عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
4184
 
عبدالأمير البكاء
من آل منابر ثقافية

عبدالأمير البكاء is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
342

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة
العراق / النجف الأشرف

رقم العضوية
8844
09-20-2010, 10:09 PM
المشاركة 1
09-20-2010, 10:09 PM
المشاركة 1
افتراضي قرأتُ لكم / الأخلاق الذميمة تحجب عن المعارف
إن الأخلاق الذميمة هي الحُجُبُ المانعة عن المعارف الإلهية ، والنفحات القدسية ، إذ هي بمنزلة الغطاء للنفوس ، فما لم يرتفع عنها ذلك الغطاء لم تـتضح لتلك النفوس جلية الحال اتضاحا ، كيف والقلوب كالأواني ، فإذا كانت مملوءة بالماء لا يدخلها الهواء ، فالقلوب المشغولة بغيرالله سبحانه لا تدخلها معرفة الله وحبه واُنسه ،، والى ذلك أشار نبينا صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (لولا أن الشياطين يحر ِمون الى قلوب بني آدم لنظروا الى ملكوت السماوات والأرض ) فبقدر ما تـتطهر القلوب من هذه الخبائث تتحاذى شطر الحق الأول وهو الله سبحانه ، وتتلألأ فيها حقائقه كما أشار الى ذلك سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (إن لربكم في أيام دهركم نفحاتٌ ألا فتعرّضوا لها ) فإن التعرض لها إنما هو بتطهير القلوب عن الكدورات الحاصلة عن الأخلاق الرديئة ، فكل إقبال على طاعة وإعراض عن سيئة يوجب جلاءاً ونورا للقلب ، يستعد به لإفاضة علم ٍ يقيني ، ولذا قال سبحانه ( والذينَ جاهدوا فينا لـَنهدينـَّهم سُبُلـَنا )
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( مَنْ عَمل بما عَلِمَ وّرثهُ اللهُ عِلم َ ما لم يعلمْ ) فالقلب إذا صفا عن الكدورات
الطبيعية بالكلية ، يظهر له من المزايا الإلهية والإفاضات الرحمانية ما لا يمكن لأعاظم العلماء ، كما قال سيد الرسل عليه السلام ( إن لي مع الله حالاتٍ لا يحتملها ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌ مُُرسلٌ )
وكلُّ سالك ٍ الى الله إنما يُعرف من الألطاف الإلهية والنفحات الغيـبـية ما ظهر له على قدر استعداده ، وأما ما فوقه فلا يحيط بحقيقته علما ، لكن قد يُصدّق به إيمانا بالغيب كما أنــّا نؤمن بالنبوة وخواصها ونصدق بوجودهما
ولانعرف حقيقتهما مثلما لايعرف الجنين حال الطفل ولا الطفل يعرف حال المميز ولا المميز من العوام يعرف
حال العلماء ولا العلماء يعرفون حال الأنبياء والأولياء .
فالرحمة الإلهية بحكم العناية الأزلية مبذولة ٌ على الكل ، غير مضنون بها على أحد ، لكن حصولها موقوف على
تصقيل مرآة القلب وتصفيتها من الخبائث الطبيعية ، ومع تراكم صدأها الحاصل منها لا يمكن أن يتجلى فيها شيء من الحقائق ، فلا تـُحجَب الأنوار العلمية والأسرار الربوبية عن قلب من القلوب لبخل من جهة المنعم ، تعالى شأنه عن ذلك ، بل الاحتجاب إنما هو من جهة القلب لكدورته وخبثه واشتغاله بما يضاد ذلك .
ثم ما يظهر للقلب من العلوم لطهارته وصفاء جوهره ، هو العلم الحقيقي النوراني الذي لا يقبل الشك وله غاية الظهور والإنجلاء لاستفادته من الأنوار الإلهية والإلهامات النورانية الحقة ، وهو المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( إنما هو نورٌ يقذفهُ الله ُ في قلب مَن يشاء ) وإليه أشار الإمام علي عليه السلام بقوله ( إن مِنْ أحبِّ عبادِ الله إليه عبدا أعانه اللهُ على نفسِهِ فاستشعرَ الحُزنَ وتجلببَ الخوفَ فزهرَ مِصباحُ الهدى في قلبه ) .
وبالجملة فإن ما لم يحصل للقلب التزكية ، لم يحصل له هذا القسم من المعرفة ، إذ العلم الحقيقي هو عبادة القلب
وقربة السّر ، وكما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الظاهرإلا بعد تطهيره من النجاسة الظاهرة فكذلك لا تصح عبادة الباطن إلا بعد تطهيره من النجاسة الباطنية التي هي رذائل الأخلاق وخبائث الصفات ، كيف وفيضان أنوار العلوم على القلوب إنما هو بواسطة الملائكة الكرام ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ) فإذا كان بيت القلب مشحونا بالصفات الخبيثة التي هي كلاب نابحة لم تدخل فيه الملائكة القادسة ، والحكم بثبوت النجاسة الظاهرة للمُشرك مع كونه مغسول الثوب نظيف البدن ، إنما هو لسراية
نجاسته الباطنية ، فقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( بُنيَ الدين على النظافة ) إنما كان يتناول النجاستين ، وأن ما ورد من ( أن الطهورَ نصفُ الإيمان ) فإن المراد به طهارة الباطن عن خبائث الأخلاق ، وكان النصف الآخر
تحليته بشرائف الصفات وعمارته بوظائف الطاعات . والسر في ذلك أن منشأ العلم ومناطه هو التجرد ليس غير،
فكلما تزداد النفس تجردا تزداد إيمانا ويقينا ، ولا ريب في أنه ما لم ترتفع عنها أستار السيئات وحُجُبِ الخطيئات،
لم يحصل لها التجرد الذي هو مناط حقيقة اليقين ، فلا بد من المجاهدة العظيمة في التزكية والتحلية حتى تنفتح أبواب الهداية وتتضح سُبلُ المعرفة كما قال سبحنه وتعالى : والذينَ جاهدوا فِينا لَنَهْدينـَّهُمْ سُبُلـَنا .

أرجو أني نفعتُ بما عرضت لأحبتي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته