عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
5175
 
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية

ريما ريماوي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
801

+التقييم
0.17

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة
الأردن.

رقم العضوية
10476
11-08-2011, 07:14 PM
المشاركة 1
11-08-2011, 07:14 PM
المشاركة 1
افتراضي هو وطفلة .. والسيجارة الأخيرة / بقلم: ريما ريماوي
هو وطفلة .. والسيجارة الأخيرة؟!





أشعل سيجارته الأخيرة واجما, أعاد العلبة الفارغة إلى جيبه, عدّ نقوده فلم تتعدّ بضعة قروش.





غارقا في التفكير تنهّد بعمق, وتساءل في قرارة نفسه..



"ألأنّه عشق وطنه واصطفاه حدث معه ما حدث؟ حُبس وضرب, أهين وعذّب؟!"





"والآن أصبح في الشارع.. دون أيّة وظيفة.. لماذا ؟ هل من المعقول بسبب خوفهم من عمله كمربٍ للأجيال!!"





سحب نفسا عميقا من سيجارته, زفر الدخّان ببطء, أطفأ نوّارتها بيده راغبا بالاحتفاظ فيها لأطول مدّة ممكنة..

فأعادها بحنان ولطف إلى العلبة الفارغة, خائفا عليها من الكسر ..بحنان؟! تذكّر:



- بابا أريد أن تحضر لي مصّاص من الحلوى, كم أحبّ طعمه اللذيذ..!



- "آآآه يا ريم الحلوة أتمنى لو أجلب العالم وأضعه بين يديك."



- بابا أريد هذه الدمية الشقراء فلتشترها لي..



-"ياااه أهذا سعرها في البطاقة؟ .. يعادل راتبي عندما كنت في الوظيفة."





- كلاّ حبيبتي ريم مع الأسف لا أستطيع.. ليس معي ثمنها!



تنظر إلى لعبة إفريقية سوداء: - اشتر لي هذه إذن..



يبتسم ابتسامة مريرة..



"حتى أنت يا ريم الطفلة, عندك تفرقة عنصرية"..



- ولا هذه حبيبتي.. الاثنتان نفس السعر, ولا اختلاف بينهما إلاّ بلون البشرة, هكذا خلقنا الباري,

أتعرفين ريم؟ الاختلاف بيننا عند الله تعالى فقط التقوى.



- نعم يا بابا.. لكن لماذا "سعيد" وأخواته جيراننا الأغنياء يقولون لي:" أمّنا منعتنا من اللعب معك؟"

ولكننّا نحبك لهذا سنلعب معك في الخفاء... فاحرصي عندما تأتين طلب اللعب مع خادمتنا العبدة السمراء وليس معنا..

حتّى لا تطردك ؟!



فكّر حزينا بردّ مناسب " آآآه يا ريم كيف أفهمك يا صغيرتي.." ثمّ تمتمّ منزعجا " أين السيجارة؟ لن أتحمّل من غيرها ! "



بيد مرتجفة أشعلها وأخذ مجّة واحدة عميقة..فاستعاد هدوءه, استمرّ بالتفكير.

"ويح للإنسان ما أقساه, يعلّم أولاده شتّى أنواع التفرقة:



العنصرية, الطبقية, الإقليمية.. الخ ...

بالإضافة إلى الكذب والخديعة! "



"لكن ليس كلّ البشر هكذا!" فكّر بأبيه الحنون لولاه لارتموا في الشارع,



نعم.. معه حق فيما نصحه به, عليه المحافظة على صحّته وماله من أجل "ريم" وأمّها "عبير"..



"عبير" تلك المرأة الصامدة الصّامتة الشهيدة, باعت كل ذهبها وهو في السجن حتى لا تمدّ يدها لأحد,







وقد تحملّت معه ضنك العيش في سبيل العقيدة, الثورة, والإيمان..



وكم رجته مع ابنتها أن يترك التدخين حفاظا على صحّته.. "نعم معهما حقّ فلقد أصبح عبدا لهذه الحقيرة!" فكّر في نفسه

وقد استيقظ من شروده..







هتف قائلا:- كلاّ ! .. رمى السيجارة بعنف ودهكها بقدمه,



سأقاومك أيّتها اللعينة وسأهزمك! أمّا الآن فعليّ العودة إلى بيتي السعيد..





بيته.. فكّر.. عندما تبرق وترعد وتهدر مزن السماء، يأتيهم السيل في الداخل.. حتّى عندما تصحو في الخارج،







جرّاء تسرّب المياه وملؤها الشقوق المهترئة في السقف, فيضطر هو وعبير تغطية سرير ريم بأكياس (نايلون) كالمظلّة

حتى لا تتبلّل ابنتهم الجميلة النائمة في تلك الغرفة المشتركة الوحيدة من بيتهم الضيّق.















"سأذهب كالمعتاد وأشتري الفلافل بعشرة قروش, ريم الغالية تحبه.." همس في نفسه, وتابع:







"مسكينة هي وأمّها ولا مرة طلبتا اللّحم أو توقّعتاه.."











"ما الذي يعمله بائع الفلافل؟ لقد رآني من بعيد, ها هو ينظر إليّ ويجهّز لي الفلافل.





أمضيت أشهرٍ على هذه العادة... فحفظني عن ظهر قلب"











يتابع التفكير..







" كلا سأواصل سيري لن أتوقّف, لا يحق له أن يعرف ماذا أريد دون أن أطلب.. لربّما رغبت بشراء طبق فول منه هذه المرّة..

حتى لو كان سعره أعلى؟!





أو أنوي شراء اللّحم المشويّ من عند جاره.. مثلا !! "





"سأكمل إلى الشارع الثاني فيه مطعم جديد ، سأشتري اليوم من هناك الفلافل."



قفل عائدا إالى البيت حاملا الفلافل, عندما دخل إلى البيت أتت إليه ريم مسرعة فاحتضنت ساقيه, فرفعها إليه بيد واحدة

وبدأ يمطرها بقبلات الحب والاشتياق وكأنّما استيقظ من غيبوبة أبعدته عنها إلى حين!







- بابا.. حبيبي بابا لقد جئتَ.. إنّني جائعة جدا, يا لرائحة الفلافل الشهيّة!!







نظر إلى زوجته وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة مشجعة, فأدهشه حسنها وجمالها, وأحسّ نفس شعوره نحوها عندما شاهدها لأوّل مرة.



يااااه.. فكّر.. مرّ دهر منذ رآها مبتسمة هكذا والارتياح بادٍ على محيّاها.











تكمل ريم وهي تزغرد بالفرحة:







- بابا عندي لك خبر رائع..



جاء خال "سعيد" ابن الجيران عندهم اليوم.. وخبّرني أنّه يشغل منصبا كبيرا في الحكومة..



غافلتهم جميعا ورحت عنده, وطلبت منه أن يعيدك إلى عملك.. وشرحت له بمدى استحقاقك لهذا فأنت طيّب وحنون.



هل تعرف ماذا يا بابا؟ لقد أحبّني، وقال لي:


- أنا متأكّد من ذلك فهو أحسن تربيتك..خبّريه أن يراجع مكتب العمل غدا وسيجد توصية منّي لهم بخصوصه.
وعلى كلّ حال نحن بصدد إعادة كلّ المفصولين بسبب الخلافات السياسيّة إلى أعمالهم.





















أشرقت إبتسامته



مرحبا بالنّور الساطع الجديد في بلده الحبيب.



وبكل حبّ أبويّ عانقها فرحا .. وفي ذهنه انطبعت، صورة تلك الدمية التي أحبّتها..!!



















تمت



ريما ريماوي