عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2011, 05:34 PM
المشاركة 5
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لماذا شرع الصيام ؟



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .


فلله في شرعه أسرار ، وله في أحكامه حكم، وله في خلقه مقاصد ، فمن هذه الأسرار والحكم

والمقاصد ما تدركها العقول، ومنها ما تقف عندها كالة، وقد أخبر سبحانه عن بعض حكم الصيام فقال

تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾(البقرة:

183) إذن فالصوم طريق لتقوى الله عز وجل ، والصائم اقرب الناس إلى مولاه جلت قدرته ، جاع

بطن الصائم فصفا قلبه ، وظمأت كبد الصائم فدمعت عيناه ، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :

((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم

يستطع فعليه بالصوم فانه لو وجاء))( )


• الصوم يضيق مجاري الطعام والدم ، وهي مجاري الشيطان ، فتقل وسوسته .


• الصوم يضعف الشهوة وخطرات السوء وواردات المعصية فتشرق الروح .


• الصوم يذكر الصائم بإخوانه الصائمين من الجائعين المحتاجين والفقراء والمساكين ، فيرحمهم

ويعطف عليهم ويمد يده بالعون إليهم .


يا صائما ترك الطعام تعففا
أضحى رفيق الجوع واللواء


أبشر بعيدك في القيامة رحمة
محفوفة بالبر والأنداء



• الصوم مدرسة لتربية النفس ، وتزكية القلب ، وغض البصر ، وحفظ الجوارح.


• الصوم سر بين العبد وبين المعبود سبحانه ، ففي الصحيح أن الله عز وجل " كل عمل ابن آدم فانه

لي وأنا أجزي به"( ). لان الصوم لا يطلع عليه إلا الله تعالى بخلاف الصلاة والزكاة والحج .


عرف السلف الصالح الصيام قربة لله عز وجل ، ومضمارا للسباق وموسما للخيرات، فبكوا فرحا

لاستقباله ، وبكوا حزنا عند فراقه .


عرف السلف الصيام فأحبوا رمضان واجتهدوا في رمضان ، وبذلوا نفوسهم في رمضان ، فجعلوا من

لياليه قياما وركوعا وسجودا ودموعا وخشوعا ، وجعلوا من نهاره ذكرا وتلاوة وتعليما ودعوة

ونصحا .


عرف السلف الصيام قرة عين وراحة نفس ، وانشراح صدر ، فربوا أرواحهم بمقاصده ، وزكوا

قلوبهم بتعاليمه ، وهذبوا نفوسهم بحكمه .


• كان السلف كما صح عنهم يجلسون بمصاحفهم في المساجد ، يتلون ويبكون ، ويحفظون ألسنتهم

وأعينهم عن الحرام .


• الصيام يا صائمون وحدة للمسلمين ، يصومون في زمن ويفطرون في زمن ، جاعوا معا ، وأكلوا

معا ، ألفة وإخاء ، وحب ووفاء .


• الصيام يا صائمون كفارة للخطايا ومذهب للسيئات ، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :

((الجمعة إلى الجمعة ، والعمرة إلى العمرة ، ورمضان إلى رمضان ، كفارات لما بينهما ما لم تؤت

كبيرة)) ( ) .


• والصيام يا صائمون صحة للنفس ، لأنه يستفرغ المواد الفاسدة، ويريح المعدة ويصفي الدم ويطلق

عمل القلب ، فتشرق به الروح ، وتصفو به النفس ، وتهذب به الأخلاق .


• إذا صام الصائم ذات نفسه ، وانكسر قلبه وخفت مطامعه ، وذهبت شهواته ، لذلك تكون دعوته

مستجابة لقربه من الله عز وجل .


• في الصيام سر عظيم ، وهو امتثال عبودية لله عز وجل ، والإذعان لأمره والتسليم لشرعه ، وترك

شهوة الطعام والشراب والجماع لمرضاته.


• والصيام انتصار للمسلم على هواه ، وتفوق للمؤمن على نفسه ، فهو نصف الصبر ، ومن لم

يستطع الصيام بلا عذر فلن يقهر نفسه ولن يغلب هواه.


• والصيام تجربة هائلة للنفس ، لتكون على استعداد تام لتحمل المشاق والقيام بالمهام الجسام من

جهاد وبذل وتضحية وإقدام . وذلك لما أراد طالوت أن يقاتل أعداءه ابتلى الله قوم طالوت بنهر . وقال

لهم طالوت ﴿ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾ (البقرة:

من الآية249) .


فنجح أهل الصبر وفاز منهم من غلب هواه ، وتخلف عن الجهاد عبدة الشهوات المقهورون تحت

سلطان طبائعهم.


ولعل بعض حكم الصوم تتلخص في أنه تقوى لله عز وجل ، وامتثال لأمره وقهر للهوى، انتصار على

النفس ، وتهيئة للمسلم في مواقف التضحية وضبط للجوارح ، وكبح للشهوات ، وصحة للجسم ،

ومكفر للسيئات ، وألفة وإخاء ، وشعور بجوع الجائعين ، وحاجة المحتاجين، والله أعلم .


//

~ ويبقى الأمل ...