عرض مشاركة واحدة
قديم 10-28-2013, 03:08 AM
المشاركة 5
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
"مَنازِلُ أَياتٍ خَلَتْ من تِلاوَةٍ=ومَنْزِلُ أُنْسٍ مُقْفِرُ العرصَاتِ!"
وَقَفْتُ بِها أسْتَنْشِدُ الرَّبْعَ ماضِياً=كئيباً.. فلم أَسْمَعْ سوى الزَّفَراتِ!
فقلتُ له.. يا رَبْعَ مالَكَ مُوحِشاً..=شَجِيّاً .. فلم أُبْصِر سوى العَبَراتِ!
فقال.. وكَلاَّ لم يَقُلْ.. إنَّهُ احَتَمى=بِصَمتِ بَلِيغ غامِضِ النَّبرَاتِ!
ويا رُبَّ صَمْتِ كانَ أَسمَعَ للورى=من الصَّوْتِ يَعْلُو.. أو من الهَمَسَاتِ!
لقد كانَ لي أَهْلَونَ شَوسٌ تَرحَّلوا=وأَبْقَوْا صَدّى يَهْوِي إلى الدَّرَكاتِ!
فما تَمَّ لي مِن مُتْعَةٍ أَسْتطيبُها..=ولا ثَمَّ لي حُلْوٌ مِن الضَّحِكاتِ!
شَجاني الأَسى مِن بَعْدِهم. وتَأَلَّبَتْ=عَلََيَّ الرَّزايا.. من نَوًى وشَتاتِ!
وكيف.. وقد كانوا البُطُولَةَ والنَّدى=وكنْتُ بهم في أّرْفَعِ الدَّرَجاتِ..!
يَخافُ الخُصومُ اللٌّدُ مِن سَطَواتهم=فَيَنأَوْنَ عنِ حَيْفٍ بهم.. وأذاةٍ!
ويَهْفو إلى ساحاتِِهم كُلُّ بائِسٍ=ضَعِيفٍ. فَيْلقى يانِعَ الشَّجَراتِ!
يلُوذُ بها طَعْماً وظلاًّ.. ويَرتوي=من العَذْبِ يُطفىء لاعِجَ الجَمَراتِ!
وقد رَحَلوا عَنِّي.. إلى غَيْرِ رَجْعَةٍ..=ولم يبق مِمَّا كان عَيْرُ فُتاتِ!
أتَعْجَبُ منِّي.. مِن دُمُوعي ولَهْفَتي..=على ذلك الماضِي.. ومِن حَسَراتي؟!
فَقُلْتُ له.. يا رَبْعُ ما أنا لائِمٌ=ولكنَّني راثٍ لِكَسْر قَناةِ!
فما أنا إلاَّ مِنْكِ بضعٌ يرُوعُني=ويُفْزِعُني رَوْضٌ غدا كَفَلاةِ!
به العذبُ مِلْحٌ بَعْدما كانَ جارياً=زُلالاً كَنِيل سائِغٍ.. وفُراتِ!
يُدِلُّ ويَزْهو بالكُماةِ وَ.. وأَيْنَهُمْ؟!=فما عَزَّتِ الدُّنيا بِغَيْرِ كُماةِ!
وما طابَ عَيْشٌ يَحْتمي بِظَلامِهِ=ولا ضاءَ إلاّ مِن شُمُوسِ حُماةِ!
وها هو يُقَِْصيهِ السُّباتُ عن العُلا=فهل سوف يَصْحُو بَعْد طُولِ سُباتِ؟!
لٍيفَتَرعَ الأَوْجَ الرَّفيعَ. ويَسْتَوِي=عليه كريماً دُونَ خَوْفِ جُناةِ!
لقد كانت الأَسْلافُ مِنَّا أماجِداً..=ولكنَّهم بِالْمْجدِ غَيْرُ عُتَاةِ!
جَنى غَيْرُهم. واسْتَأسَدوا بِسُيُوفِهمْ=بما حَصَدَتْ من سُوقَةٍ وسَراةِ!
وما وَجَدَ النَّاسُ الأمانَ بِقُرْبِهِمْ=ولا أَخْصَبت المَرْعى بِشرِّ رُعاةِ!
وهم أَخْصَبوا الإجْدابَ دُونَ تَطاولٍ=ولا طمع في طَيِّبِ الثَّمراتِ!
فَطَابَ الجَنَى.. واسْتَمْتَعَ النَّاس بالْغِنَى=وعادَتْ سُفُوحُ الأرْضِ كالسَّروَاتِ!
لَشَتَّانَ ما بَيْن الفَرِيقيْن.. راشدٌ=وآخَرُ غادٍ عاثِرُ الخَطَواتِ!
وحَدَّجَني الرَبْعُ الحَزينُ بِنظْرَةٍ=تفيض أسىً أَعْيا بَليغَ لُغاتِ!
وقال. لقد واسَيْتَني وَتَرَكْتَني..=على غِبطَةٍ مِن مُقْبِلِ السَّنَواتِ!
كِلانا يُريدُ الخَيْرَ.. لا أنا يائِسٌ=ولا أَنْتَ مِن بُشْرى بِما هو آتى!
شَكاتُكَ ما تُجْدِي عَلَيْكَ بِلا صَدًى=مُجِيبٍ ولا تجدي عَلَيَّ شَكاتي!
سأَصْبِر حتَّى أطمَئنَّ بصَحْوةٍ=تُبَلِّلُ بالعَذْبِ الفُراتِ لَهاتي!
فقد أَيبَسَتْها الحادثات فَأَصْبَحَتْ=كَشَنِّ.. وما يَلْقى حَنانَ أُساةِ!
عَسانا نَرى مِن مُقْبِلِ الدَّهْر آتياً=كماضٍ مُخصِبِ الجَنَباتِ!
أيا صَبْوَةً أَدْمَتْ حَشاي.َ وأَرَّقَتْ=عُيُوني.. وكانَتْ أَكْرَمَ الصَّبواتِ!
لقد أَجَّجَتْ مِنِّي الشُّعُورَ فَألْهَمَتْ=وقد أَيقَظَتْني مِن عَميقِ سُباتي
.

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....