عرض مشاركة واحدة
قديم 05-20-2012, 10:13 PM
المشاركة 628
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

النقد وإشكالية العرب بين الأنا والآخر
الأقواس، الأبواب المغلقة والقصص الثاوية خلفها، التاريخ النابض بالحياة هو ما يسلب ويفتن، غير أن ذلك لم يدفع بنسالم حميش إلا إغماض العينين عن الوقائع المعاصرة، عن المصائر المعذبة الآن وهنا.. وهو على اهتمامه بالماضي مَعينا روائيا ووعاء يتسع لكل إسقاطات الحاضر وهموم الكاتب المُسيَّس يهتم أيضا بمنجزات الثورة الاتصالية ويتابع بشغف كل ما تُتيحه شاشة الكمبيوتر الذي يُوظفه وسيلة عملية للكتابة دون أن يستغني الكاتب فيه عن القلم ملاذاً والتاريخ مداداً كلما ضاقت فُسحة الراهن.
بنسالم حميش: للأسف الشديد هناك نزوع عند النُقاد وهو أن يحشروا الكاتب في خانة ما ولكن إذا قلت لك مثلا عندي رواية محالفة زين شامة وكلها.. بطلها زين شامة هذا شاب تخرج من الجامعة بدبلوم وهذا الدبلوم لم يستطع أن يُصرفه وظيفيا أي في المجتمع.. الشباب الحامل للشهادات العاطل عن العمل هذه قضية ساخنة راهنة، سماسرة السراب من المواضيع البارزة فيها وهو الهجرة السرية هذا كذلك موضوع الساعة، فتنة رؤوس والنسوة شخصية ولكن ماشيه بشكل مباشر.. هو هذا أوفقير.. الجنرال أوفقير أنا أُسميه أُفقيه فهذا كذلك في تاريخنا نحن، طبعا للأسف الشديد هو ما حدث بالنسبة لشكري الله يرحمه، الخبز الحافي غطت على كل شيء وأنا حتى ضحية لمجنون الحكم وللعلامة في حين أن الروايات الأخرى وهي روايات يعني معاصرة من حيث مواضيعها ومن حيث مضامينها.. محمد شكري هو إنسان يعني نعتز به لأنه فعلا بحكم قساوة الحياة التي عرفها في طفولته وفي شبابه وروايته الأولى الخبز الحافي التي للأسف الشديد غطت تماما على كل الأعمال الروائية التي أتت بعده إلى حد أنه صار يشكو هو نفسه من هذه الرواية ومن تبعاتها، لكننا نعتبر أنه نال حظه ولم ينل حظه كاملا، بعض أعماله تُرجمت ولكن هل تعلم مثلا بأن الخبز الحافي مُنع تقريرها في المدارس لاعتبارات كما قيل أخلاقية وما إلى ذلك، فأنت تشوف بأنه الرقابة فعلت فِعلها مع هذا الروائي الذي طبعا خسرناه نحن المغاربة وخسره كذلك العالم العربي لكن أنا أعتبر بأنه على كل حال بالنسبة للمغرب يظل علامة مضيئة حقيقة.. وأنا لا أعتبر بأنه نال ما يستحقه في مجال.. مشهور معروف، لكن في مجال الدراسة وفي مجال المعالجة النقدية لا أعتبر بأنه استحق أو نال ما يستحق، التركيز كان دائما على روايته البكر الأولى ولكن على حساب كل أعمال أخرى ويعلم الله أنها كانت كذلك من القوة بما كان.

الكثيرون لا يعرفون بنسالم حميش مفكرا، عشرات الدراسات والكتب تناول فيها حميش مشاغل الفكر العربي المعاصر، بدءً من كتابه في نقد الحاجة إلى ماركس وليس انتهاء بالخلدونية في ضوء فلسفة التاريخ وما بينهما من كُتب تناولت التشكيلات الإيديولوجية في الإسلام والاستشراق في أفق انسداده والفرانكفونية ومأساة أدبنا المكتوب بالفرنسية وغيرها من كتب ودراسات.

"
عندما نتحدث عن الآخر نتحدث عنه بشكل تاريخي وليس بشكل تجريدي، علينا أن نصمد ونكتب باللغة العربية، ومن أراد أن يتعرف علينا هناك ترجمة ودورها قوي في الماضي وما زالت
"بنسالم حميش: هذا الزوج أوالازدواجيةالأنا والآخر يعني إشكالية مطروحة يعني منذ القرن التاسع عشر بالنسبة للعرب عندما اكتشفوا أن هذا الآخر متفوق عليهم تكنولوجيا وحربيا واقتصاديا، فصار السؤال حول الذات بالمقارنة مع الآخر، لماذا تقدم الآخر وتأخرنا نحن؟ إلى آخره.. وهذه أسئلة معروفة الآن.. لكننا في هذا الكتاب الاستشراق في أفق انسداده يعني حاولت أن أُركز على التحليل على مستشرقين، على مستشرقين يعني منهم من يُعتبر من الصنف الكلاسيكي ومنهم من يُعتبر من صنف المُجددين وحاولت أن أنظر إلى الآلات أو الآليات والمناهج التي استعملوها لكي يَدرسوا العرب والمسلمين وما إلى ذلك وتبين لي بأن هناك الدور الذي لعبه بعض المستشرقون في إنارة طريق الاستعمار والاحتلال للبلدان العربية الإسلامية، فعلى كل حال القضية أعتقد الآن لم تعد بالحدة التي كانت لها فيما قبل بحكم.. الآن يعني التداخل والذي أصبح أكثر مما كان عليه فيما سبق بين الذات والآخر بحكم أنه صارت هناك شراكات وصارت هناك يعني ما يسمى (Globalization) والعولمة إلى آخره، فالسؤال ما زال مطروحا طبعا ولكن ليس بالحدة التي كان عليها فيما قبل وأتصور بأنه الخطر هو أن نطرح مثل هذه المفاهيم بشكل مجرد ميتافيزيقي الآخر، في حين أنه ليس هناك كتلة متراصة اسمها الآخر، هل هو أميركا الولايات المتحدة أو أوروبا وشتان ما بين القطبين، فبالتالي لابد عندما نتحدث عن الآخر أن نتحدث عنه بشكل تاريخي أو سوسيولوجي وليس بشكل يعني تجريدي، علينا أن نصمد وأن نكتب بهذه اللغة ومَن أراد أن يتعرف علينا هناك قناة الترجمة ونحن نعلم الدور القوي والعظيم الذي لعبته قنوات الترجمة في الماضي وما زالت تلعبه الآن في الحاضر، ما يسمى بأدب أميركا اللاتينية، لم يقولوا لكي نُقصر المسافة نكتب بلغة الآخر، مَن يكتب باللغة الإسبانية ظل يكتب بها، مَن يكتب باللغة البرتغالية ظل يكتب بها وقالوا إذا أردتم أن تتعرفوا على هذا الأدب ترجموه وفعلا في الستينيات والسبعينيات كانت الموجه الكبيرة وفعلا ظهرت الأسماء الضخمة التي نعرفها ومنها مَن حصل على جائزة نوبل وهذا، فإحنا خاصة مشينا بنفس الاتجاه.. في نفس الاتجاه وألا نقول والله علينا أن ننظر إلى أقصر الطرق، إذاً نتبنى لغة الآخر حتى ننفذ إليه، أنا لست.. هناك من يدعوه الكسل أو التراخي إلى تبني هذا الاختيار ولكن هذا الاختيار أنا أعتقد لا يمكن أن يخدم الثقافة العربية لأنه من المفارقة أن نقول ثقافة عربية مكتوبة بالفرنسية، ثقافة عربية مكتوبة بالإيطالية، في يعني تناقض وفي مفارقة، فإذاً أنا من الصامدين يعني في هذا المجال وأعتبر بأنه ما فيش حل آخر لهذا.. وما يُفرحني إلى حدا ما بدون أن يدعوني هذا إلى شيء من الغرور أعمالي فيه اللي نُقلت إلى لغات كاليونانية والإيطالية والإسبانية والفرنسية.. وثم في دار كبيرة في فرنسا دار غاليمار حتنشر لي روايتي العلامة، فأقول ربما أنني لم أُخطئ الصواب، لم أخطئ الطريق، راهنت على أن هذه الثقافة بالعربية التي لازم أن أظل متشبثا بها ومَن أراد التعرف عليها فله أن يُترجِم.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة