عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2019, 05:07 AM
المشاركة 8
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي نهاية الجزء الرابع
29-ليف

على بعد آلاف الأميال,ليف على وشك الوصول أيضا.لكن الوجهه ليست خاصته,إنها لسايرس فينش. (جوبلن,ميزورى.)
“موطن نسور جوبلن العاليه,المسيطرون فى بطولات الولايه لكره السله للبنات,” يقول سايفى.
“أنت تعرف الكثير عن هذا المكان.”
“أنا لا أعرف أى شئ عنه,”يتمتم سايفى,:”هو يعرف..أو كان يعرف,,أو أيا كان”

رحلتهم لم تصبح سهله.بالطبع لديهم مال الآن,فضلا لصفقه ليف فى متجر الرهانات, لكن المال جيد فقط فى شراء الطعام.لا يستطيع توفير تذاكر قطار لهم, ولا حتى تذاكر للحافله..لأنه لا يوجد أكثر ريبه من وجود قاصرون يدفعون ثمن تذكرتهم بأنفسهم.

كما يبدو فالأمور بين ليف و سايفى على وضعها,بوجود استثناء واحد كبير,غير منطوق.
سايفى قد لا يزال يلعب دور القائد,لكنه ليف هو من فى القياده.
يوجد لذه مليئه بالذنب فى معرفه أن سايفى سينهار لو لم يتواجد ليف ليلملم أشلائه.

بوجود جوبلين على بُعد عشرون ميل,فارتعاش ساى يصبح سيئا للغايه ,حتى يُصبح المشى صعبا عليه. إنه أكثر من مجرد ارتعاش الآن,إنه ارتعاد يهز جسده كنوبه صرع, تاركه إياه يرتجف.

يعرض ليف عليه معطفه,لكن ساى فقط يُبعده,:”أنا لست بارد! الأمر ليس عن الشعور بالبرد! إنه عن كونك خاطئا.عن وجود ماء و زيت فى هذا الدماغ بداخلى.”

ماذا سيفعل ساى بالتحديد حين يصل لجوبلين,هو لغز بالنسبه لليف_و الآن يدرك أن ساى لا يعرف أيضا_و أن تلك الأجزاء من ذاك الفتى فى دماغه تجبره على الفعل,إنه خارج استيعاب ساى.

ليف فقط بأمل أنه شئ هادف,وليس شيئا مدمر...بالرغم من عدم قدره ليف على صرف فكره أن أيا ما يريده هذا الفتى,فهو سئ .. سئ للغايه.

“لماذا مازلت معى يا فراى؟” ,يسأل سايفى بعد أحد نوباته الراجفه.:”أى شخص عاقل كان سيرحل من أيام.”
“من قال أننى عاقل؟”
“أوه,أنت عاقل, يا فراى.أنت عاقل للغايه,لدرجه تخيفنى.أنت عاقل للغايه,حتى أنه غير عقلانى.”

يُفكر ليف لوهله.هو يريد أن يعطى سايرس إجابه صادقه,ليس فقط شيئ لإبعاد السؤال.:”أنا باقِ,”يقول ليف ببطء,”لأن على أحد ما أن يشهد ما سيحدث فى جوبلين. على أحد ما أن يفهم لماذا فعلتها ,أيا كان الذى ستفعله.”
“أجل,”يقول سايفى.”أحتاج لشاهد.هذا هو الأمر.”
“أنت كسمكه سالمون تسبح ضد التيار,”يعرض ليف,:”إنه بداخلك أن تفعل هذا.وهو بداخلى أن أساعدك تصل إلى هناك”.
“سالمون.”يتمعن ساي الفكره.:”لقد رأيت ذات مره هذا الملصق عن السالمون. كان يقفز لأعلى من شلال,أتفهم؟لكن كان يوجد ذاك الدب على القمه,و السمكه, كانت تقفز مباشره فى فم الدب. الاقتباس تحت الصوره_كان من المفترض أن يكون طريفا_قال,رحله الألف ميل أحيانا تنتهى بسوء,بسوء شديد.”
“لا يوجد دببه فى جوبلين,” يُخبره ليف.
هو لا يحاول أن يُبهج ساى بأى مناظرات أخرى,لأن ساى ذكى للغايه,بإمكانه جعل أى شئ يبدو حزينا.!!

مائه و ثلاثون نقطه ذكاء,جميعهم مركزون على تحضير الدمار.
ليف لا يأمل أن يتنافس مع هذا.

تمر الأيام,ميل تلو الميل,مدينه تلو المدينه,حتى تلك الظهيره التى يعبروا بعلامه تقول,( الآن الدخول لجوبلين,السكان 45504)

30-ساى-تى

لا يوجد سلام فى عقل سايفى.فراى لا يدرك مدى سوء الأمر.فراى لا يعرف كيف تتلاطم المشاعر عليه كموجات تُحركها عاصفه على سور حاجز الأمواج الهش. الحاجز سوف ينهار قريبا,وحين يفعل,ساى سيفقده.
سيفقد كل شئ.عقله سيتدفق من أذنيه نحو بلاعات شوارع جوبلين.هو يعلم هذا.

ثم يرى العلامه,(الآن الدخول لجوبلين.)
قلبه ملكه,لكنه ينبض فى صدره مهددا بالانفجار,و ألن يكون هذا أمرا حسنا؟ سيهرعوا به إلى المشفى,يعطوه نابض شخص آخر,و سيكون لديه ذاك الفتى ليتعامل معه أيضا.!

هذا الفتى فى زاويه رأسه لا يُكلمه بالكلمات.
هو يشعر ,هو يُحاكى.هو لا يفهم أنه فقط جزء من فتى آخر ...تماما كالحلم,أنت تعرف بعض الأشياء,و أشياء أخرى عليك إدراكها ,لكنك لا تعرفها.
هو يعرف أين هو,لكنه لا يعلم أنه ليس هنا على الإطلاق.هو لا يعلم أنه جزء من شخص آخر الآن ,يظل يبحث عن أشياء فى عقل سايرس,أشياء ليست موجوده.
ذكريات,روابط .. يظل يبحث عن كلمات,لكن عقل سايرس يُشفر الكلمات بصوره مختلفه.و بالتالى يُخرج هذا الفتى غضب و رعب و أسى.!
موجات ترتطم بالحاجز,وتحت كل هذا,يوجد تيار يدفع ساي للأمام.شيئا ما يجب أن يُفعل هنا.
فقط الفتى يعرف ما هو.

“هل سيساعد لو امتلكنا خريطه؟”يسأل فراى.
يُغضب السؤال ساى.:”الخرائط لن تساعدنى” ,يقول.:”على أن أرى أشياء.على أن أكون فى أماكن.الخريطه فقط خريطه.إنها لا تعنى وصولنا هناك.”

يقفا فى زاويه فى أحد ضواحى جوبلين.
كالقفز فى الماء.لاشئ يبدو مألوفا.
”هو لا يعرف هذا المكان,”يقول ساي:”لنجرب شارع آخر.”

مجمع سكنى بعد الآخر,تقاطع بعد الآخر,نفس الأمر.لاشئ.جوبلين مدينه صغيره, لكنها ليس صغيره للغايه ليعرفها شخص بأكملها.
ثم,أخيرا يصلا إلى الشارع الرئيسى.يوجد متاجر ومطاعم أعلى و أسفل الطريق. تماما كأى مدينه أخرى فى نفس الحجم,لكن....
“انتظر!”
“ما الأمر؟”
“هو يعرف هذا الطريق ” يقول ساى,:”هناك!محل المثلجات هذا.أستطيع تذوق مثلجات اليقطين.أنا أكره مثلجات اليقطين.”
“سأراهن على أنه لم يكرهها.”
يومئ سايرس.”كانت المفضله لديه.ذاك الخاسر.” يشير بإصبعه إلى محل المثلجات و ببطئ يحرك ذراعه لليسار:”هو يأتى سيرا من هذا الاتجاه...” و يُحرك ذراعه لليمين,:”وحين ينتهى,يذهب لهذا الاتجاه.”

“اذا.. هل نتبع من أين يأتى,أم أين يذهب؟”
يُقرر ساي أن يذهب يسارا لكن يجد نفسه فى ثانويه جوبلين,موطن النسور.تأتيه صوره سيف,و فورا يعرف.:”المبارزه.هذا الفتى كان فى فريق المبارزه هنا.”
“السيوف لامعه,” يشير فراى. ساي كان سيرمقه نظرة ساخطه لولا لم يكن على حق تماما.
فالسيوف بالفعل لامعه. يتسائل ما إن سرق الفتى سيوف من قبل.و يكتشف أنه, نعم, على الأرجع قد فعل.! فسرقه سيوف الفريق المنافس هو تقليد يخلده الزمن فى المبارزه.
“هذا الطريق” ,يقول فراى, آخذا القياده.:”بالتأكيد قد ذهب من المدرسه,إلى محل المثلجات, للمنزل. المنزل هو حيث سنذهب,صحيح؟”

تأتى الإجابه لساي كرغبه قويه فى عقله تتجه مباشره نحو أمعائه.سالمون؟ بالأحرى أبو سياف مُغشى فى خط من الضباب,و ذاك الخط يسحبه بلا هواده نحو...
”المنزل,”يقول ساي.”صحيح.”

إنه الغسق الآن. الأولاد بالخارج فى الشارع. نصف السيارات مضيئه أنوارها الأماميه.
على حد علم أى شخص,فهم فقط طفلان من أطفال الحى,متجهون لأينما يتجه أولاد الحى... لا يبدو أن أحد يلاحظهم.لكن يوجد سياره شرطه على بُعد ناصيه. كانت مركونه,لكنها تبدأ بالتحرك الآن.

يعبروا محل المثلجات,وبينما يفعلا ذلك,سايرس يستطيع أن يشعر بالتغير بداخله.
إنه فى مشيته,و الطريقه التى يتحرك بها.إنه يجتاح كل نقاط التوتر على وجهه: إنهم يتغيروا. تنخفض حواجبه,فكه ينفتح قليلا. (أنا لست نفسى.ذاك الفتى الآخر يسيطر).أيجب على ساي أن يترك الأمر يحدث,أم يجب عليه أن يقاومه؟ لكنه يعرف أنه بالفعل قد تعدى مرحله المقاومه.
الوسيله المثلى لإنهاء هذا هو بتركه يحدث.

“ساي,”يقول الفتى بجواره.
ينظر ساي له,و بالرغم من أن جزء منه يعرف أنه ليس سوى ليف,فجزء آخر منه يهلع.
يدرك تلقائيا السبب.
يُغلق عيناه للحظه و يحاول إقناع الفتى فى رأسه أن فراى صديق,ليس تهديد.
يبدو أن الفتى يفهم,ويقل هلعه درجه.

يصل ساي لناصيه و يلتفت يسارا كما لو أنه فعل هذا مئات المرات.أما بقيته فترتجف بينما تحاول مجاراه فصه الصدغى المصمم.

الآن يساوره شعور متوتر,منزعج.هو يدرك أن عليه إيجاد طريقه لترجمته لكلمات.
“سوف أتأخر.سيصبحا غاضبان جدا,هم دائما غاضبان للغايه.”
“متأخر على ماذا؟”
“العشاء.عليهم تناوله تماما فى الوقت,و إلا سألقى الجحيم بسببه.بإمكانهم تناوله بدونى,لكنهم لن يفعلا,لا يفعلا.هم فقط يطهيان و يبرد الطعام.و هو خطأى, خطأى,دائما خطأى.لذا على أن أجلس هناك و هم يسألانى كيف كان يومى؟ لا بأس ... ماذا تعلمت؟ لاشئ ... ماذا فعلت سيئا تلك المره؟ كل شئ.”
إنه ليس صوته,إنها أحباله الصوتيه,لكنها مقامات مختلفه.لكنه مختلفه.كالطريقه التى كان سيتحدث بها لو أتى من جوبلين,موطن النسور.

بينما يلتفا عند ناصيه أخرى,ساي يلمح سياره الشرطه مجددا.إنها ورائهم,تتبع ببطء.
لا خطأ فى الأمر:إنها تتبع,وهذا ليس كل شئ...يوجد سياره شرطه أخرى أمامهم, لكن تلك السياره تنتظر فقط أمام أحد المنازل.منزله..منزلى.

بعد كلٍ ف(ساي) هو سمكه السالمون,و سياره الشرطه تلك هى الدب.لكن حتى مع هذا,لا يستطيع التوقف.
عليه أن يصل لهذا المنزل أو يموت وهو يحاول.

بينما يقترب من الممر الأمامى,يخرج رجلان من سياره تويوتا مألوفه مركونه عبر الشارع.إنهما الأبوان..ينظرا إليه,بالارتياح على وجههم,لكن أيضا الألم.
إذاً قد عرفا إلى أين كان سيذهب.هم بالتأكيد قد عرفا منذ البدايه.

“سايرس,”ينادى أحدهم.يريد أن يجرى عليهم,يريدهم فقط أن يأخداه للمنزل,لكنه يُوقف نفسه.لا يستطيع الذهاب للمنزل.ليس بعد.
كلاهما يسيران نحوه,يقفان فى طريقه,لكن بذكاء كافى ألا يقفا فى وجهه.
“على أن أفعل هذا,”يقول بصوت يعلم أنه ليس له على الإطلاق.

هنا حيث يقفز الشرطيان من سيارتهم و يمسكاه.هم أقوياء للغايه عليه ليحاول التملص منهم,لذا,ينظر لأبويه.”على أن أفعل هذا.”يقول مجددا,”لا تكونا الدب.”

ينظرا لبعضهما,غير فاهمان لقصده,لكن وقتها,ربما يفهمان,لأنهم يبتعدان جانبا و يقولا للشرطه,:”اتركاه يذهب.”
“هذا ليف,”يقول سايرس,مذهول أن فراى مازال مستعدا للمخاطره بأمانه ليقف بجوار ساي الآن.
“لا يزعجه أحد أيضا.”
الأبوان يأخذان لحظه للاعتراف بوجود فراى,لكن يعيدا انتباههم بسرعه لسايرس.

يُفتش الشرطيان ساي للتأكد أنه لا يحمل أى أسلحه,وعن رضى,يدعاه يذهب نحو المنزل.لكن..يوجد سلاح , إنه شئ حاد و ثقيل. حالا هو فقط فى زاويه عقله,لكن فى غضون دقائق لن يكون.
و الآن ساي خائف,لكن لا يستطيع أن يتوقف.

يوجد شرطى على الباب الأمامى يتكلم بنبره خافته لرجل و امرأه يقفان عند العتبه.ينظرا بتوتر لساى.
الجزء من ساي الذى هو ليس ساي يعرف هذا الثنائى اللذان فى منتصف العمر جيدا جدا, تصيبه صاعقه من المشاعر,حاده للغايه لدرجه إحساسه أنه سيحترق.

بينما يسير نحو الباب, الممر الحجرى يبدو أنه يتموج تحت قدميه كأرض منازل الملاهى. ثم أخيرا يقف أمامهم.يبدو الثنائى خائفا..مرتعبا.
جزء منه سعيد لذلك,جزء منه تعيس,و جزء منه يتمنى لو كان بإمكانه التواجد فى أى مكان آخر فى العالم,لكنه لا يعد يعلم لأين ينتمى أى جزء.
يفتح فمه ليتكلم, محاولا ترجمه مشاعره لكلمات.
“سلماه!” يُطالب:”اعطنى اياه يا أمى.اعطنى اياه يا أبى.”
تُغطى السيده فمها و تستدير ,و تُخرج دموع كما لو أنها اسفنجه فى قبضه محكمه.
“تايلر؟”يقول الرجل.”تايلر,أهذا أنت.”

إنها المره الأولى التى يمتلك فيها ساي اسم ليتماشى مع ذاك الجزء منه. (تايلر, صحيح.أنا سايرس,لكن أنا أيضا تايلر.أنا ساي-تاي.)
“اسرعا!” يقول ساي-تاي.:”اعطونى اياه...أحتاجه الآن!”
“ماذا يا تايلر؟,”تقول المرأه عبر دموعها,:”ماذا تريد منا؟”

يحاول ساي-تاي أن يقولها,لكن لا يقدر أن يأتى بالكلمه.لا يقدر حتى على تصور صوره صحيحه.إنه شئ.. سلاح.مازالت الصوره لا تأتى,لكن الفعل يأتى. هو يُقلد شيئا ما..يميل للأمام.
يضع أحد يديه أمام الأخرى.هو يحمل شيئا طويلا,يشير به لأسفل.يدفع كلا يديه لأسفل.
و الآن يعرف أن ما يسعى إليه ليس سلاح,إنها أداه.لأنه يفهم الفعل الذى يمثله.هو يحفر.
“مجرفه!”يقول بنفس فيه ارتياح.”أريد المجرفه.”
ينظر الرجل و المرأه لبعضهما.يومئ الشرطى بجوارهما,ويقول الرجل,”إنه بالخارج فى الكوخ.”
يتخذ ساي-تاي خط مختصر عبر المنزل خارجا من الباب الخلفى,و الجميع يلحق به:الثنائى,الشرطه,الأبوان,و فراى.

يتجه مباشرة للكوخ,يمسك بالمجرفه...لقد عرف تماما أين كانت..و يتجه نحو زاويه فى الباحه,حيث يخرج بعض الأغصان من الأرض ,تم ربط الأغصان على هيئه صلبان غير متوازنه.
ساي-تاي يعرف تلك الزاويه من الباحه.يشعر بهذا المكان فى أعماقه.هنا حيث دفن حيواناته الأليفه.هو لا يعرف أساميهم,ولا حتى أى الحيوانات كانوا,لكنه يشك أن أحدهم كان كلب ساطر.

يأتيه صور لما حدث لكل منهم.
تقابل أحدهم مع قطيع من الكلاب الشرسه.
آخر مع حافله,
الثالث,عمره الطويل.

يأخذ المجرفه و يدفعها فى الأرض,لكن ليس قريبا لأيا من قبورهم.هو لن يزعجهم أبدا ... أبدا.
بدلا,يدفع مجرفته فى الأرض اللينه على بعد ياردتان وراء القبور.
ينخر مع كل دفعه للجاروف,دافعا التراب للجانب.ثم.. على عمق قدمين فقط, تخبط المجرفه شيئا بصوت مكتوم , يهبط على أربعته و ينبش الأرض بيديه.

بعد إبعاد التراب,يمد يده,يمسك مقبض,ويشد, يشد, يشد حتى يخرج.
هو يحمل حقيبه عمل مبتله و مغطاه بالطين.يضعها على الأرض, وينقر القفلان بأصابعه ,ويفتحها.

فى اللحظه التى يرى فيها ما بالداخل,عقل ساي-تاي بأكمله يتوقف.هو متجمد فى إيقاف كلى للنظام. لا يستطيع أن يتحرك,أن يفكر ,لأن كله لامع للغايه,براق للغايه فى أشعه الشمس الحمراء المنحدره.
يوجد أشياء جميله عديده للنظر إليها,هو لا يستطيع التحرك.لكن عليه أن يتحرك. عليه أن يُنهى هذا.

يدس كلا يديه فى الحقيبه الممتلئه بالمجوهرات,يشعر بملمس سلاسل الذهب الناعمه تنزلق على يديه,يسمع جلجله المعدن على بعضه.
يوجد ماس و ياقوت,زيركون وبلاستيك.
الذى لا يقدر بثمن و الذى لا يُساوى شيئا,جميعهم مختلطون معا.هو لا يتذكر أين و متى سرق أيا منها,هو فقط يعلم أنه قد فعل.هو سرقها,اكتنزها و خبأها , وضعها فى قبره الصغير,ليستخرجها حين يحتاجها.
لكن إن استطاع إعادتها, حينها ربما....

بيديه مشبوكه فى السلاسل الذهبيه التى هى مُكبِله أكثر من الأصفاد التى على حزام الشرطى, يتعثر فى طريقه للرجل و المرأه.
أجزاء و قطع, خواتم و دبابيس تقع من الكتله المتشابكه على أرض الباحه.
ينزلقوا عبر أصابعه,لكنه مازال يمسك بما يستطيع حتى يصبح هناك..أمام الرجل و المرأه,اللذان يمسكان بعضهما الآن كما لو أنهما مرتعدان أمام طريق إعصار.
ثم يخر على ركبتيه,و يُلقى بكتله الأشياء اللامعه أمام قدميهم ,و..,بينما يتأرجح للأمام و الخلف,يتوسل ببؤس.
“أرجوكم,”يقول,”خدوه.أنا لا أحتاج إليه.أنا لا أريده.”
“أرجوكم,”يقول.”افعلا أى شئ.لكن لا تُفككونى.”
وفجأه يدرك ساي أن تايلر لا يعرف.!
ذاك الجزء من الفتى الذى يفهم الوقت و المكان ليس هنا,و لن يكون أبدا.
تايلر لا يستطيع أن يفهم أنه قد ذهب بالفعل,ولا شئ سيفعله قد يجعله يفهم. لذا..يبدأ بالانتحاب.
“أرجوكم لا تُفككونى.سأفعل أى شئ.أرجوكم لا تُفككونى.أرجوووووكم..”
ثم من خلفه, يسمع صوتا.

31-ليف

“اخبراه ما يريد أن يسمع!” يقول ليف.
هو يقف هناك بحنق شديد بداخله, يشعر أن الأرض نفسها ستنقسم من غضبه.
لقد أخبر ساي أنه سيشهد هذا.لكن لا يستطيع أن يُشاهد ولا يفعل شيئا.

والدى تايلر لازالا ممسكان ببعضهما,مواسيان إحداهما الآخر بدلا من مواساه ساي. الأمر يجعل ليف أكثر استشاطا.
“اخبراه أنكم لن تُفككاه!”,يُصرخ.
الرجل و المرأه فقط يحدقان به كأرانب حمقاء.لذا يُمسك بالمجرفه من على الأرض و يرفعها فوق كتفه كما لو كانت مضرب بيسبول ,:”اخبراه أنكم لن تُفككاه, وإلا أنا أُقسم أنى سأفتت أدمغتكم الحقيره!”
هو لم يتكلم هكذا من قبل لأى أحد.هو لم يُهدد أى أحد !,و هو يعرف أنه ليس فقط مجرد تهديد... هو سيفعلها .. اليوم, سيضرب ضربه كبرى لو تحتم عليه الأمر.

يسحب الشرطيون مسدساتهم من قرابتها,لكن ليف لا يهتم..
“القى بالمجرفه”,يصيح أحدهم.مسدسه مصوب نحو صدر ليف,لكن ليف لن يلقيها.
دعه يُطلق النار,لو فعل,سأظل أمتلك فرصه لأضرب والدى تايلر قبل أن أقع أرضا.ربما أموت,لكن على الأقل سآخذ أحدهم معى.
فى حياته كلها,لم يشعر هكذا قط.لم يشعر بهذا القرب من الانفجار.
“اخبراه! اخبراه الآن!”.

كل شئ يسكن فى تلك المواجهه:الشرطه و مسدساتهم,ليف و مجرفته.ثم أخيرا الرجل و المرأه يُنهيا الأمر.
ينظرا لأسفل نحو الفتى المتأرجح جيئه و إيابا,الذى ينتحب فوق القطع العشوائيه من المجوهرات المتشابكه التى نثرها عند قدميهم.
“لن نُفككك يا تايلر.”
“أوعداه!”
“لن نُفككك يا تايلر.نحن نعدك.نحن نعدك.”

تسترخى أكتاف ساي,و بالرغم من كونه يبكى ,إلا أنها ليست شهقات اليأس إنما شهقات الارتياح.
“شكرا,”يقول ساي.”شكرا لك..”

يُلقى ليف بالمجرفه, وتُخفض الشرطه مسدساتها,والثنائى الباكى يهربا لأمن منزلهم.
أبوا سايرس موجودان لملئ الفراغ.يساعدا سايرس على النهوض و يحتضناه.
“لا بأس يا سايرس.كل شئ سيصبح على ما يرام.”
و عبر الشهقات,يقول ساي,:”أعرف,كل شئ جيد الآن,كل شئ جيد الآن.”

هنا حيث يهرب ليف.هو يعرف أنه المتغير الوحيد فى المعادله الذى لم يُحل. و فى غضون دقيقه سوف يُدرك رجال الشرطه هذا.لذا,ينسحب نحو الظلال بينما رجال الشرطه مازالو منشغلون بالثنائى الفار,و الفتى الباكى,و الأبوان,و الأشياء اللامعه على الأرض.ثم,ما أن أصبح فى الظلال,يلتفت و يجرى.

فى بضع لحظات سيدركون أنه اختفى,لكن بضح لحظات هى كل ما يحتاجه.لأنه سريع. كان دائما سريع.
عبر الشجيرات,داخل الباحه المجاوره,و إلى شارع آخر فى عشر ثوان.

النظره التى علت وجه ساي بينما ألقى بالمجوهرات تحت قدمى هؤلاء البشر البشعاء ...البشعاء,و الطريقه التى تصرفا بها,كما لو أنهم هم الضحايا.. تلك الأشياء ستزامن ليف لبقيه حياته.
هو يعرف أنه قد تغير بسبب تلك اللحظه,تحول بصوره عميقه و مرعبه.أينما تأخذه رحلته الآن,لا يهم,لأنه قد وصل بالفعل هناك..فى قلبه.
غدا مثل تلك الحقيبه على الأرض, مليئه بالجواهر لكن فارغه من الضوء,لذا..لا يتلألأ شئ..لا يلمع شئ.

آخر ما تبقى من ضوء النهار اختفى من السماء الآن,اللون الوحيد الباقى هى الأزرق المظلم المنحسر نحو السواد.
أضواء الشوارع لم تُضاء بعد,لذا ليف يتأرجح بين ظلال السواد الغير منتهيه.
الأفضل أن يهرب.
الأفضل أن يختبئ.
الأفضل أن يفقد نفسه.
الآن..تلك الظُلمه هى صديقه.