عرض مشاركة واحدة
قديم 11-02-2013, 12:22 AM
المشاركة 42
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تنْهَشُني الأَثامُ نَهْشَ الذَّئابْ=وتَنْثَني عنَّي جياعاَ غِضابْ!
يا نفس قد أَوْرَدْتني مَوْرِداً=ذَهابُه يُصِدُ دُوني الإِيابْ!
حاوَلتُ أَنْ أَرْجِعَ لكنَّني=وَجَدْتُني أَشْتاقُ عَذْبَ الشَّرابْ!
فكيف لي يا نفسُ أَنْ أَرعَوِي؟!=كيف.. وأَنتِ الغَيُّ. أَنْتِ العَابْ؟!
ظَمِئْتُ للماء فأَدْنَيْتِني=لا لِلفُرات العَذْبِ. بل للسَّرابْ
يا لَيْتَني عاصَيْتُ داعي الهوى=حتى ولو أَدْمتْ جُنُوبي الحِرابْ!
مضى شبابي واغِلاً في الخَنى=وخَيْرُ ما نَمْلِكُ.. نحن .. الشَّبابْ!
وها أنا اليَوْمُ بِشَيْخوُخةٍ=وانِيةٍ تَسْلُكُ تِلْكَ الشَّعابْ!
متى أَراني عائداً لِلْهُدى=ما أَشْتَهي الكَأْسَ. وحُلْوَ الكِعابْ؟!
أرى رِفاقي بعد ما أَمْعَنُوا=في اللَّهْو عادُوا خُشَّعاً للصَّوابْ!
فهل أنا وَحْدي الذي يَجْتَوي=رَشادَهُ.. مُسْتَهْدِفاً لِلْعِقابْ؟!
وهل أنا الغاوِي الذي يَسْتوي=بِدَرْكِهِ المُظْلِم.. دُونَ الصِحاب؟!
أمامَه الأخْرى .. ويا وَيْلَتا=من سوء ما سَطَّرهُ في الكِتابْ!
يا وَيْلهُ وهو الذَّكِيُّ الذي=يَعرفُ ما يَلْقاهُ يَوْمَ الحِسابْ!
كيف تَوارى عَقْلُهُ في القَذى؟!=كيف تَوارى حِسُّهُ في التُرابْ!
فَكّرَ في الرُّشْدِ.. ولكنَّهُ=عاصاهُ.. ما أَوْحَشَ سُودَ الرِّحابْ!
آثَرَ مِن ضَغْطِ الهوى قِشْرَهُ=واختارَهُ دُون كريم اللُّبابْ!
فَيا لهُ مِن بُلْبُلٍ عاثِرٍ=بَدَّلَ بالشَّدْوِ نعِيقَ الغُرابْ!
كانَ بِرَوْضِ مُونِقٍ حافِل=بالثَّمَر الحالي .. بما يُسْتطابْ!
من زَهْرٍ يَنْفَحُ عِطْراً.. ومِن=جَداوِل تَحْلو كماءِ السَّحابْ!
كانِ له شِعْرُ بَديعُ الرُّؤى=مُحَلِّقِ ..مُسْتَشْرِفٍ كالشَّهابْ!
يُضيءُ بالشِّعْر جميعَ الصُّوى=فَيُرْشدُ السَّاري. ويَشْفي المصابْ!
يُجلُّهُ الرَّبْعُ.. ويَعْلو بِهِ..=لأّنهُ يَرْفَع عَنْه الحَجابْ!
لأَِنَّه يُسْدِي إليه المُنَى=تَخْطُرُ بالحِلْيِ وغالي الثَّيابْ!
مُهَنْدسِاً كانتْ له حِكْمةُ=تُعِيدُ للْعُمْرانِ .. بعد الخَرابْ!
كأَنَّما يَغْرفُ مِن عَلْيًم..=دُرَّا يُحَلِّي زَيْنَباً والرَّباتْ!
وتَقْتَنِيهِ النَّاسُ ذُخْراً لهم=لأَنَّه يَحْمِلُ فَصْلَ الخِطابْ!
فَما لَهُ يَهوي إلى حفرة=لَيْس بِها إلاَّ طَنِينُ الذُبابْ!
مُظْلِمَة.. مُفْضِيَةٌ للِردَّى=كالقَبْرِ ..يالَ الخِزْي . يالَ التَّبابْ!
ماضِيةِ يَسْتَصْرِخُ مِن حاضِرِ=هُداهُ.. والحاضِرُ يُخْفي الجَواب!
لأَِنه اسْتَلًم في شِقْوَةٍ=بِسَطْوَةِ أَلْوَتْ به فاسْتَجابْ!
يَرْحَمْهُ الله.. وكم أَنْقَدَتْ=رَحْمَتُه. كم أَخْصَبَتْ من يَبابْ!
كم أَكْرمَتْ مِن خاسِرِ آبِقٍ=فطابت العُقْبى. وطابَ المتابْ!
لقد رَأىِ بَعْد العَمى نَيْزكاً=يُضيءُ. فاسْتَأَنس بَعد اغْتِرابْ!
قال.. لَعَلَّ النَّجمَ مِنَ بَعْدِهِ=يَأْتي. ويَأتي البَدْرُ بَعْد الغِيابْ!
فَيَرْجعُ الطَّيْرُ إلى رَوْضِهِ=مُغَرِّداَ بعد طَويل النُّعابْ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....