عرض مشاركة واحدة
قديم 11-02-2013, 12:26 AM
المشاركة 44
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تخَيَّلْتُ أَنَّي عِشْتُ مِن قَبلُ حِقْبَةً=وأَنَّ حَياتي واقِعٌ يَتَكَرَّرُ!
فقد كُنْتُ طَيْراً في الفضاءِ مُحَلَّقاً=يَفِىءُ إلى إِلْفٍ به العُشُّ أَخْضَرُ!
حَنُون. فما تَلْقاه إلاَّ مُغَرِّداً=ومِن حَوْلِهِ الأَّشجارُ تُشْذِي وتُثْمرُ!
ولكنَّه يَخْشى الجوارحَ تَرتَمي..=عليه . وتَنْقَضُّ انْقِضاضاً يُدَمِّرُ!
ومَرَّتْ سنُونٌ أو قُرونٌ تَصَرَّمَتْ=عَلَيَّ. وما أّدرِي. فَإِنِّي مُسَيَّرُ!
فإِذْ أنا صَقْرٌ في الفضاءِ مُحَوِّمٌ=له صَوْلَةٌ مُخْتالَهٌ تَتَبَخْتَرُ!
يُفَتَّشُ في أَجْوائِهِ عن فَرِيسَةٍ=بلاَ رَحْمَةٍ يَنْقَضُّ ثم يُسَيْطِرُ!
يُصيدُ.. ويَطْوى جُوعَهُ غَيْرَ آبِةٍ=بِشيءٍ. فإَنَّ الصَّيْدَ رِزْقٌ مُقَدَّرُ!
ويأْوي إلى عُشَّ مُرِيحٍ مُنَعَّم=بأفراخِهِ . وهو الحَصِينُ المُسَوَّرُ!
وضِقْتُ بهذا العَيْشِ ذَرْعاَ فَرَدَّني=قَضائِي إلى ما كنْتُ أَخشى وأَحذَرُ!
غَدَوْتُ هِزَبْراً يسْتبِيحُ بِحَوْلهِ=وقُوَّته ما شاءَ .. يَنْهى وَيأْمُرُ!
كما المَلِك الجَبَّار تَعْنو لِحُكْمِهِ=رَعِيَّتُهُ. لو غاصَ في الصَّدْرِ خَنْجَرُ!
له مَأْكَلٌ منهم. لهُ خَيْرُ مَشْرَبٍ=وهم طَوْعُ ما يُملي وما يَتَخَيَّرُ!
وقد يَسْتوي ما بَيْنَهُم فَتَرُوهُمْ=بَراثِنُ حُمْرٌ تَسْتذِلُّ وتُنْذَرُ!
شَقِتُ فَناداني غَدٌ مُتَذَمِّرٌ=خَسئْتَ فَبِئْسَ الظَّالِمُ المُتَجَبِّرُ!
فقُلْتُ له مَهْلاَ فإِنِّي لَكارِهٌ=حَياتي فإِني الخاسِرُ المُتَبَطَّرُ..!
وأَسْدُرُ في غَيِّ الحياة وأَرْعَوي=فَاَبْكِي.. وتَطْوِيني رُؤاها وتَنْشُرُ!
وإنِّي على ما كانَ مِنِّي لَنادِمٌ=فهل ندمِي يُجْدي.ويُجْدي التَّدَبُّرُ؟!
فقال .. بَلى . إنَّ التَّدَبُّرَ نِعْمَةٌ=عَلَيْكَ. وقد يَتْلُو.. فَيَهْدِي التَبصُّرُ!
وأَغْضَيْتُ لا أّدْرِي أَقَرْناً صَرَمْتُهُ=وإلاَّ قُروناً .. ثم كانَ التَّغَيُّرُ..!
فَألْفَيْتُنِيِ ظَبْياً غريراً .. وظَئْرُهُ=بِجانِبي . فارتْاحَ مِنَّي التَّصَوُّرُ!
ولكِنَّني أَحْسَسْتُ خَوْفاً مُمَزَّقاً=حَشاي . ولَوْلا الله ما كنْتُ أَصْبِرُ!
فَلِلًّهِ ذِئْبٌ مُشْرَئِبٌ لِصَيْدِهِ=ولّلِه ما يَلقى من الذَّئْبِ جُؤْذَرُ!
ولكِنَّني رَغْمَ الرَّدى كنْتُ راضِياَ=بضَعْفي. فَكَمْ أَشقى ودَمَّرَ عَنْتَرُ!
وشاءَتْ مقاديري نَجاتي. ورُبَّما=نجا الضَّعْفُ مِن كِسْرى. وحاباهُ قَيْصرُ!
قُرُونٌ مَضَتْ ثم انْتَهَتْ بي لِصَحْوَةٍ=مُغاضِبَةٍ.. تُبْدِي الأُمورَ وتَسْتُرُ!
تراءى بها رُوحي العَجيبُ وهَيْكَلي=كما كانَ إنساناً بَراهُ التَّطَوُّرُ!
فَأَطْرَقْتُ ما أَدرِي. أَأَرْبِحُ بالَّذِي=رَجَعْتُ إليه اليَوْمَ؟أَو سوْف أَخْسَرُ!
أَرى في حَناياي الضَّلالةَ والهُدى=خَصِيمَيْنِ من سَيْفَيْهما أَتَقَطَّرُ..!
تَحَيَّرتُ ..أَطْواري العَدِيدَةْ كُلُّها=سلامٌ وحَرْبٌ. نَعَجَةٌ وغَضَنْفَرُ!
وأَنْكِرُ مِنْها حَالَتَيْها.. وأَنْثْني=وقد مَسَّ أَعْصابِي الوَنى والتَّوَتُّرُ!
فأَيُّ سَبِيلَهْا أَنُوءُ بِكَلْكَلٍ=إذا سرْتُ فِيه . شَدَّ ما أَتَحَسَّرُ..!
لقد كانَ يَلْوي من خُطاي تَرَدّدِي=وعادَ فألوى من خُطايَ التَّهَوُّرُ!
وأَتْخَمنَي مِن بَعْد مَخْمَصتي الغِنى=ومِن بَعْد فَقْرِي نالَ مِنِّي التَّضَوُّرُ!
كفَانيِ من العَيْش الرَّضِيَّ. وَضِدَّهِ=كَفاني وإنْ لم يَسْتَذِلَّ التَّعَثُّرُ!
متى أَهْتَدِي لِلرُّشْدِ دُونَ غِوايَةٍ=وأَحْظى بِوِرْدٍ حِينَما شِئْتُ أَصْدُرُ؟!
متى قَلِقِي هذا يَعودُ سِكِينَةً=فَأَرْتَدُّ مِنْها بالحقيقةِ أَجْهَرُ؟!
لقد كنْتُ قَبْلَ اليَوْم أَهْدى تَفَكَّرا=فما لي بهذا اليَوْمِ لا أتفكَّرُ؟!

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....