عرض مشاركة واحدة
قديم 11-27-2013, 11:16 PM
المشاركة 13
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نظرية التعلم الجشطلتية

الجشطلتية مدرسة سيكولوجية تأسست ببرلين في ألمانيا بين 1910 , 1920 واهتمت ببحث و دراسة موضوع الإدراك وتنطلق في ذلك من مبدأ الكلية ، إذ لا يمكن تحديد سلوكات بعتاصرها الفردية بل لابد من إدراكها داخل كليات . فليس هناك عناصر معزولة بل كل تجربة تخضع لتنظيم في مجال ما ، فتحليل سلوك الفرد لا يمكن أن يتم إلا من خلال العلاقات بين عناصر المجال .
الجشطلت حسب فرتيمر " كل مترابط الأجزاء باتساق وانتظام ، بحيث تكون الأجزاء المكونة له في ترابط دينامي فيما بينها من جهة و مع الكل ذاته من جهة أخرى ، فكل عنصر أو جزء من الجشطلت له مكانه و دوره و وظيفته التي تتطلبها طبيعة الكل "
التعلم عند الجشطلتيين لا يتم بالمحاولة والخطأ و ما تقتضيه من ارتباطات ميكانيكية جزئية يقول كوفكا " مبدأ المحاولة والخطأ يعني في المقام الأول أن لاشيء جديدا يمكن أن يتعلم ، هو استبعاد بعض الاستجابات و تثبيث ما بقي منها ، و لكن ليس لهذا السلوك أي غرض أو اتجاه ، و على حيوان التجربة أن يحاول عبثا ، كما أن استبعاد الحركات الخائبة و تثبيت الصائبة ، يجب أن يتقدم دون مشاركة من جانب الحيوان ، إذ ليس للحيوان في وضعية التعلم أدنى فكرة عن السبب الذي من أجله يتحول سلوكه .. "
فالجشطلتيون يرفضون فكرة أن السلوك ينحل إلى وحدات استجابة ـ مثير ، فليس هناك وجود لرابطة بين هذين العنصرين ، سواء أكانت هبة من الطبيعة أو مراسا وخبرة ، كما أن الغريزة ليست سلسلة من الأفعال النعكسة ، ، وليس السلوك التعلمي المكتسب نسقا من انعكاسية مرتبطة ببعضها عبر سيرورة إشراط . حيث يقول كوفكا :" إن الطفل لا يبدأ حياته بطائفة من الحركات المنعكسة منفصلة ثم تصبح بالتدريج شرطية و متلازمة في السلوك ، وإنما يبدأ الطفل بسلوك من نوع متدفق و غير منظم تنظيما كافيا ، و تكيفه بالبيئة يضمن هذا التنظيم ، سواء في الجانب الحسي أو الحركي عن طريق انضواء هاذين البعدين في النشاط الكلي للكائن العضوي ، هذا النشاط الكلي يقترن منذ البدء بخاصية الغرضية و القصدية "
يرى فرتيمر : " ... وهكذا فإن العملية السيكولوجية للاستبصار ، تشكل جوهر اهتمامات العالم الجشطلتي في سيكولوجيا التعلم ، فالتعلم يكون قد تم عندما يتم الفهم ، وعندما تتم تنمية الاستبصار في الطبيعة الحقيقية للموقف المشكل و عندما يعدل المتعلم بطرق تظهر أن الملامح الهامة للعمل المراد تعلمه قد تم إدراكها ، .......، و أحد الاختيارات التي توضح فيما إذا كان التعلم قد تم فعلا ، هو التحقق من أن ما تم تعلمه يمكن تعميمه على عمل آخر له علاقة بالعمل الأول . "

مفاهيم جشطلتية

البنية : هي القاعدة الأصل في كل جشطلت ، و هي تتشكل من العناصر المرتبطة بقوانين داخلية ، تحكمها ديناميا و وظيفيا ، فكل تغير في عنصر بالضرورةيؤثر في البنية ككل .
الاستبصار : هو الإدراك المتدبر التحليلي الذي يصل بالمتعلم إلى اكتساب الفهم ، أي فهم مختلف ابعاد الجشطلت ، أو الموقف الإشكالي موضوع التعلم ، وضبط ترابط أجزائه و أشكال و صيغ اشتغاله الوظيفي .
التنظيم : تتحدد سيرورة التعلم في عملية الكشف عن الصيغ التنظيمية التي تحكم بنية الجشطلت ، فإذا كان مجال الموقف التعلمي يحمل قاعدة بنية تنظيمية تحدد تمفصلاته ، و صيغ انبنائه ، فإن هذه المبادئ المنظمة له تصبح الحقل المباشر لفعل التعلم .
إعادة التنظيم : إن بناء التعلم يقتضي الفعل في موضوع التعلم ، أي إعادة هيكلته ، وتنظيمه على ضوء سيرورته ، و من ثم تتغير إدراكات المتعلم السابقة للموقف و لمجاله ، أي أنه يعيد تنظيم مدركاته ومعارفه من خلال تجاوز أشكال الغموض و التناقض السابقة و تحقق الاستبصار و الفهم الحقيقي ، وهذا لا يتأتي إلا من خلال سيرورة إعادة التنظيم .
الانتقال: لا يمكن التحقق من حصول التعلم إلا بشرط تعميمه على مواقف مشابهة في البنية الأصلية ، و مختلفة في أشكال التمظهر . إن التعلم يعني قدرة نقل المتعلم لاستبصاره إلى مواقف متنوعة ذات صلة بالمشكلة الأصلية " فالاستبصار الحقيقي هو الذي ينتقل إلى المجالات المرتبطة و الملائمة .
الدافعية الأصلية : إذا كانت السلوكية تعتبر التعزيز مرتبطا بمثيرات خارجية هي التي تساهم في ترسيخ السلوك أو انطفائه ، فالجشطلتية ترى التعزيز يكون داخليا . فالسعادة الداخلية تتأتى كلما تمكن المتعلم من فك غموض الجشطلت وتحقق الاستبصار .
الفهم والمعنى : سياق التعلم يساوي الانتقال من وضعية تكون فيها عناصرها و وخصائصها لا منعى لها ، أي غامضة و متناقضة ، إلى وضعية تصبح فيها العلاقات بين الأجزاء ذات معنى ، أي قابلة للفهم . فالفهم إذن هو كشف استبصاري لمعنى الجشطلت .

مبادئ التعلم الجشطلتية

الاستبصار شرط للتعلم الحقيقي : إن المعرفة هي تفكيك للموقف أو الظاهرة و ذلك باستعمال الإدراك والتحليل و تقنيات الكشف عن مكونات البنية الداخلية ، فبناء المعرفة أو اكتساب المهارة ليس إلا نتيجة مباشرة لإدراك الموقف و استبصاره . إن الاستبصار يتعارض مع بناء عشوائي و اعتباطي للمعرفة كالحفظ و التعلم بواسطة التكرار فالبناء الإدراكي يقترن بالتشكل الترمزي للمعلومة في الذاكرة حيث تصبح أثرا راسخا ، فإدراك المعطى جزء من انبنائه و انبناؤه متلازم مع استبصار قواعد تنظيمه و فهم معناه ، وبالتالي ترسبه في عمق الذاكرة .

الفهم و تحقق الاستبصار يفترض إعادة البنينة : كل شخص يحمل تصورا "انطباع" عن موقف أو ظاهرة ، لكن أثناء الفعل التعلمي يتم الاشتغال على تفكيك عناصر " الموقف ، الظاهرة " ليحصل الفهم ، وبالتالي إعادة بنينة معطياته في تنظيم استبصاري يعتبر قاعدة السيرورة التعلمية .

التعلم يقترن بالنتائج يرى علماء الجشطلت أن نتائج أعمالنا و سلوكاتنا و صيغ تفكيرنا تقود أشكال تعلمنا بشكل تلازمي ، و يرى كوهلر أن النتائج هي صيغ الضبط و التعديل و التقويم اللازم للتعلم .

الانتقال شرط التعلم الحقيقي عندما يضبط المتعلم انتظام الموقف و الظاهرة ويكتشف قوانينها وأسسها و القواعد المتحكمة فيها ، يكون مؤهلا للانتقال بهذا الاستبصار إلى مواقف مشابهة و وضعيات جديدة ، فالتعلم الحقيقي هو الذي يفتح أفق ممارسته و استثماره على وضعيات من الواقع الموضوعي خارج المدرسة .

الحفظ والتطبيق الآلي للمعارف تعلم سلبي تبين علميا أن المعلومات التي يتم اكتسابها بالحفظ والاستظهار ، يتم نسيانها بشكل سريع عكس التي تم فهمها واستبصارها ، كما يتعذر نقل المعارف التي تم تلقينها آليا بالحفظ و تعميمها في وضعيات جديدة .

الاستبصار حافز داخلي قوي ، والتعزيز الخارجي سلبي : إذا كانت السلوكية ترى المكافأة والتعزيز الإيجابي الخارجي فاعلا في ترسيخ الاستجابة و بناء السلوك فإن الجشطلتية ترى أن ذلك التحول من وضعية التصور و الانطباع الذي يسوده الغموض إلى حالة فهم الموقف واستبصاره عند حدوث التعلم ، هو تعزيز قوي ، ذلك أن الغموض يصيب بالقلق و استبصار الموقف يعتبر تجربة سعيدة عند المتعلم . فلذة إنجاز تمرين في الرياضيات مثلا و كشف البرهان المناسب تحقق الرضا عن الذات و يخلق نوعا الانتصار و التحدي على العوائق الخارجية ، وبالتالي هو التعزيز الأصلي النابع من الداخل .

الاستبصارتفاعل إيجابي مع موضوع التعلم
: إن الإدراك السطحي للوقف يبني معرفة غير صحيحة وهو ناجم عن عدم إعطاء قيمة حقيقية لموضوع التعلم ، لأن الانطلاق من موقف تبسيطي و التقليل من نسبة تعقيد أو صعوبة الموقف من شأنه أن يكرس حالة الغموض والتشويش عند المتعلم ، لأنه بذلك يبتعد عن الموضوع و يبني إدراكا زائفا و مغلوطا . إن الاستبصار تدبر و تعقل للذات في الموضوع ، إنه عملية الكشف التي تمارسها الذات عندما تنفصل عن الموضوع لتعقلنه في قانون أو قاعدة أو رمز أو معلومة كلية .