الموضوع: معركة القادسية
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2018, 01:37 PM
المشاركة 6
زمزم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


بطل القادسية، وفاتح المدائن، ومطفىء النار المعبودة في فارس الى الأبد..!!

سعد … والقادسية :


وفي معركة القادسية كان مجد سعد بن أبي وقاص ، ولو كان سعد هذا إنساناً آخر؛

خلق ليقود معركة كالقادسية ، وهي من أكبر وأخطر معارك التاريخ،

ثم يفعل فيها ما فعله سعد ، وبعد ذلك يموت ، لسجله التاريخ وكتب عنه

كما يكتب عن غيره من أعظم القواد والفاتحين …

ففي هذه الموقعة ظهرت براعة سعد في تفهم النفس الإنسانية ،

فقد تأكد لديه أن هيبة الفرس ما زالت يحسب حسابها عند العرب ،

فكان يستهتر بالفرس ، ويعمل على انتزاع صورتها العالقة في صدور العرب ،

حتى تم له ما أراد ، وزالت هيبة الفرس من نفوس العرب،

فكان العربي لا يهاب منازلة واحد من الفارسيين ؛ بل اثنين بل خمسة .


وبدأ سعد بعد ذلك في إرسال السرايا لمناوأة الفارسيين؛ كي يعرف نقاط الضعف فيهم،

وكانت بينه وبينهم مراسلات باءت بالفشل إلى أن قامت المعركة الخالدة

قامت المعركة الخالدة بين قوتين غير متكافئتين لا في السلاح ولا في الرجال ،

ولا في الإيمان ، فقد تفوق الفارسيون في السلاح، كما تفوق المسلمون عليهم

في الإيمان تفوقاً هائلاً …

ـ وبدأت المعركة يومها الأول .

وتقابل الجيشان ، وأعملت السيوف ، وكانت الأفيال قد تقدمت جيوش الفرس،


وعليها منهم من يضربون المسلمين بالنبال.

ـ ووجه بعض فرسان المسلمين الشجعان كل جهدهم إلى هذه الفيلة ومن عليها ،

فكانوا يرمون من فوقها بالسهام ويرمونها هي في أعينها ،

ويضربون في أقدامها، فكانت تهوي على الأرض ،

فتهلك من عليها ، ثم تفر مذعورة إلى الوراء فتسبب لجيش الفارسيين خسائر فادحة .

ـ وانتهى اليوم الأول …


فبدأت بذلك المعركة يومها الثاني.

كان أبو عبيدة هاشم بن عتبة قائداً لكتائب العراق إلى القادسية ،

وجعل على مقدمة جيشه (القعقاع بن عمرو) ،

فسار القعقاع مسرعاً إلى العراق ،

فوصله في صباح (اليوم الثاني) من أيام القادسية وهو يوم (أغواث) ،

وقد عهد إلى أصحابه وهم ألف رجل أن يكونوا جماعات كل جماعة مؤلفة من عشرة رجال ،

فكلما بلغت جماعة منهم مدى البصر ، سرحوا في آثارهم جماعة أخرى،

ثم تقدم (القعقاع بن عمرو) مع الجماعة الأولى ، فجاء إلى جيش المسلمين ،

وسلم عليهم وبشرهم بوصول المدد الكبير لمساعدتهم في قتال الفرس فقال :


“أيها الناس إني جئتكم في قوم والله لو كانوا بمكانكم ثم أحسوكّم حسدوكم حظوتها،

وحاولوا أن يطيروا بها دونكم ، فاصنعوا كما أصنع” .

وحمل أبناء عمومة القعقاع بجماعات مؤلفة

ـ كل منها ـ من عشرة رجال على إبل ،

وقد ركبوها وهي مجللة مبرقعة ،

وأمرهم القعقاع أن يهاجموا بها خيل الفرس؛

فجفلت خيل الفرس ،

وصارت تهرب منها، فلما رأى المسلمون ذلك فرحوا فرحاً إذ لقي الفرس

من هذه الإبل أعظم مما لقي المسلمون من الفيلة في اليوم الأول من أيام القادسية.


وحمل القعقاع في ذلك اليوم (يوم أغواث)
ثلاثين حملة ،

فقتل وحده في يوم واحد من الفرس ثلاثين جندياً .

وبات القعقاع ليلته يسرّب جنوده إلى المكان الذي فارقهم فيه ،

وطلب منهم أن يقبلوا على أرض المعركة مائة مائة عند شروق الشمس ، وقال لهم :

“كلما توارى عنكم مائة فليتبعها مائة” .

وقد عمل القعقاع ذلك دون علم رجال القادسية الآخرين.

فلما أصبح الصبح ، وطلعت نواصي خيل رجال القعقاع أخذ المسلمون يكبرون ،

وقالوا :

“جاء المدد” فشد ذلك من أزرهم وشجعهم على الاستبسال.

ولكن الفيلة ما لبثت أن عادت إلى الفتك بالمسلمين ،

ورآها سعد تكبد المسلمين الخسائر الكبيرة فأرسل إلى القعقاع وأخيه عاصم يقول لهم :

“اكفياني الفيل الأبيض” ، وكانت الفيلة كلها آلفة له … فأخذ القعقاع وعاصم رمحين،

ودبّا بين صفوف الخيل، ثم حملا على الفيل فوضعا رمحيهما معاً في عين الفيل الأبيض

فتراجع الحيوان من الألم ، ثم طرح راكبه على الأرض … بعدها ضرب القعقاع بسيفه

مشفر الفيل فقطعه

وما كاد الليل ينتصف إلا ّ وسمع سعد صوت القعقاع يهدر مرتجزاً فكان صوت القعقاع

أول ما استدل به سعد على الفتح ..

ولما أصبح المسلمون،

وهي صبيحة (ليلة الهرير) والناس لم يغمضوا ليلتهم كلها؛


سارع القعقاع في الناس فقال :

“إن الدبرة بعد ساعة لمن بدأ القوم فاصبروا ساعة ،

واحملوا فإن النصر مع الصبر ، فآثروا الصبر على الجزع”

(زهير الخالدي : أبطال من التاريخ العربي الإسلامي 190ـ 191 بتصرف).


وقد استمات كل من الجيشين طيلة النهار ،

واستمر القتال طول الليل، وقد اندمج اليوم الثالث في الرابع ،

والناس لا يدرون أأصبح المساء أم أمسى الصباح ..!!

ـ وحمل المسلمون على الفرس حملة صادقة ، وكان الفرس قد ضجروا ونالهم النصب ،

فهجم بعض الفرسان على قلب جيش الفرس ،

وقتل فارس مسلم مشهور يسمى (هلال بن علقمة) قائد الفرس (رستم) ،

فتخاذل الفرس …

واشتد عزم المسلمين وقويت شوكتهم بعد قتل (رستم)، فلعبت السيوف في أيديهم لعبة الموت،

وأطاحت برقاب ثلاثين ألفاً من الفارسيين ؛

الذين قيدوا أنفسهم بالسلاسل على عادة الفرس في الحرب.

واختلط حابل الفارسيين بنابلهم، فمن استطاع أن يهرب هرب ،

ومن مات مات ، ومن عاش بين الموت والحياة أماته الحزن والكرب والحقد على هؤلاء العرب ؛

الذين كانوا من رعاياه وخدامه.


فرحم الله البطل العظيم (سعد بن أبي وقاص) ؛ الذي كان يقود المعركة وهو مريض ، ورحم الله

الأبطال الذين التفوا من حوله
.


المصدر: مدونة أ.د عبد الحليم عويس