عرض مشاركة واحدة
قديم 04-10-2020, 11:38 AM
المشاركة 719
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... تَرَى الفِتْيَانَ كالنَّخْلِ ، ومَا يُدْرِيكَ مَا الدَّخْلُ ....

الَّدخْل : العَيْبُ الباطنُ . يضرب لِذِي المَنْظَرَ
لا خَيْر عنده .
قال المفضل : أولُ مَنْ قال ذلك عَثْمَة بنت مَطْرودٍ
البُجَيْلِيَّة ، وكانت ذاتَ عقلٍ ورأي مستمع في قومها
وكانت لها أخت يقال لها خود ، وكانت ذاتَ جَمَال
ومِيسَم وعَقْل ، وأن سبعة إخوة غلمة من بطن الأزْد
خطَبوا خوداً إلى أبيها ، فأتوه وعليهم الحُلَل اليمانية
وتحتهم النَّجَائِبُ الفُرَّهُ ، فقالوا : نحن بنو مالك بن
غُفَيْلة ذي النحيين ، فقال لهم : انزلوا على الماء ، فنزلوا
ليلَتَهم ، ثم أصبحوا غادِينَ في الحُلَل والهَيْأة ومعهم رَبِيبة
لهم يقال لها الشعثاء كاهنة ، فمروا بوَصِيدها يتعرَّضُون
لها وكلهم وَسِيم جميل ، وخرج أبوها فجلسوا إليه فرحَّب
بهم ، فقالوا : بلغنا أن لك بنتاً ونحن كما ترى شَبَاب
وكلّنا يَمْنَع الجانب ، ويمنح الراغب ، فقال أبوها : كلكم
خِيار فأقيموا نَرَى رأينا ، ثم دخل على ابنته فقال : ما
ترين فقد أتاك هؤلاء القوم ؟ فقالت : أنْكِحْني على
قَدْري ، ولا تُشْطِطْ في مَهْري ، فإن تُخْطِئني أحلامهم
لا تخطئني أجسامهم ، لعلي أصيب ولداً ، وأكثر عَدَداً
فخرج أبوها فقال : أخبروني عن أفضلكم ، قالت ربيبتهم
الشعثاء الكاهنة : اسمع أخبرك عنهم ، هم إخوة ، وكلهم
أسْوَة ، أما الكبير فمالك ، جريء فاتك ، يتعب السَّنَابك
ويستصغر المَهَالك ، وأما الذي يليه فالغَمْر ، بحر غَمْر
يقصر دونه الفَخْر، نَهْد صَقْر ، وأما الذي يليه فعَلْقَمَة
صليب المَعْجَمَة ، مَنِيع المشتمة ، قيل الجمجمة ، وأما الذي
يليه فعاصم ، سيِّدٌ ناعم ، جَلْد صارم ، أبيٌّ حازم ، جيشُه
غانم ، وجاره سالم ، وأما الذي يليه فَثَواب ، سريع الجَوَاب
عَتيد الصَّوَاب ، كريم النِّصَاب ، كلَيْثِ الغاب ، وأما الذي
يليه فمُدْرِك ، بَذُول لما يَمْلك ، عَزُوب عما يترك ، يُفْني
ويُهْلك ، وأما الذي يليه فَجَنْدَل ، لِقْرنه مُجَّدل ، مقل لما
يَحْمِل ، يُعْطِي ويَبْذُل ، وعن عدوه لا يَنْكَل ، فشاورت
أختها فيهم ، فقالت أختها عَثْمَةُ : ترى الفِتيان كالنَّخْل وما
يدريك ما الدَّخْل ، اسمعي مني كلمة ، إنَّ شرَّ الغريبة
يُعْلن ، وخيرها يُدْفَن ، انكِحِي في قومك ولا تغررك
الأجسام ، فلم تقبل منها ، وبعثت إلى أبيها أنكِحنِي مدركاً
فأنكحها أبوها على مئة ناقة ورُعَاتها ، وَحَمَلها مدرك ، فلم
تَلْبث عنده إلا قليلاً حتى صَبَّحهم فوارسُ من بني مالك
ابن كنانة ، فاقتتلوا ساعة ثم إن زوجها وإخوته وبني عامر
انْكَشَفُوا فَسَبَوْهَا فيمن سَبَوْا ، فبينا هي تسير بَكَتْ ، فقالوا :
ما يبكيك ؟ أعلى فراق زوجك ؟ قالت : قَبَّحه الله !
قالوا : لقد كان جميلاً ، قالت : قبح الله جمالاً لا نَفْع معه ، إنما
أبكي على عصياني أختي وقولها " ترى الفتيان كالنخل وما
يدريك ما الدخل " وأخبرتهم كيف خطبوها ، فقال لها رجل
منهم يكنى أبا نُوَاس ، شاب أسود أفْوَه مضطرب الخلق :
أتَرْضَيْنَ بي على أن أمنعك من ذئاب العرب ؟ فقالت لأصحابه :
أكذلك هو ؟ قالوا : نعم إنه مع ما تَرَيْنَ لَيَمْنَعُ الحلِيلة ، وتَتَّقِيه
القبيلة ، قالت : هذا أجمل جمال ، وأكمل كمال ، قد رضيت
به ، فزوجوها منه .