عرض مشاركة واحدة
قديم 07-19-2014, 02:37 AM
المشاركة 1861
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
هل اليتم المبكر والمكثف يعطي الانسان شعور بالقداسة وحالة وجد عميقة ؟
هذا الشاعر مثال :

نبذة حول الشاعر: ميخائيل ليرمنتوف / Mikhail Lermontov يتم الام في سن الثالثة ويتيم الاب في سن ال 16

ولد الشاعر الروسي العظيم ميخائيل ليرمنتوف في موسكو في عام 1814 لعائلة من طبقة النبلاء. ولم يبلغ ليرمنتوف الثالثة من عمره عندما توفيت والدته ماريا ميخايلوفنا في عام 1817 فاحتضنته جدته في ضيعة تارخاني في مقاطعة بينزا.

وقد حصل ميخائيل على تعليم رائع حيث سافر إلى موسكو في عام 1827 ليلتحق بمدرسة داخلية للنبلاء تابعة لجامعة موسكو. وفي تلك الفترة بالذات بدأ ليرمنتوف بكتابة الأشعار، وباشر بكتابة قصيدة "الشيطان" في عام 1829.

وفي عام 1831 توفي والد ليرمنتوف يوري بيتروفيتش عن 44 عاما فقط. وفي الفترة من عام 1830 ولغاية عام 1832 درس ليرمنتوف في جامعة موسكو، ولكنه ارتحل إلى بطرسبورغ بعد أن فشل في العثور على ما يلبي به متطلباته. أما في بطرسبورغ فقد التحق بالمدرسة العسكرية ليتخرج منها في عام 1834 وينتسب إلى صفوف الحرس الإمبراطوري. وفي الوقت الذي خدم فيه ليرمنتوف ضابطا في "القرية القيصرية" لم ينقطع عن القراءة وكتابة القصائد

وكتب ليرمنتوف الذي اهتز لمصرع شاعر روسيا العظيم الكسندر بوشكين في مبارزة غامضة في عام 1837 قصيدة "موت شاعر" التي حفظها ورددها المعاصرون. لقد أدى احتجاج ليرمنتوف على مقتل الشاعر العظيم في شهر فبراير 1837 إلى إثارة غضب السلطات التي قررت اعتقاله ونفيه إلى منطقة القوقاز بعد إجراء تحقيق معه عقابا على قصيدته التي تداولها الناس في جميع أنحاء روسيا

وفي منفاه البعيد مارس ليرمنتوف إلى جانب كتابة الأشعار الرسم بالألوان المائية والزيتية وأبدع الكثير من اللوحات الجميلة المعبرة

وتمكن ليرمنتوف من العودة إلى مدينة بطرسبورغ بفضل مساعي جدته وشفاعة الشاعر فاسيلي جوكوفسكي. وفي العاصمة (بطرسبورغ) انضم ليرمنتوف إلى حلقة أرستقراطية من الشباب العسكريين وتقرب من أعضاء هيئة تحرير مجلة "المذكرات الوطنية

وفي عام 1840 استطاع مناهضو ليرمنتوف أن يدفعوه إلى المشاركة في مبارزة مع ابن السفير الفرنسي بارانت من تدبيرهم فقررت السلطات نفيه مرة أخرى إلى القوقاز. ورفض القيصر نيقولاي الأول تكريم ليرمنتوف على الرغم من الشجاعة الفائقة التي أبداها في ساحة القتال. وبعد عودته من الإجازة توقف ليرمنتوف في بياتيغورسك للعلاج. وفي هذه المنطقة تشاجر الشاعر مع زميله في الدراسة مارتينوف وقتل في مبارزة معه في أواخر يوليو 1841

ورغم الفترة القصيرة التي قضاها ليرمنتوف في عمله الأدبي والتي لم تتجاوز 13 سنة، والحياة الصاخبة التي عاشها في منطقة القوقاز إلا أنه تمكن من كتابة الكثير من القصائد الجميلة، ومنها "أسير القوقاز"، و"الشركسي"، و"الخريف"، و"الشراع"، و"القرصان"، و"النخلات الثلاث"، و"النبي"، و"الخنجر"،و"الشاعر"، و"الشيطان". كما كتب ليرمنتوف مسرحيتي "حفلة تنكرية"، و"الشقيقان". وأبدع ليرمنتوف رواية "بطل زماننا" التي اشتهر بها في جميع أنحاء العالم، وأثبت من خلالها بأنه دخل تاريخ الأدب الروسي والعالمي ليس كشاعر عملاق فقط بل وكناثر لامع ومؤلف مسرحي بارز


ديوان الشاعر
---

«سعفة فلسطين والعناية الغيبية» للشاعر الروسي ميخائيل ليرمونتوف (1814 – 1841)
تقديم وترجمة/ ناظم مجيد حمود٭
JULY 18, 2014

■ تحمل القصائد الروحانية للشاعر الروسي الرومانسي ميخائيل ليرمونتوف (1814 ـ 1841)، العامرة بالوجد الإلهي والولع بموطن الإيمان الأرثوذكسي الروسي، إلى نفس القارئ نشوة طاهرة بهيجة، تعبر عن تآلف حميم بين إبداع الشاعر الفياض بالغنائية والتأمُلات العميقة في عالمٍ يبدو(منطقياً) بعيداً عن لهو النبيل ـ الشاعر، وبيئته المكتظة بإشكالية إباحة لَذّات الغراء الدنيوي في قصور الأمراء والنبلاء، وصرامة العفّة الدينية في بيوت الأتقياء.
ومن يوم اعتناق رعايا روسيا القديمة المسيحية واتخاذ الأرثوذكسية عقيدة دينية لهم،عام (988)، شغلت الأرض المقدسة مكانة جليلة في جل النتاج الديني والثقافي الروسي عامة. ولم يفت أدباء روسيا العظام ومفكريها أن يقتبسوا من أسفار فلسطين وأقداسها ما يخلد أشعارهم ونثرهم وفكرهم الديني والدنيوي. وما حاد عن هذا التقليد المقدس الشاعر ليرمونتوف ومعاصريه. ففي إبداعه المنظوم والمنثور نطالع صفحات كثيرة ذات صلة بماضي الأرض المقدسة وأحرامها. ومن ذاك المنظوم؛ (سَعفة فلسطين)، التي كتبها بوحي من سعفة نخيل رآها الشاعر في بيت صديقه الدبلوماسي ورجل الدين الروسي أ. ن. مورافيوف، جلبها معه من فلسطين أثناء إحدى رحلاته؛
وتلكَ النخلة أَما زالتْ حَيةً؟
وبسعفِ رأسها العريضِ
تجذبُ في قيظِ الصيفِ
المارين بالصحراءِ.
وأيضاً قصيدة (النّبيّ)، والغريب أنَّ ما من شاعر أو ناثر أوروبي عظيم، بل وعربي، إلا وخصص قصيدة أو إبداعاً نثرياً بعنوان النّبيّ! تُرى، أَهو إحساس بالنبوءة أم اقتراب من خصال النّبيّ!. يقول ليرمونتوف؛
ما أن وهبني الحاكم الخالد
كل معارف النَّبيِّ
وأنا أقرأُ في عيون الناس
صفحات البغض والكراهية…
و(ثلاث نخلات)، ولا أدري ما الذي كان يدور في خلد وخاطر الشاعر الروسي ليرمونتوف وهو يكتب هذه القصيدة، ومن أين اقتبس العنوان وهذا المشهد العربي؟ وهو يحاكي، برقة وافتنان الناسك، تلك النخلات الثلاث الشامخات وسط البراري العربية، التي تظلل بسعفاتها الطوال نبعاً تدفق بينها في أرض جرداء، من شعاع الشمس الحارق وهبوب الرمال.
في قصيدته الشهيرة (سعفة فلسطين) يحاكي الشاعر ليرمونتوف أشجار فلسطين ومعابدها المقدسة، ويناجي نهر الأُردن الطاهر وجبال لبنان العالية الهامة، بروح وديعة، معذبة وحائرة. محاكاة الشاعر ونجواه تعبقان بنفحات رومانسية هائمة مستها لغة الزُهد، الجياشة بالعاطفة الشجية الملتاعة، التواقة إلى صفاء الفكر وبهاء النفس التقية، ذات العبق الفريد، المنشغلة في إشكالية انسجام وتضاد الطموح الدنيوي، غير المجرد من الطمع، مع الزُهد الإيماني القار في نور رباني يزجي غمام الإيمان المطلق مرام البشرية العاقلة منذ فجر الخليقة حتى عصر سلطان المال المجحف،الذي أشكل العروة بين تقوى الروح الطاهرة العاقلة، وطغيان الطمع المغلول في عقل وروح وأعراف قوم جُحد، ذوي عقيدة متقعرة شرهة، أوغلوا في استكبارهم وقسوتهم، بل لا يتورعون في إبادة من هم من غير ملتهم، فغضب الله عليهم والعباد وبلاهم شر بلاء!. وكلما منحوا فرصة للتكفير عن ذنبوهم زادوا غياً وجبروتاً. تُرى ما الذي كان يمكن أن يقوله شاعر روسيا البهي ميخائيل ليرمونتوف عن حال الأرض المقدسة اليوم وعذابات أهلها ومآسيهم وأشجارها الكليلة ومعابدها العريقة الكاظمة الغيظ على من لم يتّعظوا من غضب الله على أسلافهم، فأعادوا الــــحزن والأســـى إلى أرض الأنبياء، وألبسوا نساءها الســواد!، ومنعــوا عن فتيانها البهجة والأعياد.

1 ـ سعفة فلسطين**

قولي لي، يا سعفة فلسطين :
أينَ نشَأتِ وأينَ ازدهرتِ ؟
في أي الروابي، وفي أي وادٍ؟
أنتِ الزينة كُنتِ؟

أَ قٌربَ مياهِ الأُردنِ الطاهرةِ؟
هَل دلَّلكِ شِعاعُ الشرقِ،
وهَل هزتكِ، بِغَضبٍ، في الليلِ
ريحُ جبالِ لبنان ؟

هل َتلا أبناءُ سُوليم البؤساءُ
الصلاةَ بخفوتٍ
حينما سَفّوا خوصكِ
أم أَنْشَدوا لحناً قديماً؟

وتلكَ النخلةُ أَمازالتْ حَيةً؟
وبسعفِ رأسها العريضِ
تجذبُ في قيظِ الصيفِ
المارين بالصحراءِ.

أم ذبلت، كما أنت،ِ
من الفراق الكئيب،ِ
ونصيبٌ من الغُبارِ يرقدُ بنهمٍ
على الأوراقِ الذابلةِ الصفراء ؟

أخبريني: أَوَ كان المؤمن باللّه،
الذي حملك ِ إلى هذا البلد،ِ
يحزن مراراً عليكِ؟
وَهل تحفظين أثرَ دموعه الساخنةِ؟

أَ لِأنهُ خير فُرسان جُنْدِ الّلهِ
كان ذا صَباح طاهرٍ
كَم أنتَ جديرٌ ،أَبداً، بالفردوسِ
أمامَ الناسَ وأمامَ الّلهِ ؟..

يا سعفة القُدس
محروسةٌ، أنت، بعنايةٍ غَيبية
شامخةٌ أمام الأيقونة الذهبية
يا حارسة الأقداس الوفية.

شعاعُ القنديلِ،غسقٌ شفافٌ
(الكيفوت)٭ ٭ ٭ والصليب، رمزُ القُدسية،
مُفعمٌ بالحياةِ والرِّضا
كُلُّ ما هو حولك، وما هو عليك.

2 ـ مقطع من ملحمة الجِّن

أُقسم بيوم الخليقة الأول
أُقسم بيومها الأخير
أُقسم بعار الجريمة
وبسيادة الحق الخالد.
أُُقسم بألم الانهيار المرير،
وبانتصار الحلم القصير؛
أُقسمُ باللقاء معك
وبالفراق المريع من جديد .
أُقسمُ بالأرواح الكثيرة ،
بمصير الأشقاء التابعين لي،
بسيوف الملائكة الرَّزينة،
بأعدائي اليقظين؛
أُقسمُ بالفردوس وبالجحيم،
بأقداس الأرض وبكِ،
أُقسمُ بنظرتكِ الأخيرة،
ودمعتكِ الأولى،
بثغر نَفَسَكِ الوديع،
بموجات شعرك المتجعد الحريري،
أُقسمُ بالنعيم والعناء،
أُقسمُ بحبي؛
إِنّي تنازلتُ عن الثأر القديم،
إِنّي تخليتُ عن الأفكار الشامخة ؛
ومن الآن لن يقلق سم التملق الماكر
عقل أحد بشيءٍ ؛
أريد أن أتصالح مع السماء،
أريدُ أن أحب، أن أُصَلّي،
أريدُ أن أُؤمن بالخير.
ودموع الندم تمسح
سيماء نور الفردوس
فجَبيني جدير بك ـ
والدنيا في الخفاء اطمئنان
فلتزدهر بدوني!.
*٭ باحث وأُستاذ جامعي عراقي/ روسيا
٭٭ حسب إطلاعنا، تبين أن جميع المترجمين والباحثين الذين جاءوا على ذكر هذه القصيدة ترجموا عنوانها (غصن فلسطين). حرفياً، هذه الترجمة تناسب عنوان القصيدة باللغة الروسية (فيتكا باليستيني) لو كان المقصود في النص هو غصن شجرة أخرى غير النَّخلة. ففي طقوس ومراسيم عيد الفصح النصراني ـ الأرثوذكسي وصلاة العيد في الكنيسة والأديرة تشكل السَّعفة إحدى العناصر المكرمة، وتجاور الصليب والإيقونة والذهبية و(الكيفوت). هذا العرف الديني ما زال سائداً إلى اليوم. (ناظم مجيد حمود).
٭ ٭ ٭ لم نجد لمفهوم (الكيفوت) ما يقابله عربياً في المراجع اللغوية والكنسية المتاحة، وليت مَنْ يزودني به من القراء الكرام.
إذ وردت له ترجمة في قاموس بندلي الجوزي (تابوت)، وفي معجم اكسفورد انجليزي ـ عربي للاستعمالات اللغوية المتداولة وبعض القواميس (صندوق الأيقونة/icon ـ case). لذا اضطررنا أن نبقيه (الكيفوت) في النص المترجم كمــا هو في الأصل.
ووضعنا له تعريفاً وصفياً؛ موضع الأيقونة الأقدس، حافظة نفيسة ذات برواز مُطعم، عادةً، بالمعادن والأحجار الكريمة. ويعد (الكيفوت) أحد لوازم طقوس الصلاة في الكنيسة الأرثوذكسية.
وقبل ذاك، في عصر المسيحية المبكرة، كان بمثابة فجوة مغلقة في جدار المعبد والدير لحفظ الصحف النادرة من التوراة والإنجيل، ورُفات الحاخامين والبطاركة والقساوسة الكبار وما هو على صلة بإرثهم الديني.

تقديم وترجمة/ ناظم مجيد حمود٭