عرض مشاركة واحدة
قديم 08-10-2010, 11:40 PM
المشاركة 2
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: قصص صينيّة معاصرة "سبع حكايات خرافيّة لهونغ ريون"
*كل حادث ولهُ سبب‏


بقلم: شامينونك‏

في الحقيقة ليسَ لديَّ ما أقولـهُ، سيّداتي وسادتي في وكالة الأنباء؛ لا توجّهوا لواقط الصوت نحوي، ولا تدوّنوا ما سأقول.‏

"ليسَ لديّ أدنى أفكار حولَ العلاقة بينَ الصينيين والماليزيين. وفي الحقيقة، لم أفكّر بأيِ شيءٍ يخصُّها.‏

ببساطة وجدتُ أمس الأوّل، وأنا في طريقي إلى البيت محفظةَ جيب، وكنتُ قد عدتُ من مقهى ليلي. فتحتُها ورأيتُ بعض الأوراق النقديّة الأجنبيّة في داخلها. كان ذلك ليلاً، فخشيتُ من الوقوف وحدي في الطريق؛ أنتظرُ صاحِبَها، لذلك ذهبتُ إلى أقربِ نقطة شرطة. قد قالوا لي إنها نقود أميركيّة قيمتها فوق العشرة آلاف دولار. بصراحة لم أرَ في حياتي أموالاً كثيرة، ولذلك فقد شعرتُ بالخوف، وأردتُ في تلكَ اللحظة أن أمضي إلى البيت في أسرعِ وقتٍ ممكن، لكن الشرطة طلبت معرفة عنواني، فقدَّمتُ لهم بطاقتي الشخصيَّة.‏

هذا الصباح علمتُ أنهم عثروا على صَاحب النقود، ومنذ لحظات علمت ُأنه رجلُ أعمال ماليزي. كيفَ لي أن أعرف أنَّ ما فعلتُهُ البارحة كان يفيدُ في مساندةِ العلاقة بين الصينيين والماليزيين!" يبدو لي أنكم لن تدعوني أذهب حتى أبوحَ لكم بشيء آخر، حسناً دعوني أعترفُ لكم بسرٍ؛ بشيءٍ لم أقلْهُ لأحدٍ من قبل.‏

كيفَ لي أن أتكلّم؟ هل من الممكن أن أمتنعَ عن الكلام؟ تُريدونني أن أتحدّث؟ حسناً.‏

"كانت أمّي طيلة أربعين عاماً عاملةَ تنظيفات، وفي العام الماضي تقاعدت، وقد كانت النفايات خلال تلك السنوات، تُنقل وتكوّم في الجبال، وكان يوجدُ بين تلكَ الأكوام دائماً مالٌ وأدوات قيّمة. وقد بيّنَ الكتابُ الذي ضَمّ المعلومات المأخوذة عن عاملي التنظيفات أن والدتي في الأعوام الأربعين من خدمتها سَلّمت مئة وثمان وأربعين ساعة يد، وسبعَ عشرة قلادة، وستة وثلاثين خاتماً ذهبيّاً، ومئتين وستاً وستين محفظة جيب، عدا العملات والأوراق النقديّة. وكان هناك أكثر ممّا يُعد أو يُحصى. يوماً ما...". هل تسمحونَ لي بلحظة؟ أود أن أخرج قليلاً إلى الشرفة.‏

"يوماً ما انتزعت أمي مولوداً، كان طفلةً ملقاة بجانب الطريق، وتلك الطفلة لم تكن غيري أنا! أحبُّ أمّي الحاليّة، على الرغم من أني أحياناً....‏

حسناً، الآن هل فهمتم كل شيء، هل من حاجة لكي أقولَ المزيد؟!!‏

*عودة‏

بقلم: ليو زانينغ‏

وأخيراً عادت ـــ إلى هذه المنطقة الجبليّة بعدَ غيابٍ دامَ عشرينَ عاماً! وهذا الشاب الوسيم الذي يمشي خلفها الآن، هل هو الصبي نفسه، الذي أخذته معها قبلَ عشرينَ عاماً؟‏

لقد عرفها كبارُ السن في القرية، وأغلب الظن، بسبب هذا الشاب، ببنيته ووجهه، وخصوصاً ببسمتِهِ الدافئة، التي تذكّر بالمعلم جان. كانَ ابن جان، وهذا ما توصّلوا إليه من النظرة الأولى. أما فيما يتعلق بها؛ فقد كان هناك شك في قلوب الناس حول هويّتها؛ وذلكَ لغيابها عن القرية عشرين عاماً، مع أنها في الأساس وخلال السنوات الثمانية التي درّسَ فيها جان في القرية نادراً ما كانت تزورها، وقد حدثَ ذات يوم أن زارتهُ وأمضيا معاً عشرة أيام قبل أن تقررّ العودة إلى بلدتها، وعندما حثّها جان على البقاء قالت لـَهُ: إن الحياة هنا معزولة ومقفرة، فيما عدا أنصاف الساعات القليلة من السعادة، التي يمضيانها معاً كل ليلة! معزولة ومقفرة لدرجة يود الإنسان جراءَها أن يقتل نفسه، ولحسن الحظ فقد استطاعت ـــ خلال فترة وجودها القصيرة مع جان، تلك التي لم تتجاوز عشرة الأيام ـــ أن تحمل، وتضعَ صبيّاً بعد تسعة أشهر.‏

لقد كانا على وفاقٍ تام، ولم يكن هناك احتمال لغير ما حدث، فقد غرقَا في الحبِ حتى أذنيهما، ولاسيّما خلال المرحلة الدراسيّة في دار المعلّمين.‏

بعد التخرّج اختار جان التدريس في هذه المنطقة الجبليّة النائية، المقفرة والمرعبة، ولم تعارضه أو تلحق بهِ، مع أنها تزوّجته، وهكذا عاشا؛ كلٌ منهما بعيد عن الآخر. حصلت هي على عمل في بلدتها، ورفضت أن ترافقه إلى هذه المنطقة البعيدة بهدف التدريس، على الرغم من الدعوات الصادقة لها من قبل سكان القرية، وقيادة المقاطعة. لم يلمْها جان أبداً، وذلك لأن لكل إنسان ميوله الخاصة ـــ من وجهةِ نظره ـــ فلماذا يضحّي الواحدُ بنفسه لأجل الآخر؟! الحبُ علاقةُ تفاهم متبادل وليست فرض الأفكار على الطرف الآخر.‏

في مثل هذا اليوم، منذُ عشرين عاماً، تعرّضت هذه المنطقة إلى فيضان مفاجئ، وقد أودى اندفاعُ جان لإنقاذ تلاميذه الذين جرفهم السيل بحياته، فبقيَ في هذه الأرض القفر الفقيرة إلى الأبد. يومَها سارعت إلى المجيء مصطحبةً طفلها. لم تكن تنتحب، ولم يبد عليها الشعور بالذنب أو الندامة؛ بل بدتْ وكأنّها مخدّرة.‏

عندما غارت القرية إلى بلدتها، قالت للقرويين إنها ستعود يوماً ما. عشرونَ عاماً مضت وهاهي ذي تعودُ من جديد. خدّدتْ وجهها السنون؛ وصبغت صدغيها باللون الأبيض، تضاعيفُ المشقّة ارتسمتْ على جبهتها، واستقّرَ حزنٌ ثقيل في عينيها المتعبتين. ذهبت إلى قبر جان برفقة الشاب، ركعت على ركبتيها وبكت: "جان هونغ لقد عدتُ ومعي ولدنا شانر، هاهو ذا قد تخرّجَ في كليّة المعلّمين، وجاءَ ليعلّم الأطفال هنا، هو من لحمك ودمك، وينتمي إلى هذهِ المنطقة الجبليّة أيضاً.‏