متى يرتد السيف إلى الغمد ؟ ، وكيف يغيب القمر الوضاء عن فناء البيت المقدس ، ما زلت أكتب عن طيب قلب لرجل غادرنا مبكراً ،، وأخفى عنا موعد رحيله الأبدي ، بريء من كل التهم إلا من عشقه للآرض التي غادرها قسراً ، كيف نبدأ يا تري ونحن نتأهب لشرف الكتابة عن السيف الذي فجر شلالا من الدموع في عيوننا وترك في القلب غصة حزن وألم ، ذلك الطاهر الذي ما جرت في عروقه غير دماء الإيمان بالله والخير والحق ومحبة الناس ، والإخلاص للوطن وللأرض التي عشقته ، نتذكره ونتساءل كيف غادرنا بلا استئذان ، وتركنا نمشي على جمر رحيله ، مع أول نسمات الصباح وأطفال صغار يقطفون أول زهر اللوز من بستان العمر في الأرض وفي المنفى ، على الدوام كان يطالعنا بالبهاء والضياء والسعادة والهناء ، ونراه يمسح أول الندى عن أوراق الشجر في حدائق الوطن ، مترنما تنظر إليه أشجار الحور العتيق لتتعرف عليه هي من يكون،.. لا عجب أن نلمس منسوب عشقه لثرى الوطن ، ولعطر الدم الذي أزهر قبل رحيله المفجع ، همسات الطهر لن تعود فهو الميت الذي يموت الحزن عليه ، فتحت لك دفاتر الحزن أيها العزيز بعد الرحيل ، وسقيت بالدمع شقائق النعمان والنعنع البري وهي تحيط بلحدك المهيب حتى وأنت ميت ، ويبقى الحزن عليك أكبر من كل المفردات ، تذكرتك البارحة ، لأول مرة أحسد الأموات ، فأنت عند مليك مقتدر جل في علاه ، (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )