عرض مشاركة واحدة
قديم 12-21-2017, 01:57 PM
المشاركة 2435
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بنو موسى بن شاكر أول فريق علمي في العالـم ... ايام وهم صغار .
: أ.د. راغب السرجاني

12:00-2009/01/14
ملخص المقال

تبدأ القصة من الأب الذي كان مقربًا إلى الخليفة المأمون العباسي، وأتقن علوم الرياضيات والفلك حيث

إذا كانت الحضارة الإسلامية قد بلغت آفاقًا عظيمة في ميادين الهندسة المختلفة كما رأينا في المقالين السابقين.. فلا بد أن تلك الإنجازات الضخمة كان وراءها جهود عبقرية لعلماء أفذاذ، أفنوا أعمارهم وأموالهم تعبدًا لله بطلب العلم، وتعليمه لغيرهم، وتيسير سبل الحياة على ظهر الأرض بالبديع من المخترعات.

وسنحاول في هذه السطور التوقف أمام نموذج فذ من هذه الطاقات العلمية الإسلامية، والتي برعت في علوم الهندسة والفلك والرياضيات وغيرها.. وهم (محمد وأحمد والحسن) أبناء موسى بن شاكر..

وإذا كان وقوفنا أمام عبقرية هذا الفريق العلمي الفريد يأتي في أعقاب التعرف على جانب من الصور الحضارية الإسلامية في مجالات الهندسة.. إلا أننا لن نقتصر هنا على عطاء (بني موسى) الهندسي دون غيره، وإنما سنحاول النظر بشمول إلى تجربتهم الرائدة؛ لنقف على جوانب العظمة فيها، ولتستلهم الأمة من تاريخ روادها معالم تهتدي بها في طريق نهضتها المرجوَّة.

علماء في رعاية الخليفة
عاشت هذه الأسرة المباركة في القرن الثالث الهجري، وتبدأ القصة من الأب الذي كان مقرَّبًا إلى الخليفة المأمون العباسي، وأتقن علوم الرياضيات والفلك حيث اشتهر بحساباته الفلكية المتميزة.. الجدير بالذكر هنا ما أورده المؤرخون من دور المأمون (ذلك الخليفة العالم) في التكوين العلمي لموسى بن شاكر الذي عُرف عنه قطع الطريق في بدايات حياته، إلا أن المأمون نجح في تحويل مسار حياته ليقطع أشواطًا في طريق العلم بدلاً من قطع طريق المارَّة!!..

ولا بد أن تتوقف هنا لتدرك دور الحاكم المسلم في تقدُّم مسيرة بلاده العلميَّة؛ فقد كانت جهود الخلفاء – كما ترى – تتعدى التوجيه العام إلى التبنِّي الخاص المباشر لمشروعات علميَّة بشريَّة.. يتعهَّدها بنفسه، وينفق على تنميتها بسخاء..

ولم يتمكَّن موسى بن شاكر من مواصلة مسيرة العلم مع بنيه؛ إذ مات وهم صغار
.. إلا أنه كان قد عهد بهم إلى المأمون رحمه الله، الذي يواصل القيام بدوره الفريد في احتضان العلماء ورعايتهم؛ فنراه يتبنى بالكامل بني موسى علميًّا وتربويًّا؛ فلقد تكفَّل بهم بعد وفاة أبيهم، وعهد بهم إلى عامله على بغداد "إسحق بن إبراهيم المصعبي" الذي كان – كما تشير الروايات التاريخية – يُسمي نفسه (خادمًا لأبناء موسى!!) من كثرة ما كان المأمون يوصيه بهم؛ فلقد كان المأمون لا يقطع السؤال عنهم كلما كتب إلى بغداد وهو في أسفاره وغزواته في بلاد الروم.

ولم يُخَيِّب إسحق بن إبراهيم رجاء الخليفة؛ فقد عهد بأبناء موسى إلى شخصية علمية بارزة في بغداد آنذاك وهو "يحيى بن أبي منصور" مدير بيت الحكمة ببغداد وأحد علماء الفلك، فنشأ الإخوة الثلاثة نشأة علمية خالصة في ذلك الصرح العلمي الضخم (بيت الحكمة) الذي كان يُعد محور العلم في الأرض دون منازع؛ إذ كان يعجُّ بالكتب والعلماء والآلات الغريبة النادرة... في هذا الجو المُشَبَّع بالعلم والمحتدم بالمناقشات الهامة بين العلماء نشأ هؤلاء الأطفال (بنو موسى) وترعرعوا؛ فلا عجب إذًا أن يصيروا فيما بعد من أساطين العلم والمعرفة في الحضارة الإسلامية..

والحق أنه من الصعب مغادرة هذه اللقطة الهامة من لقطات الروعة في الحضارة الإسلامية دون أن نكرر الانبهار والإعجاب بخليفة مثل المأمون الذي يستطيع - من بين المعارك وهموم السياسة – أن يخصص قدرًا غير ضئيل من اهتمامه وجهده لتفقُّد أطفال ثلاثة يحرص على أن يكونوا علماء كأبيهم!!.. حتى ليكتب عبر الصحاري والقفار إلى عامله على بغداد المرَّة بعد المرَّة، لا ينسى في أيٍّ منها الوصاية ببني موسى.. لا عجب بعد ذلك أن تبلغ الحضارة الإسلاميَّة في تلك العهود المجيدة آفاقًا لم يبلغها غيرها.. ولا عجب – أيضًا – أن يهبط المسلمون عن تلك القمم هبوطًا مخجلاً بعد أن تخلَّوا عن العلم الذي هو من ميراث النبوَّة..

أوقدت النشأة في بيت الحكمة – إذًا – شعلة العلم في عقول وقلوب الإخوة الثلاثة؛ فتعاونوا فيما بينهم في البحوث والدراسات؛ حتى نبغوا في الهندسة والرياضيات والفلك، وعلم الحيل (الميكانيكا) الذي عرفنا طرفًا من جهودهم فيه في مقال سابق.

وإذا كنا سنتوقف الآن أمام ظاهرة (بني موسى بن شاكر) التي لمعت في سماء الحضارة الإسلامية خلال القرن الثالث الهجري، وشكَّلت سبقًا للمسلمين في ميادين البحث العلمي الجماعي بكل ما يميزه من سمات وما ينتج عنه من ثمار.. إذا كنا سنتوقف أمام هذه الجماعة العلميَّة الفذَّة فإننا سنحاول النظر إليها من ثلاث زوايا: ملامح العمل الجماعي وإنجازاته، إلى جانب رصد ذلك السخاء المادي الفريد في الإنفاق على العلم ورعاية الباحثين، وأخيرًا تبنِّي الطاقات العلمية الناشئة كدليل على التجرُّد للعلم.. وكنوع من ردِّ الجميل للأمة التي أخرجتهم وللمجتمع الذي تعهَّدهم.

العمل الجماعي.. ملامح وإنجازات
يُعتبر مبدأ (التعاون العلمي) أو العمل كفريق بحث متكامل من أهم ما ميَّز عطاء "بني موسى" العلمي؛ فروح الفريق لا تُخطئها العين في أكثر أعمالهم على الصعيدين النظري أو التطبيقي.. ويُعتبر مؤَلَّفهم المسَمَّى: "كتاب معرفة مساحة الأشكال البسيطة والكرِّيَّة" والذي يُعد تطويرًا مهمًّا لكتابَيْ "أرشميدس" عن: (حساب مساحة الدائرة) وعن (الكرة والأسطوانة).. يُعتبر هذا الكتاب من أصدق الأدلة على روح الفريق التي تميَّز بها بنو موسى؛ فبدءًا من غلاف الكتاب يُطالعك التوقيع الجماعي لمؤلفيه: "بنو موسى بن شاكر".. وعبر سائر السطور والصفحات تستوقفك مرارًا عبارات من مثل: "وذلك ما أردناه.."، ".. وعلى ذلك المثال نبيِّن.."، "نريد أن نجد مقداريْن..." إلخ...

ومن بين ما يستوجب التأمل والإعجاب في كتاب بني موسى تلك الأمانة العلمية التي يتعمَّدون مراعاة لها الإشارة إلى ما ليس لهم من بين معلومات الكتاب.. يقول الإخوة الثلاثة: "فكل ما وصفناه في كتابنا فإنه من عملنا، إلا معرفة المحيط من القُطر فإنه من عمل أرشميدس، وإلا معرفة وضع مقدارين بين مقدارين لتتوالى على نسبة واحدة فإنه من عمل مانالاوس"..

وما كان لجهود هذا الفريق العلمي الراقي أن تذهب سُدًى.. بل إن سجِلَّ الحضارة العلميَّة الإسلاميَّة سجَّلت لفريق "بني موسى" إنجازات فريدة، لعلَّ على رأسها الإنجاز الأهمَّ والأخطر بالنسبة لهم خاصَّة، وبالنسبة لتاريخ العلم الإسلامي والعالمي على وجه العموم.. ألا وهو قياس محيط الأرض، وهي المهمة التي كلَّفهم بها الخليفة المأمون، وترأَّس الفريقَ القائمَ بها "محمدُ بنُ موسى بن شاكر" الأخ الأكبر والأشهر علميًّا وسياسيًّا، وضمَّ الفريق إلى جانب الأخَوَين: "أحمد والحسن" مجموعةً من الفلكيين والمسَّاحين (علماء المساحة).. والعجيب أن النتائج جاءت دقيقة إلى حدٍّ بعيد؛ فقد توصَّل الفريق إلى أن محيط الأرض يساوي (66 ميلاً عربيًّا) وهو ما يعادل (47.356 كم) لمدار الأرض، وهي نتيجة مقارِبة جدًّا للطول الحقيقي لمدار الأرض والذي عُرِف حديثًا وهو (40.000 كم) تقريبًا!!

ثمة إنجاز واضح أيضًا لفريق "بني موسى" كان له أكبر الأثر ليس على فروع الهندسة فقط بل على الحركة العلمية عمومًا.. وهو رعايتهم لحركة واسعة للترجمة والنقل من الثقافات واللغات الأخرى إلى العربية؛ فتروي المصادر أن فريقًا كبيرًا من المترجمين من مختلف أنحاء البلاد كانوا يعملون دون إبطاء في دار بني موسى التي أهداها لهم الخليفة المتوكِّل على مقربة من قصره في سامرَّاء.. ومن أبرز هؤلاء "حنين بن إسحق"، وابنه "إسحق بن حنين"، وابن أخيه "حبيش بن الحسن"، إلى جانب "ثابت بن قرَّة" الذي ترجم وحده عددًا هائلاً من الأعمال الفلكيَّة والرياضيَّة والطبِّيَّة لأشهر علماء اليونان مثل (إقليدس وأرخميدس وأفلاطون وأبوقراط..... وغيرهم).

سخاء فريد!!
لم يكن "بنو موسى" ينفقون الوقت والجهد فقط في سبيل العلم.. بل عُرِف عنهم إنفاق المال بسخاء قَلَّ نظيره إلا في أمة تعلم أنها تتعبَّد لربِّها بطلب العلم ورعاية رجاله، وأن الذين أوتوا العلم وُعِدوا الدرجات العلا من رضوان الله.. وسيأخذك العجب عندما تعلم أن بني موسى كانوا يوفِدون الرسل على نفقتهم الخاصَّة إلى الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة بحثًا عن المخطوطات العلمية النادرة، وكانوا يدفعون المبالغ الطائلة كأثمان لهذه المخطوطات النفيسة.. فضلاً عمَّا كانوا يدفعونه للمترجمين المنقطعين للنقل والترجمة، والذين تحدَّثنا عنهم منذ قليل.. حيث وصل راتب المترجم الواحد إلى خمسمائة دينار شهريًّا!!!

وكم تتقدَّم الأمة عندما تكثر فيها نماذج من أمثال "بني موسى" الذين يعتدل ميزان أولويَّات الإنفاق في أفكارهم ووجدانهم؛ فيضعون المال حيث يعُمُّ نفعه ويبقى.. أكثر مما يضعونه فيما ينحصر أثره على ذوات أنفسهم - حتى وإن كان عملاً صالحًا -.

تبنِّي علماء الغد
يبقى أن من أجَلِّ ما يُذْكَر عن "بني موسى" هو تبنِّيهم للعديد من المواهب العلميَّة الناشئة وتربيتها.. بل وتولِّي مهمَّة إبرازها والتعريف بها.. في تجرُّد ونُبل ونزاهة صنعتها روح الإسلام، بينما غابت عن محافل علميَّة مرموقة لا تعرف إلا الصراعات على الظهور والمناصب ونسبة العمل لهذا أو ذاك.. فبينما يندر أن نجد عالمًا مُقَرَّبًا من دوائر الحكم وبارزًا في الدولة والمجتمع يُقْدم على تعريف الحاكم بتلميذ من تلامذته، وتقديمه له كأحد النوابغ الأفذاذ... بينما يندر ذلك إذا بنا نجد "محمد بن موسى بن شاكر" يلتقي في طريق العودة من إحدى رحلاته العلميَّة إلى بلاد اليونان بفتًى من أهل "حرَّان" يُسمَّى "ثابت بن قرَّة" الذي مرَّ ذكره منذ قليل.. ولما كان يبدو على الفتى من مخايل النبوغ فقد اصطحبه "محمد بن موسى" معه إلى بغداد، وألحقه بداره ليطلب العلم.. ثم عرَّف الخليفةَ المعتضدَ به، فقرَّبه الخليفة وقدَّمه على غيره.. وأخذ نجم "ثابت بن قرَّة" يعلو حتى غدا من أبرز علماء الهندسة والفلك في الحضارة الإسلاميَّة، ووضع 150 مؤَلَّفًا عربيًّا، وعشرة مؤَلَّفات سريانيَّة.. إلى جانب ما مرَّ بنا من جهوده في الترجمة.

لا شكَّ أن صحبة أسرة علميَّة مسلمة مثل "بني موسى بن شاكر" تُعَدُّ متعة لا تنتهي للعقل والقلب جميعًا.. وبرغم قلَّة اللقطات التي اتسع المجال هنا لعرضها من سيرتهم وإنجازاتهم إلا أنها أوقفتنا على دروس جليلة بدءًا من إعلاء شأن العمل الجماعي المتكامل وما يقتضيه من تجرُّد وإنكار للذات، ومرورًا بالسخاء المدهش في الإنفاق على العلم وأهله، وانتهاءً بتبنِّي المواهب العلميَّة الصاعدة والحرص على إبرازها وصقلها دون التفاتٍ إلى هواجس التنافس وسرقة الأضواء.. وهي وغيرها معانٍ سامية قامت عليها روعة الحضارة الإسلاميَّة التي أضاءت طريق البشريَّة لألف عام أو تزيد.

----


بنو موسى بن شاكر .. أسرة موسوعية
حضارة إسلامية 4 تعليقات 11,725 زيارة

مقالات مشابهة

قريبا جداَ.. تعديل الخلايا البشرية للتأقلم مع البرد

فيديو: البنتاجون يقر بوجود الأطباق الطائرة

تشخيص الشلل الرعاش عن طريق “رائحته”

بالفيديو: وكالة “ناسا” تعثر على نظام نجمي يشبه نظامنا الشمسي يتكون من ثمانية كواكب

هل امتلك الإنسان العلم والتكنولوجيا فى حضارة ما قبل الطوفان؟
عاش موسى بن شاكر في بغداد زمن الخليفة العباسي المأمون، وكان من المقربين من الخليفة، وقد اهتم بالفلك والتنجيم، وعندما توفي موسى بن شاكر، ترك أولاده الثلاثة صغاراً فرعاهم المأمون، وكلف إسحاق بن إبراهيم المصعبي بالعناية بهم، فأدخلهم إسحاق إلى بيت الحكمة الذي كان يحتوي على مكتبة كبيرة وعلى مرصد فلكي، إضافةً إلى القيام بترجمة الأعمال الفلسفية والعلمية من اليونانية. فنشأ بنو موسى في هذا الوسط العلمي وأصبحوا أبرز علماء بيت الحكمة.

واشتهر الأبناء الثلاثة، وهم محمد وأحمد والحسن باسم بنو موسى، أو الإخوة الثلاثة، وقد كان أكبرهم أبو جعفر محمد عالماً بالهندسة والنجوم و"المجسطي"؛ وكان أحمد متعمقاً في صناعة الحيل (الهندسة الميكانيكية) وأجاد فيها، وتمكن من الابتكار فيه؛ أما الحسن فكان متعمقاً في الهندسة، توفي أكبرهم سنة 872م ـ 259هـ.



إسهاماتهم العلمية
كان بنو موسى مبرزين في العلوم الرياضية، والفلكية، والميكانيكية، والهندسية؛ وأسهموا في تطويرها بفضل اختراعاتهم واكتشافاتهم المهمة.

وظهرت إسهاماتهم العلمية في مجال الميكانيكا في اختراع عدد من الأدوات العملية والآلات المتحركة، حيث ابتكروا عدداً من الآلات الفلاحية، والنافورات التي تظهر صوراً متعددة بالمياه الصاعدة، كما صنعوا عدداً من الآلات المنزلية، ولعب الأطفال، وبعض الآلات المتحركة لجر الأثقال، أو رفعها أو وزنها.

وفي الرياضيات، "كان لبني موسى باع طويل بشكل عام. كما أنهم استخدموا هذه المعارف الرياضية في أمور عملية، من ذلك أنهم استعملوا الطريقة المعروفة في إنشاء الشكل الأهليليجي (elliptic).



والطريقة هي أن تغرز دبوسين في نقطتين، وأن تأخذ خيطاً طوله أكثر من ضعف البعد بين النقطتين، ثم بعد ذلك تربط هذا الخيط من طرفيه وتضعه حول الدبوسين وتدخل فيه قلم رصاص، فعند إدارة القلم يتكون الشكل الأهليليجي.

أما في مجال الفلك، فقد حسب بنو موسى الحركة المتوسطة للشمس في السنة الفارسية، ووضعوا تقويمات لمواضع الكواكب السيارة، و مارسوا مراقبة الأرصاد وسجلوها.

ولعب بنو موسى دوراً مهماً في تطوير العلوم الرياضية، والفلكية، والهندسية وذلك من خلال مؤلفاتهم؛ ومن خلال رعايتهم لحركة الترجمة والإنفاق على المترجمين والعلماء.

وفي هذا الصدد تقول المؤلفة الألمانية زغريد هونكة عن بني موسى: "وقد قاموا بإيفاد الرسل على نفقتهم الخاصة إلى الإمبراطورية البيزنطية بحثاً عن المخطوطات الفلسفية، والفلكية، والرياضية، والطبية القديمة، ولم يتوانوا عن دفع المبالغ الطائلة لشراء الآثار اليونانية وحملها إلى بيتهم… وفي الدار التي قدمها لهم المتوكل على مقربة من قصره في سامراء، كان يعمل، دون إبطاء، فريق كبير من المترجمين من أنحاء البلاد."

مؤلفاتهم
كتب بنو موسى في علوم عدة مثل الهندسة، والمساحة، والمخروطات، والفلك، والميكانيكا، والرياضيات. ومن مؤلفاتهم: "كتاب الحيل"، وهو أشهر كتبهم، جمعوا فيه علم الميكانيكا القديمة، وتجاربهم الخاصة، ويقول أحمد يوسف حسن محقق هذا الكتاب: "إن الاهتمام بكتاب الحيل بدأ في الغرب منذ نهاية القرن التاسع عشر، ولكن الدراسات الجادة لم تظهر إلا مع بداية القرن العشرين، وذلك عندما نشر كل من فيديمان وهاو سر مقالات حول هذا الكتاب".

وفي سنة 1979 قام هيل (Hill) بترجمة الكتاب إلى الإنجليزية. وفي سنة 1981 نشر معهد التراث العلمي العربي في سوريا "كتاب الحيل" بعد أن قام الدكتور أحمد يوسف حسن وآخرون بتحقيقه.

ومن أهم مؤلفاتهم : " كتاب مساحة الأكر"، و"كتاب قسمة الزوايا إلى ثلاثة أقسام متساوية"، ترجمه جيرارد كريموني إلى اللاتينية، و" كتاب الشكل المدور والمستطيل"، و "كتاب الشكل الهندسي"، و "كتاب حركة الفلك الأولى".

يشار إلى أن بني موسى قد تعاونوا فيما بينهم لدرجة يصعب معها التمييز بين العمل الذي قام به كل واحد منهم، ولكنهم لعبوا دوراً مهماً في تطوير علوم الرياضيات، والفلك، والهندسة؛ وأثروا في عصرهم تأثيراً كبيراً.