة تمسك يد أمها فى ترقب ,فاقترب منهما, تطوف عيناه على الصغيرة الحلوة وقد جاءتيلاحقها حلم الأنوثة الوردى وامها تقول له فى رجاء:-

ممسوسة هى – لايطلب يدها احد, كل رفيقانها تزوجن ..فيقترب منالصغيرة الخائفة ويقرصها من خصرها , قرصة شهقت لها ولونتوجهها الجميل, ..وقد إنعكس جسدها على نهر الوجود بداخله, يموجكل مساء , ممتلئ بنيران الرغبة التى تشتعل فى مجامرالروح وهويشيرصامتاً لقبر كبير الاولياء ,يراقب الأم وهى تمسح جسد الصغيرةبالوعود والامنيات ..وهو يمسح جسد الصغيرة بالأحلام ,ينتظر وعده يتحقق فى حلم احمر عاصف ,يدفئ لياليه البارده , وقد لبث يتلصصعلى جسد الفتاة الحلوة المنحنية بعيون ضيقة وقد شغل نفسه بازاحةغبار القبر المنسى فى اخر المغارة متذكراً اللص الذى حاول ان يسلبهمال المغارة ..وقد دفنه هناك فى ليلة حالكة السواد ,منهكاً فى ذكرياته.. وهويشعل لفافة تبغه تترائ له المواسم والفصول ترحل محملة بالأطايب ,بينما هو يفترش أرض المغارة ,عشرات الليالى مرت عليه وهو ساكنفى مكانه يحدث اصحاب القبور المهجورة المجهولة لايؤنسه غيرالجرذان الجبلية المذعورة تنتظره فى وله عله يلحق بموتى القبورويهديها ليلة مترفة بالطعام,يقف كحارس فرعونى يعبث فى عالم بلامرؤة تتخبط فيه امواج الجهل وزبد الانكسار على حواف شطآن لاتمل من الأنتظار للأمل والبركات .

يهمس بترانيم وثنية محملة بالشرور , وقد لف وجهه ضباب الدخان المنبعث من فمه وهويستند حافة قبر اللص القتيل يمد ذراعيهكجناحى غراب وقد أقتربت منه اقتربت منه المراتين .. يسألنه فىشك قبر من هذا ؟

وقد نال اهتمامها تلك العشبة الضئيلة المتسللة حوله تعطيه قدسية كاذبة .زفر زفرةعميقة مرقت فى هواء قديم لتوقظ وسن السنين المنصرمة ولم يجبوقد أغمض عينيه طويلاً...فغمزت المرأة الأولى فى خبث :-

أه .. شيخ "سره باتع" وقد اخفاه عنا .. بينما وقفت الأخرى ترقبالحارس فى أهتمام وهو يفتح العينان البراقتين فجأة ثم حك اذنهوقرص حلمتها فى مكر وهو يقول هو سيدالشيوخلامراء..ولا يذكراسمه الا عشرة جنيهات كاملة ...فتخرج كل واحدة بلا تفكير ما تبقى

فى كيسها ..وتجمعا ستة جنيهات وتقولا فى رجاء :-


لانملك غيرها.. فيمد يده لهما فى تعاطف وهو يكمل العشرة جنيهاتليبوح لهما بأسم الشيخ شديد البركة وهو يطوح راسه فى الهواءكدائرة ابدية ويصرخ صراخ الولهين المتعفيفين:-

"شى لله" يا سيدى المرزوقى ...
"شى لله" يا سيدى المرزوقى
الم