عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-2010, 08:03 PM
المشاركة 29
خالدة بنت أحمد باجنيد
شاعـرة وناقـدة سعـودية
  • غير موجود
افتراضي
ç تنوّع التحليل البنيوي

تتنوع أبحاث البنيويين في مجال التحليل الأدبي بين التركيز على الوظيفة الاجتماعيّة، والتركيز على الأنظمة اللغوية ومدلولاتها الأدبيّة، ونتيجة لذلك تنوّعت نماذجهم البنيوية التي يفككون بها العمل الأدبي، ويربطونه بها.

فإذا بدأنا بليفي شتراوس الذي وصف بأنّه ذو عقليّة رياضيّة، فنجد أنّه وضع النموذج الرياضي التالي الذي استخدمه كثير من البنيويين، وهو:
Fx (a) : Fy (b) = Fx (b) : Fa-l (y)

الحرف (b) هو عنصر الوساطة الذي يكون قادرًا على احتواء المتعارضين، (F,Fx,Fy) اختصار Function ، (×) ترمز للشر، أو لنقل العنصر السلبي، وذلك عكس (y) التي تشير إلى الخير/ العنصر الإيجابي.

وتفسير هذه المعادلة يتمثّل في أنّ (a) الذي يمثّل الحالة الاجتماعيّة الراهنة (x) التي يطلب تغييرها، تقف في وجهة القوة الواسطيّة (b) التي تغيّرها إلى وظيفة إيجابيّة، وبهذا يمثّل طرفا المعادلة الأولى الصراع بين الشرّ والخير، أو السلب والإيجاب، أمّا الجزء الثالث من المعادلة فهو يمثّل مرحلة التحوّل من التي يحتوي فيها عنصر الواسطة (b) عنصر السلب (x)، لكي يغيّر فيصبح (F×(b)) وأمّا الجزء الأخير، فهو يمثّل نهاية مرحلة الواسطة، على أنّ (y) لا تساوي الوظيفة الأولى لها في بداية المعادلة، لأنّ الاولى مرحلة استعداد، والثانية حلّ، أيّ الوصول إلى إلغاء القوّة السلبيّة، وهذا لا يتأتّي إلا إذا سلبت القوة الشريرة بعض قوّتها، فتصبح Fa-l، وبهذا تصبح (b) واسطة بين موقفين.

وقد استغلّت هذه الصيغة لدلالتها الاجتماعيّة، وقابليّتها للتحليل في أعمال كثيرة.

ويعد غريماس أفضل من استطاع أن يستغل صيغة ليفي شتراوس التي تقوم على أساس عرض المتناقضات وبينها الوسيط، وتعدّ صيغته أقوى، لأنّه استطاع أن يربطها بعنصر القصّ، ولم يجعلها فرزًا للعناصر المتعارضة ، وحمل بعضها على بعض.

فالعمل القصصي بالنسبة لغريماس أحداث يتّضح من خلالها دور الشخوص بوصفها فاعلة أو مفعولاً بها، أيّ أنّه:

· يمثّل موقف فرد (بطل) من موقف أو مواقف جمعيّة، وفي هذا الإطار يتحرك البطل على مستوى الرغبة والإرادة والفعل.

· كما أنّ موقفه من المجتمع يدور حول حركتين أساسيتين هما: الاتصال والانفصال.

وتتحدد أفعال البطل وصفاته من خلال مجموعة من الاختبارات التي يفشل في بعضها وينحج في بعضها الآخر، ومن هنا يمكننا أن نقول أنّ الوحدات الأساسيّة للنموذج تتمثّل في:

· عقد البطل بينه وبين نفسه، أو بينه وبين مجتمعه.

· مجموعة الاختبارات التي يمرّ بها البطل، والتي تحدد ردود فعله أو صفاته، إن سلبًا أو إيجابًا.

· انفصاله عن المجتمع واتصاله به.

فإذا استطعنا أن نجمع هذه الوحدات الثلاث في حركتها المتصاعدة مع القص، مستخدمين في الوقت نفسه التقسيمات الثنائية المتعارضة التي يقف البطل وسيطًا بينها، فإنّنا نصل في النهاية إلى جوهر العمل القصصي.

وهناك نماذج عديدة استخدمها البنيويون في تحليلهم للعمل الأدبي.

وختامًا فإنّ ميكانيكيّة التطور الأدبي تتضح دائمًا وأبدًا عبر العصور الأدبيّة، والمنهج البنيوي وحده الذي يستطيع أن يكشف عن حركة هذا التطوّر، فالعنصر الذي تكون له وظيفة في عصر، يفقد وظيفته في عصر آخر، وهكذا يتحول تاريخ الأدب إلى تاريخ الأنساق الأدبية.
/
\
/
وبعدُ..
انتهى التلخيص الاستعراضي لمحتويات هذا الكتاب والأفكار الثرّة التي وقف عليها وناقشها، وإذ أفدتُ منه كثيرًا، فإنّي أشيد به وأنصح بقراءته لكلّ دارس أدب، أو مهتمّ به على الصعيد العلمي والأكاديمي، فما ورد هنا ما هو إلا غيض من فيض، و إنّ وعينا بالتغيرات والتطورات في الميدان الأدبي هي بعض من وعينا بالمسيرة البشرية وحضارتها.
تحيتي..