عرض مشاركة واحدة
قديم 11-26-2011, 12:17 PM
المشاركة 79
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبد الرحمن مجيد الربيعي


محمد نوري قادر
الحوار المتمدن - العدد: 3526 - 2011 / 10 / 25 - 16:58
المحور: الادب والفن
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع

زنبقة أزهرت بجوار الزقورة تحمل أريج كلكامش مزهوّة بأناشيد المعبد وشاهدة على المرارة الحية تغازل أحشائنا وتقول ما نريد قوله , تصفعنا بالبهاء ونستلقي في رحابها , نستفيء ظلها في كل المواسم وهي ترتل ما تشاهده في قصص رائعة ملك العبير جوفها فنثرته كما تحب وكما هو في أجمل صورة , ذلك هو الروائي والقاص عبد الرحمن مجيد الربيعي فمه الفرات وأنفاسه دجلة تتعانق في أكثر المنحدرات خصوبة , فملأ اسمه الأصقاع أحب الفن منذ صباه فتغلغل في أعماقه وأصبح مبتغاه درّس الفن التشكيلي في مسقط رأسه عاشقا له وان تركه لكنه بقي في أحشائه يحترق قصائد وقصص مستغرقا بالتفاصيل وما يخط قلمه ليصبح وهجا آخر ينتشر بمساحة اكبر, يرى الأشياء كما هي بلا زيف أو تطفل أو غاية , يفيض موّدة وعشقا أزلي للوطن كما هو السومري الأصيل الذي يتربع عرشه مزهوا بإرث ملأ شذاه الكون محلقا في فضائه الواسعة , ويبحر في زورق جميل إذا تعبت جناحيه عن التحليق ,إكليله الصدق يتأمل عمق التاريخ الراهن في الواقع وفي عمق الأسطورة بعيدا عن الهذيان المسترسل الذي لا يطابق أفكاره وحمله الذي يراوده في سلوك رضعه من ترابه فأصبح مادته المطابقة لأفكاره , محلقا عاليا فوق المدن التي خفق جناحه فيها والتي يراها كأنها امرأة فاتنة , رافضا ما يغريه كما هو شأنه دائما وما أوقع الكثيرين غيره فيها , وممتعضا بنفس الوقت من أسماء لا علاقة لها بالإبداع ممن يمتهنون حرفة الكتابة
يرى المدن كأنها النساء ويعشقها كأنها هي وما يجعلها تعيش معه وذلك ما جعله مغتربا ويعود إليها عاشقا وكما رسمه قدره , فهو كالنورس لا يحب إلا شواطئه ولم يفكر في الذهاب بعيدا كما يحلم الآخرين لا خوفا من الضياع وإنما حبا أن تقرأ أعماله بلغة ترابه وما يصدح فيها مزماره
يؤلمه حد الوجع ما يراه قد طفح من البثور التي تحمل القيح وتثير الريبة في نفوس المعنيين في الأدب ممن يراه قد فقد بعض عطره عند المتطفلين عليه يشاركه آرائه كثير من الأدباء والنقاد كما يختلف معه الكثير , متواضعا كبيئته التي نشأ فيها وترعرع , صادقا وجريئا وهو ما أحب إلى نفسي وما يحبه المرء في كل مكان يجد نفسه فيه
هو من جيل الستينات عاصر الكثير من الأدباء أمثال السياب ونازك الملائكة وسعدي يوسف وعبد الوهاب البياتي وغيرهم , خط لنفسه طريقا وحرفا يمتاز به ليكون هو غير مقلد لأحد رغم ما عاشه الإنسان أو بالأحرى جيله من تداعيات مستعينا بفنه مجسدا روح المخاطرة فيه رافضا أن يكون تقليديا كما أراده الزمن الذي يعيش فيه فحمل الفن مركبه وسار كما أراد بخطى ثابتة يجوب هذا البحر الشاسع والأمواج التي تلاطمه ينشد ما تعزف أنامله ,حيث بدأ مساره الفني والفعلي بالقصة القصيرة رغم انه نشر في مجلة أشعار قصائده الأولى عام 1962 مثابرا على تأكيد وترسيخ ما يقدم من أعماله القصصية وهو يجسد ما هو شخصي وما هو عام وما هو حاضرا وما هو دائم متنقلا في خط رائع من الجزئي إلى الشمولي ومما يدعوا النظر بعين ثاقبة وما يتلمسه من واقع يعيشه , ينقل أفكاره بوضوح كما هي حياته اليومية وعليه يمكن القول إن شخصيات الربيعي واضحة جدا وتعيش حاضرها كما هو ومنغمسة فيه ومستقبلها جزء لا يتجزأ من الحاضر لأنها تعيش فيه دمث الخلق منتميا إلى وطنه بكل جوانحه , حاضرا دائما , محب للناس ومحب لمدينته فهو دائم العطاء رغم الغربة حيث أهدى أكثر من ألف كتاب إلى مكتبتها المركزية حسب شهادة العاملين فيها , له حضوره الوطني والقومي والعالمي ومؤمنا بما يعبر عنه وما يخرج من ذاته , ملتصقا بما يدور حوله , كل كتاباته لها مضمون متكامل وكل عنصر فيها له فعله الإنساني , كل قصصه شيقة الحدث وهي سجل زاخر بالأحداث والذكريات والمعاني سببها الرئيسي الصلة الوثيقة مع الجذور الراسخة والمتوهجة حبا, كما يتمتع بقدرة هائلة على إثارة الأسئلة تبحث بلا كلل عن أجوبة وهي ميزة لا يشاركه فيها احد فيما يبوح من أصالة ونقاء متميزا في عطائه بسيطا في عفويته وعميق المعنى ومتجددا ولم يتبع بخطواته احد , ينفث ما يغازل روحة في قصصه ورواياته شعرا من خلال الصور التي تتوهج في مشاعره ومشاعر الإنسان فتخلق تواصلا حميميا بينهم , فهو بحق رائد من رواد القصة في العراق , كتاباته الزاخرة مبنية على أسس وقواعد فنية تعالج الواقع وتتفاعل معه وتسبر غوره , مسكون في وميض الحرف اللامحدود ممتزجا بالنغم والإيقاع الذي يصاحبه وما يرقص ذاته وما يحيط حوله مع الآخرين وقد قال عنه صديقه عبد الستار ناصر في مقال نشرته الزمان ( لم يبق من شيء من عالم الربيعي المتشعب إلا وكتبه ومن صندوقه المحشو بالأسرار إلا وفتحه، وما من زقاق أو شارع أو محلة أو مقهي أو حانة أو مطعم الا دخل اليه وجاء على ذكره في بغداد كان ذلك أو في بيروت، ودائماً مع هذا الصديق أو ذلك المحب)
كما توجد أيضا شهادات عديدة هامة بحقه بصمها أدباء مثل نجيب محفوظ وآخرين من مختلف الدول العربية كما هي الشهادات بحقه في وطنه الام العراق وهي تتحدث عن إبداعه وتفوقه.
يقول عن نفسه
*عندما أكتب لا أضع أي محذور أمامي

* أنا من الكتاب الخارجين على التبويب تحت عناوين معينة والمنتمين إلى أنفسهم وإلى همومهم.

* هناك دائما ما هو صعب وعصي في شخصي، وهذا لم يعرفه إلا أولئك الذين عايشوني عن قرب
ذلك هو ما تعطرت به من أريج هذا الشامخ الذي عاش هنا ولم يزل بيننا