عرض مشاركة واحدة
قديم 11-22-2013, 02:18 PM
المشاركة 7
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
وقال يزيد:
حدثني أبي: أن عمر بن الخطاب لما قدم الشام قدم على حمار، ومعه عبد الرحمن بن عوف على حمار، فتلقاهما معاوية في موكب ثقيل، فجاوز عمر معاوية حتى اخبر به، فرجع إليه. فلما قرب منه نزل إليه، فأعرض عنه، فجعل يمشي إلى جنبه راجلاً، فقال له عبد الرحمن بن عوف: أتعبت الرجل. فأقبل عليه عمر، فقال: يا معاوية، أنت صاحب الموكل آنفاً مع ما بلغني من وقوف ذوي الحاجات ببابك؟
قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ولم ذاك؟ قال: لأنا في بلاد لا نمتنع فيها من جواسيس العدو، ولا بد لهم مما يرهنهم من هيبة السلطان، فإن أمرتني بذلك أقمت عليه، وإن نهيتني عنه انتهيت. فقال لئن كان الذي تقول حقاً فإنه رأي أريب، وإن كان باطلاً إنها خدعة أديب، وما آمرك به ولا أنهاك عنه. فقال عبد الرحمن بن عوف: لحسن ما صدر هذا الفتى عما أوردته فيه! فقال: لحسن مصادره و موارده جشمناه ما جشمناه.
وقال الربيع بن زياد الحارثي: كنت عاملاً لأبي موسى الأشعري على البحرين، فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمره بالقدوم عليه هو وعماله، وأن يستخلفوا من هو من ثقاتهم حتى يرجعوا. فلما قدمنا أتيت يرفأ، فقلت: يا يرفأ، أني سائل مسترشد، أخبرني أي الهيئات أحب إلى أمير المؤمنين أن يرى فيها عماله؟ فأومأ إلى الخشونة. فاتخذت خفين مطارقين، ولبست جبة صوف، ولثت رأسي بعمامة دكناء. ثم دخلنا على عمر، فصفنا بين يديه وصعد فينا نظره وصوب، فلم تأخذ عينه أحداً غيري، فدعاني فقال: من أنت؟ قلت: الربيع بن زياد الحارثي. قال: وما تتولى من أعمالنا؟ قلت: البحرين. قال: فكم ترزق؟ قلت: خمسة دراهم في كل يوم، قال كثير؛ فما تصنع بها؟ قلت: أتقوت منها شيئاً وأعود بباقيها على أقارب لي، فما فضل منها فعلى فقراء المسلمين. فقال: لا بأس، ارجع إلى موضعك. فرجعت إلى موضعي من الصف. ثم صعد فينا وصوب، فلم تقع عينه إلا علي، فدعاني فقال: كم سنوك؟ فقلت: ثلاث وأربعون سنة. قال: الآن حين استحكمت. ثم دعا بالطعام، وأصحابي حديثو عهد بلين العين، وقد تجوعت له، فأتى بخبز يابس وأكسار بعير. فجعل أصحابي يعافون ذلك، وجعلت آكل فأجيد الأكل فنظرت فإذا به يلحظني من بينهم. ثم سبقت مني كلمة تمنيت أن سخت في الأرض ولم ألفظ بها، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن الناس يحتاجون إلى صلاحك، فلو عمدت إلى طعام هو ألين من هذا؟ فزجرني وقال: كيف قلت؟ قلت: أقول: لو نظرت يا أمير المؤمنين إلى قوتك من الطحين فيخبز لك قبل إرادتك إياه بيوم، ويطبخ لكم اللحم كذلك، فتؤتى بالخبر ليناً وباللحم غريضاً. فسكن عن غربه، وقال: هذا قصدت؟ قلت: نعم. قال: يا ربيع، إنا لو نشاء لملأنا هذه الرحاب من صلائق وسبائك وصناب، ولكني رأيت الله تعالى نعى على قوم شهواتهم، فقال: " أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها " ثم أمر أبا موسى أن يقرني على عملي وأن يستبدل بأصحابي.