الموضوع: O كانوا هنا .. O
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-16-2019, 02:30 AM
المشاركة 442
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: O كانوا هنا .. O
وصية
بقلم : جيان الشمري


رفعها أمامه ...بتمعن شديد أوغل النظر فيها..صدمة شديدة شعر بها تسحبه إلى سحيق الأعماق...زادت نبضات قلبه حتى احسها تتردد بوحشية في رأسه..كتم الصدمة..شعور العجز تمكن منه..لطلما أحب اللون الابيض حين يراه يشع بفرح بين الألوان الأخرى...لكن هذا البياض المتصدي لعينه العارفة...اجتاحه بكره ..بتحد..كل ما قرأه..تعلمه..مارسه في مهنته...يهزأ به الآن..يمد له لسانه بسخرية مقيتة.. باستهزاء..ماذا ستفعل الآن..لا فائدة..تلك البقع البيضاء اللعينة ...منتشرة في كل مكان...الكبد ..الرئتين ...وكل مكان..ترك صورة الأشعة تسقط من يده المرتجفة..البكاء..ردة فعل ما استطاع أن يلجمها..يا إلهي رحمتك..أول سنة في ممارسة الطب..بعد العناء .. الجهد..السهر...أقف بعجر متناه أمام صورة الاشعة لمن كانت سبب نجاحي الرئيسي..كطفل تائه بين زحام الأفكار السوداء...أمي..لماذا إلهي..المرض منتشر..وهذا الموقف أوضع فيه على المحك..لا نفع في علاج..لادواء ...أيام معدودات..شهر ربما أو شهرين..مفارقة أنت لي لامحالة ياقرة العين...ترحلين عني..وصلت يا أمي إلى الشاطئ بأمان على يديك..يد المنية تلوح في الافق..تدنو من قلبك الكبير..العظيم..شيئا.. فشيئا..القلب الذي لطالما ذاق طعم الفرح عند سماع نبأ من أنباء نجاحاتي..نظر من بين دموعه إلى أخوته وأخواته الذين شاركوه البكاء...وقد فهموا بقلوبهم فحوى المصيبة الملمة بهم..ونظر إلى امه..تفاجأ...ابتسامة مطمئنة ترقد على شفتيها الذابلتين..ثقة امتلأت بها ملامحها الحبيبة.....كفكفت دموعه بيديها الحانيتين..طبعت قبلة أثقلتها بفيض من الود والعطف على جبهته المتعرقة...لا بأس بني..الموت حق علينا والرضوخ له لابد منه..عزائي أني أوصلتكم..أبنائي بر الأمان..ابدأوا المسير الآن..الخير.. الخير أوصيكم ..تحابوا بينكم لأطمئن في غفوتي الأبدية..يا فلذات كبدي..فخورة أنا بكم..فاجعلوني كذلك ...إلى الأبد...

منبر القصص والروايات والمسرح
.

http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=9865

وحيدة كالقمر