عرض مشاركة واحدة
قديم 11-04-2010, 12:11 AM
المشاركة 23
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أرَاكِ فأظعَـنُ مُسْتوْحِـشًـا
علـى صَهْـوَةِ القلـقِ الأوَّل

ثم يعود الشاعر في هذا البيت ليؤكد من جديد على أن رؤية حبيبته يعيد تشكيل تركيبة خلاياه وحمضه النووي his molecules structure، ويحدث زلزلة غير مسبوقة في ثنايا دماغه هذه المرة، وكأنه يصاب بالذهول والهذيان، طبعا من وقع تلك الرؤيا – المشاهدة- عليه ومن شدة حسن تلك الحبيبة، فبدلا من الذهاب إليها والاقتراب منها عند رؤيتها يرتحل وهو يشعر بوحشة شديدة، فيرتحل وهو مهووس بجمالها، ويتيه فاقدا الإحساس بالزمان والمكان كمن تلقى ضربة على رأسه.

والمهم هو كيف يكون ارتحال هذا الشاعر العاشق المذهول؟ انه يمتطي هودج ( صهوة ) القلق الأول!!! وكأن الشاعر هنا يشخص القلق فيجعله حصانا عربيا أصيلا- ترتيبه الأول بين الأحصنة- يمتطيه إذ يركب صهوته او هودجه ليرتحل إذ يراها تائها في ارض الله الواسعة.
ولكن لا بد من القول بأن هذا البيت يحتمل معنا آخر ربما وهو أنه وحين يرى حبيبته يشعر بقلق ووحشة وتيه وغربة وذهول ودهشة كتلك التي استشعرها الشاعر في أول لقاء حب له ...ومبرر هذا المعنى هو استخدام كلمة " الأول" إلا إذا كان الشاعر قد استخدم الكلمة لزوم القافية ربما!؟

وقبل أن نغادر هذا البيت لا بد من ذكر أن سر الجمال في هذا البيت يأتي من عدة جوانب من التصوير والتشخيص أولا، ومن ثم من تلك الحركة التي توحي بها استخدام كلمة ( الظعن أي الارتحال )، ثم من ذكر الخيل وركوب الخيل او الجمل( الصهوة او الهودج )، ثم هناك استنفار للحواس من خلال استخدام كلمة (أراك) وأيضا من خلال استخدام كلمات تستثير المشاعر وهي كلمتي (مستوحش وقلق) وبذلك يتمكن الشاعر من نقل مشاعره لنا ويقحمنا بما يشعر به وينقلنا لنعيش ذلك الجو الملتهب الذي يعيشه لحظة رؤيته لحبيبته وكأننا هناك نسمع ونرى نحن أيضا فنقلق ونرتحل معه مستوحشين تاهين مذهولين إلى اللامكان.

ولا شك ان هذا البيت يحتوى في ثناياه من الجمال الكثير ....وندر مثله وربما ما يزال يحتاج لمزيد من الشرح والتفسير لسبر اغواره!

يتبع،،