عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
2

المشاهدات
3642
 
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي


أحمد فؤاد صوفي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,731

+التقييم
0.31

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6386
10-12-2010, 11:30 PM
المشاركة 1
10-12-2010, 11:30 PM
المشاركة 1
افتراضي ++ حينما يتبدد الدخان ++
++ حينما يتبدد الدخان ++





* الفصل الأول *



لا تذكر هذه البلدة الهانئـــة بيتـــاً يرفرف الحب في ثنايــاه. . مثل بيت العادل. . .
خالد العادل. . .
كان رمزاً للشهامة والبطولـــــة والحب والايثار . . أحاطت الصفات الحسنة بأصحاب البيت . . لم تمسهم سيئة تجرحهم. . لم يتعرضوا لحسد أو نميمـة. . لم يكرههم من أهل البلدة أحد . . بل أن الجميع أحبهم . . وكانوا لكل شيء جميل مثلاً أعلى . .
ولكن . . ! ماهي قصتهم . . ! أيعقل أن عـــــــــاشت هذه العائلــــة دهراً بلا كراهيــــة ولا ضغينـة . . !
إنها حكاية غريبة . .لا تتكرر . . ولكنها حكاية حقيقية . . بدأت أحداثها منذ مايزيد على أربعين سنة . . .
كان خالد. .الابن الأكبر لعائلة كريمـــة . . في أوائل العشرين . . يفيض حيويـــة وشباباً . . وكـــان همـه وحلم حياتـــه أن يكون رجل إطفــــاء . . يقـوم بالواجب ويقدم المساعدة . . بدون مصلحة وبلا غرض . . .
أما أمـل . . فهي إبنة أبيها المدللة . . غاية في الجمال . . من عائلـة غنيـة . . تقطن في فيللا متعددة الأدوار . . تحيـط بهــا حدائـق وارفـــــة الظلال . . لايعـكر صفو حياتهـــا أي شيء . . كل ما تطلبه . . يأتيهـــا بيسر وبدون مشقة . . .
ومضت سنون العمر . . تلملم الســـــاعات والأيام . . تضمهـــــا . . ثم ترميها خلف ظهرها . . وكأنهـــــا مـا كــــانت . .
ولأن لاشيء على الأرض يدوم . . ولأن لكل شيء نهايـــة . . فقد توجب أن تبدأ قصتنا بدايـة مفجعـة . . محزنـة . . مدمـرة . . لينتج عنهـــا بعـد ذلك . . سعـادة قل نظيرها . . ووفاء يصعب حدوثه . . في أي زمان . . وتحت أي ظرف . . .
كانت أمل الجميلة . .ذات التسعة عشر ربيعـاً . . في البيت . .مع جدتها وأخيهـا الأصغر ذي السبعـة أعـوام . . . أمل في الدور العلوي . . والجـدة تدخن النرجيلـة في غرفــــــة الجلوس وبجانبهــا عامر الأخ الأصغر . . يلعـب بالكـرة . . . خرجت الجدة إلى الصالــة الكبيرة لبعض شأنهـا . . رمى عامر الكرة صوب الحــائط . . فأصـابت اللوحـة المعلقــة وكسرتها . . وانحرفت مع ارتدادها لتوقع النرجيلة المشتعلة . . .
هرب الصغير خوفــاً من التأنيب . . وبقيت الجدة في الصالــة الكبيرة . . وبقيت أمل في غرفتها . . ولم يتنبه أحـد إلى تجمع النـار في غرفـة الجلوس . . إلا بعد أن وصلت إلى الستـائر والخـزائـن . . بل وأمسكت ببـاقي الأثـاث . . لتخرج من الغـرفـة بانفجار عظيم حـطـم بــابهــــــا . . وزلزل كيــــــان الأســــــــــرة وأمنــــها . . . ومضت الجـدة بضعفهــــا وبطء حركتهـــــا . . تبحث عن عامر . . ووجدته منزوياً في المطبخ . . فأسرعت به إلى الحديقــــة . . مبتعدة عن الخطر . .
أمـــا الجميلــة أمل . . فقـد هبـت مذعورة . . ولــم تتمكـن مــن اســــــتيعاب ماحصــــل
. . فتحت باب غرفتها . . وفاجأتهــــا النيران الهـائجــة . . مع سحب الدخان الخانق . .
ركضت تجاه السلم . . طريق النجــــاة الوحيد . . كان سلماً خشبيا أمسكت النار بتلابيبه
. . سقـط السـلم . . وسقطت أمل معه . . ثم انحشرت تحتـه . . تحيط بهــا كتـل ضخمـة لاتدري كنهها . . ولكنها كتل متماسكة نوعاً ما . . أمنت للفتاة المصابة مأوى مؤقتاً. .

اشتدت النــــار وزاد لهيبهـا . . والفتاة المسكينـة قابعة في ملجئهـا . . خائرة القوى . . خائفة شاردة . . وبدأ شعورها بالاختناق يتفاقم . . وبدأت الكتل المحيطة بهــا بالانحلال . . وهي قد تسقط فوقها في أية لحظة . . وكان لانحلالها صوت مرعب . . يشيع الموت بيـن ثنـايــاه . . وكـأنـه القـدر لا مفــر منــــه . . .
أما في الخارج . . فقد تجمع الأهل والناس . . ثم وصلت سيارة الاطفاء . .الجميع بحالة هستيريـة . . والمنزل الجميـل أصبح جزءاً مـن المــــاضي . . وقد أتت النيران على كل مافيه فعلاً . . وصــــار الـدخـول إليـه مســـتحيلاً . . .
تصرخ الأم تنادي ابنتهــا . . وأزيز النـار يتزايد . . وكتـل تتســـاقط . . وشذرات تتطاير
. . والكـل مشـــــدوه . . ومســـؤول المطافىء يمنع أي انســـان مـن محاولـة الدخــول
. . فالبيـت أصبـح جحيمـــــاً قاتــــلاً لانجاة منــــه . .

* يتبع *