الموضوع
:
حكايات من ضيعتنا
عرض مشاركة واحدة
08-07-2010, 08:14 PM
المشاركة
13
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
تاريخ الإنضمام :
Apr 2007
رقم العضوية :
3325
المشاركات:
853
رد: حكايات من ضيعتنا
1- صباحات ضيعتنا
قال جبران
:
"اسكت
يا قلبي , اسكت حتى الصباح, فمن يترقب الصباح صابرا يلاقي الصباح قويا. ومن يهوى
النور فالنور يهواه
.
اسكت يا قلبي واسمعني متكلما
"
ونحن لن نسكت عند بوغ
الشمس لأننا سنذهب في رحلة جديدة مع الكاتبة ريم لتحدثنا عن صباحات ضيعتهم
.
وقد
بدأت بوضع القارىء في الإطار العام للقرية, وفعلا ستكون الرؤية أجمل وأوضح مع
انتشار ضوء الصباح وحين " يبدأ النور بالتسلل رويدا رويدا
"
إلى أين؟
"
إلى
بساتين القرية و حواكيرها" ولما تصل أشعة الشمس إلى البركة التي أنهت صلاتها تكون
بيوت القرية قد نفضت عنها نعاس الليل وسار أهلها إلى حيث ينبشون عيش العائلة وقد
ارتدوا صباح القرية الندي المشبع بالطهر
.
وكلما زادت الشمس في الارتفاع وكلما
زاد ضياؤها " تظهر ذوائب الأشجار في البساتين" وتتنفس البيوت الطينية وكأن الطبيعة
قد نفخت فيها الروح فاستشعر ساكنها " تنفسها،حركاتها و سكناتها
"
وكما استفاقت
الطبيعة وتنفست البيوت تتحرك النسوة ليعلمننا أنهن جند الضيعة اللاتي لولاهن لما
كان للعيش فيها طيب ولينبهننا لدورهن الهام والمهم في استمرار الحياة . كيف لا ؟
وهن من " يحملن قففا من العجين المتخمر طوال الليل" وهن من يعددن " صحون الزيت و
الزعتر و الجبن القريش و الشاي
".
كيف لا وهن من يبعثن الحياة من جديد كل صباح
للضيعة فينفخنا في التنور لتستمر الحياة ويأكل كل " كل الفلاحين و النساء و
الأطفال
".
وليكون صباح الضيعة مغايرا لليوم الذي انقضى, ولتتجدد الحياة من جديد
فلابد من " حكايات الجدات و العمات و الخالات" ولابد أن " ترتحل في عالم الأساطير
المنسوجة بخيالهن
".
وحين تستوي الشمس على كتف السماء وترفل الضيعة في الضياء
ووسط رائحة الخبز الطازج تكون الحياة قد دبت حثيثة بين مفاصل القرية فينتشي الطريق
بغناء النسوة
.
ولأن الكاتبة ضليعة بمجاهل الضيعة فهي تعود بنا إلى زمن صباها
وتقلنا قطار الذكريات لنستمتع أكثر وأكثر ولتغرقنا في جمال الطبيعة وفي دروب
البساتين لنكتشف معها " العالم في لحظة ولادة" ولنتورط معها فيما بعد ونجني من وراء
الرحلة اللوم والعتاب من الأهل , لكنه لوم " لا يمنعنا من تناول فطورنا بنهم و
تلذذ
".
وبعد اللوم نعود من جديد لننعم صدفة مع أهل الضيعة بعرس أحد شبابها
..
ولأن " القرية كلها من عائلة و احدة" فلم يمانعوا حضورنا لنستنشق بعضا من فرح غير
مخلوط بفخامات المدن
...
وقد وصلتنا الفرحة فعلا لما كان هذا" الصباح مترعا حتى
الثمالة بزغاريد النساء و هن في دربهن إلى بيت العرس و تعتلي رؤوسهن صواني من الأرز
النيء الأبيض و قد زينت الصواني بالورود و الفواكه
"
ولك أن تتخيل هنا السعادة
التي صُبِغت بها القرية .. لن يعم الفرح سكانها فقط بل حملتها لنا طيورها
وحيواناتها وبيوت الطين التي استعدت لهذا الفرح فاغتسلت بماء المطر وتعطرت لما تنفس
طينها
.
ولك أن تتخيل كرم أهل الريف في الأفراح لأن " احتفال العرس وليمة
" .
فإن شئت فاغنم بعضا من وقتك واحضر صباحا من صباحات الضيعة علك تلاقي ما
اعترضنا من فرحة وكرم قبل أن ينطلق هذا الصباح الجديد في طرقات القرية" تماما كطفل
صغير اشتروا له دراجة جديدة" وتصل متأخرا
...
لا .. لاتحزن
إن وصلت متأخرا
وفاتك صباح الضيعة فأكيد أنك ستلاقي مساءها
...
وإن أردت أن تعرف أكثر فزر مساءات
ضيعتنا لتنعم أكثر بالجديد
.
وكما انطلقت صباحات ضيعتنا في الزمن لتكمل
دورتها وتعود من جديد أجد نفسي أمام هذا الجمع الكبير من نساء القرية وهن يطلقن
الزغاريد في طريقهن لبيت العروس
.
أستأذن لأني سأقف لأملي العين بهذا الجمال
الطبيعي واعذروني لأني خبأت قلمي وأخرجت عدستي لألتقط بعضا من صور الطبيعة هنا
أحملها معي كذكرى
.
رد مع الإقتباس