عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2010, 08:15 PM
المشاركة 14
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
  • غير موجود
افتراضي رد: حكايات من ضيعتنا

2- مساءات ضيعتنا

سأحكي عن مساءاتضيعتنا.
أولا: العنوان :" مساءاتضيعتنا" ومن خلاله نفهم أننا سنقف أمام أحداث تقع في المساء وفيالضيعة.
وقد وفّقت في اختيارالعنوان لأنه فعلا اختزل جميع الأحداث.
ثانيا:
يبدأ النسقالبطيء للحكاية - القصة - ليضعنا في الإطار الصحيح الذي من خلاله سنحدد إطار التخيلوالسير مع الأحداث.
وأول ما نعلمهأن الحدث سيكون ليلا وذلك لما " يأتي المساء" . ثم تهيؤنا الكاتبة أن المكان قصيبعض الشيء بعيد عن مقومات الحضارة الزائفة. وأهم شيء , وأرى الكاتبة أبدعت فيانتقائه لما حدثتنا عن النسوة ينظفن " قناديل الزيت" وهو ما سيمحو من فكر أي متقبلإمكانية انتظار خبر من التلفاز أو الاستماع لأغنية يمكن أن تشوش فكر السامع / القارئ.. فقط ستنحصر الفكرة عما يمكن أن يأتيه من شخوص القصة منأحداث.
وهنا تكمن الخطورة في عالمالقصّ.
فإما أن تلتهم السطور لتعرفبقية الحكاية , أو تنفرك الأحداث وتتقهقر إلى الخلف وترمي ببقيةالحكاية.
وهذا راجع لقدرة القاص فيتحريك أبطال قصته وإضفاء بعض من روحه فيهم حتى يستطيعون إقناعنا أننا أمام أرواحتنقل بعضا من مشاعرنا وما يمكن أن يتركنا نرهف السمع لهم.
وليبرز الفرق بين القاص العادي والقاص الذي يمتلك أدواتالقص فقد زادت ريم بدرالدين في الخصوصية إلى درجة أنها حصرت القارئء واستدرجته إلىمكان الأحداث دون تكلف لما تحدثت عن غياب الشمس و " اختفاء البساتينوالطريق"..
فماذا ننتظر من الضيعةوالشارع؟
لاشيء.
إذن الأحداثستكون في الداخل.. في أحد البيوت.
وقد استطاعت ريم بدرالدين أن تقسّم الأدوار بين شخصيات قصتها حتى لايقلق القارئ.
ولنبدأ من القسمالأول.
هنا ومن حيث لا تشعر .وهوحسّ واقعي بعيد عن التكلف قدّمت "العالم الذكوري ", وهذا ليس قدحا في المرأة أوانتقاصا من مرتبتها, ولكنه غوص الكاتب في أعماق ذاكرته لاستخراج مكنوناتها دون تكلفودون التوقف للتفكير بمن سيبدأ.
وفي مجلس الرجال نقلت لنا سهرة رجالية شرقية بحتة بعيدة عن الضغينةومشاكل العالم ومناوشات الحقل و.....
ثم سبرت أغوارهم حتى صاروا صفحة مكتوبة يمكن أن تقرأها دون أن تخبرك هيبذلك.
القسمالثاني:
نقلت ريم بدرالدين, وبكلأمانة ودن تحيز منها لعالم الأنثى بساطة المرأة الريفية ,إن لم نقلسذاجتها.
فهي ترضى بالبقاء وحيدةمع إمكانية تعرضها للخطر في حين يبيت زوجها مع امرأتهالثانية.
وهي تعتقد بعالم الخرافة, بل وتؤمن به.
وهي تخاف زوجهاالساهر في الجزء الآخر من البيت وتطلب الوساطة ليغفر لهاسهرتها.
القسمالثالث:
لم تنس ريم بدرالدين أنتحدثنا عن متطلبات السهرة ومقوماتها فذكرت ما يمكن أن تبدع فيه المرأةالشرقية.
الخلاصة:
قصة بسيطة منحيث الفكرة حيث أنها نقلت جزءا من حياة يومية
لكنها عميقة من حيث ترابط الأحداث وقوة السرد وتصوير الشخصيات وإنزالهمبكل التفاصيل حتى إنك تشعر بتواجدك في المكان دون أن تكلف نفسك عناءالسفر.
وبعيدا عن التكلف لم أجد ماأعيبه على هذه القصة.
فهي متكاملةمن حيث اللغة والبناء.