عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
5454
 
حسن الحارثي
إعلامي وشاعر سعودي

حسن الحارثي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
109

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Nov 2010

الاقامة

رقم العضوية
9495
03-14-2011, 08:09 PM
المشاركة 1
03-14-2011, 08:09 PM
المشاركة 1
افتراضي // الحرة ,, وجذع شجرة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الحرة ,, وجذع شجرة
أتيتِ يا فاتنتي .. مثل عربية حرة .. أو بنت شيخ تجر خمارها والجواري من حولها كفلقة القمر ,, /
جئتِ كغريبة تجتاح دنياي وتقلب كل الأمكنة , أقبلتِ ذات صدفة وبيدكِ معول وفأس صغير .. وخطوات منكِ غاضبة أذهلتني ,
وبينما كنتِ تمرين بي وأنا أجلس في بستان الدنيا , أراقب الطيور وهي تهبط من عل لتشرب من ماء البحيرة الساكنة وتروي عطشها , قلتِ لي لاهثة متعبة :
(هل تسمح لي بأن أستظل بهذه الشجرة لأرتاح قليلا ؟ )
أجبتك وأنا أنظر إلى تعبك ووجهك الشاحب : (نعم , على الرحب والسعة ) ,,//
وجلستِ على بعد خطوات مني , ثم تبادلنا كلمات قليلة ووقفتِ من جديد , سألتكِ : إلى أين ؟
قلتِ سارحة في الأفق : أعذرني , فلدي عمل أتيتُ كي أُنجزه , ولكني رأيت مكانك الظليل هذا ففكرت بأخذ قسط من الراحة بعد رحلتي المضنية .
سألتكِ وكلي فضول : وما هو العمل الذي أتيتِ من أجله ؟
أشرتِ إلى النهر بالفأس تقولين : سأذهب هناك .. عند مصب النهر لأدفن رفاة معي .
سألتكِ بذهول : ماذا ... رفاة .. رفاة ميت ؟
قلتِ : نعم , ومضيتِ فأوجست منكِ خيفة , وتملكني الفضول واعترتني الدهشة لكلامك , فحدثتني نفسي بأن ألاحقكِ عن بعد لأرى ما أنتِ عازمة على فعله ..
فتتبعتكِ خلسة وأخذت أراقبك من وراء الأشجاروأنتي تأمرين صويحاباتكِ بالعودة إلى أول الغابة , وإذا بكِ تخرجين شئ لا يشبه أجساد الناس من حقيبة كانت معكِ ,,,
شئ ثقيل وكاد أن يسقطكِ أرضا .. فهرعتُ إليكِ وأسرعت أقيل عثرتكِ وأنا أقول : دعيني أُساعدك ..
ولكنك رفضتِ وقلتِ وأنتِ توشكين على البكاء : لا , أرجوك .. دعني أعمل وحدي ..
جلستُ بعيدا عنك أراقبكِ في حيرة ومضض في آن واحد , فرأيتكِ تنزعين عن الشئ لفلائف بلاستيكية كنتِ تغلفيه بها , وإذا بجذع شجرة أجوف صغير يظهر أمام أنظاري ..
كدتُ أن أضحك وهمستُ في سريرتي قائلا : شجرة .. هل تسمين جذع شجرة برفاة ؟
وكأنكِ سمعتني , فالتفتِ إلي وقلتِ : إنه جذع شجرة وأريد دفنه ..
توجهت نحوك وقلت مشفقا عليك : إنه ثقيل دعيني أُساعدك ..
ووافقتِ بعد جهد جهيد , وعندما نثرنا آخر التراب على قبر الشجرة , سألتكِ بحيرة : أنا لا أفهم .. لماذا تدفنين هذه الشجرة ؟
قلت لي بحزن : لهذه الشجرة ذكريات وحكايات ..
قلت بلهفة : إذن أخبريني بها كي تزيلي حيرتي ..
قلت ِ : لقد شهدت هذه الشجرة قصة حب كبيرة , لطالما أنا وفارس أحلامي جلسنا تحتها , وتجاذبنا الحديث والطرائف ,,,
ولطالما ضحكنا ولعبنا حولها .. حتى نحتنا اسمينا على غصونها ..
سألتكِ : وماذا حدث ؟؟؟
قلتِ : تزوجنا ,, و تحول إلى كائن مخيف .. بعد أن كان مصدر سعادتي القليلة , أصبح قبلة حزني العميق والدائم ,
وبعد أن انفصلت عنه قررت طمس معالم كل شئ كان يربطني به .. حتى هذه الشجرة ,,/
وابتعدتِ عني تبكين , فلم أحتمل رؤية دموعك , قلت بهدوء : لما البكاء الآن ؟
التفتِ إلي وقلتِ : أريد أن أبكي آخر قطرات من الدمع على الماضي , أريد أن أنسى , فهل تستطيع أن تساعدني ؟
وأسرعت إليك وأجبتكِ بإصرار : أجل .. أنا وحدي من يستطيع أن يُنسيك عذابك ..
ومددتُ لك يدي , واحتصنت كفك , ثم سرنا معا في طريق الحياة ,, نرسم بخطانا قصة بإذن الله لن تموت ,,
تمت
// حسن الحارثي //