عرض مشاركة واحدة
قديم 10-29-2010, 04:21 AM
المشاركة 10
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثانيا / الإحتجاج بأن العلم ضد القرآن


ونأتى للإتهام الثانى وهو الذى ظنه منكرو الاعجاز العلمى بالقرآن حقيقة مطلقة وهو أن القرآن العزيز يتضارب مع العلم وبالتالى لا وجه للخلط بينهما
ولست أدرى من قال إن العلم ضد القرآن ومن سمح بتلك المقارنة .. ؟!
إن المنطق ـ وهو علم يحظى بشعبية بين العلمانيين والغرب ـ يقول ـ كما قررنا من قبل ـ أن المقارنة بين شيئين تستلزم توافر اتفاق المجال بينهما وهذا طبيعى فكيف سأقارن مثلا بين السيارة والملعقة أيهما أكثر ضرورة للإنسان .. المنطقي أن أقارن بين السيارة والطائرة فالقرآن ليس كتابا للعلوم ويحتوى نتائج وتجارب كما بينوا وانتقدوا ولم يقل أحد من علماء الإسلام بهذا بل هو مرجعية إلهية احتوت كافة آيات الإعجاز بجميع المجالات بلا استثناء وأولها العلوم بكافة أشكالها
أما القول الذى يخلط الأمور فيتساءل عن طريقة اكتساب العلم هل بالقرآن أم بالعلم فهو تساؤل مريض وغير مدرك لمعنى وقيمة القرآن فضلا على جهله بمفهوم الإعجاز العلمى لأن القرآن الكريم طريق وصول لا تفاصيل دخول
فلو أن القرآن كتاب للعلوم وتفاصيلها سينتفي الإعجاز العلمى عنه لأنه قرر وعلم واكتسبنا منه نحن البشر نظريات جاهزة نطبقها وفقط
فلم يقل أحد بأن نسعى لاكتساب العلم والحقائق العلمية من القرآن وإلا ما هو مبرر الحديث الشريف
" اطلبوا العلم ولو فى الصين " فلو أن الطريق إلى العلم بالقرآن فما هو دافعنا للذهاب لآخر الدنيا .. وهل يوجد قرآن بالصين ؟!!
فالسؤال نفسه خاطئ
لأن القرآن الكريم يحتوى نتائج وزبد لحقائق علمية وتاريخية وفى شتى المجالات سنظل نكتشف إعجازها لآخر الزمان وكل عصر نتقدم فيه بالعلوم سيحمل لنا إعجازا جديدا عندما نفهم مقولة القرآن حول ما توصلنا إليه ولم نكن ندركه قبل إدراك العلم ذاته فالقدماء لم يفهموا حقيقة إعجاز آية مواقع النجوم ولماذا أقسم الله بها ولم يقسم بالنجوم ذاتها حتى فسر العلم الحديث معنى الإعجاز فى أن النجوم نفسها التى نراها أغلبها فنى فى الأصل لأن صورته تلك وصلت إلى الأرض بسرعة الضوء من على بعد ملايين السنوات الضوئية حتى وقع الضوء على العين البشرية فأدركت واستوعبت صورة لنجم انتهى وفنى قبل ملايين السنين
وهذا هو عين ما اكتشفته العلوم فطابق دقة القسم الإلهى وإلا فما هو مبرر القسم بالمواقع بالتحديد ووصفه الواضح بالعظمة ؟!
والدافع الوحيد للإعجاز العلمى وعلاقة العلم بالقرآن هى خروج العلم كل يوم مثبتا صحة ما ورد بالقرآن الكريم بتأمل ونتدبر ويشفي فينا الذى فى قلبه مرض وعلى بصيرته الرمد بالإضافة إلى ما يقودنا إليه التأمل فى آيات الله فنستنبط منه بعض مبادئ المعرفة غير الـمُدركة لنا حسب قدرة استيعابنا لتلك لمعانى .. وهو ما ثبت بالعلوم كما ثبت بالتاريخ من استنباط حقائق علمية وتاريخية عبر فهم الإشارات القرآنية البديعة إليها ..
هذه هى علاقة العلم بالقرآن وليس هناك أدنى منافسة بينهما أو تناقض فالقاعدة العلمية إذا خرجت وظهرت مخالفة لآية ثابتة بالقرآن فمن القطعى أن القاعدة مخطئة كما حدث مع نظرية داروين والتى أثبت العلم سقوطها وكانت عند ظهورها قد خالفت الثوابت بالقرآن وثبت فيما بعد قطعية الصحة فى آيات الله المحكمات
وسؤال منطقي آخر ..
من هو المنوط به التصدى للتفسير والعلم القرآنى ..؟! وهل يصبح من المنطق أن أستغل وجود إدعاء علم بالقرآن فأنتقد القرآن من خلاله أم يلزم التوجه إلى ما قاله العلماء المتخصصون فى ذلك ؟!
فالإعجاز العلمى والقول به له هيئاته المتخصصة منذ أكثر من ثلاثين عاما بعد تتابع الكشوف العلمية وضمت تلك اللجان فى عضويتها علماء بالتفسير والحديث وعلماء باللغة إضافة إلى علماء العلوم المكتسبة بكافة أشكالها وكل من دخل ضمن عضوية تلك اللجان هو عالم بمجاله لا يوجد مطعن أو اختلاف على تخصصه سواء بلجان الإعجاز التابعة للأزهر بمصر أو تلك التى أنشئت بالسعودية وسائر البلاد الإسلامية ووظيفتهم تنحصر فى متابعة الكشوف وربطها بالتفسير أو التيقن من كشف علمى مرتبط بالقرآن أتى به واحد من علماء المسلمين وليس عضوا بتلك اللجان
وفى مجال العلم التجريبي البحت ..
ألم يكتشف البروفيسور أنوكى أكبر خبير فى المخ والأعصاب هو وفريقه حقائق المواد الكيميائية الغامضة بالمخ البشري والسابق الإشارة إليها وإلى غموض تلك المواد إلا القليل مما تم تحليله ووجدنا تفسر الظواهر الخارقة لبعض البشر فى اتساع الذاكرة المذهل تبعا للصفاء الذهنى ألا يفسر لنا هذا سر السكينة التى وعد الله بها من يذكره
" ألا بذكر الله تطمئن القلوب "
ويفسر لنا أيضا عجائب القدماء ممن عرفوا الله واتقوه حق تقاته فصاروا معجزات بشرية فى كم العلوم التى احتفظوا بها فى عقولهم التى صارت جامعة علوم ومعارف مثل الإمام الشافعى رضي الله عنه والذى كان يخبئ الصفحة اليسري من أى كتاب كى لا يحفظها قبل اليمنى لأن قدراته كانت تتيح له الحفظ بمجرد النظر ..
وأورد لنا التراث العربي ما روى عنه أنه أتى بمعصية لا تعد من المعاصي لهوان شأنها ومع ذلك ولأنه الشافعى التقي فقد حاسبه الله بِـرَده عن هذا الذنب رغم بساطته عندما عجز أن يحفظ كعادته ويستوعب الكتب التى يقرؤها .. فقام من فوره إلى أستاذه وكيع والذى سأله عن يومه وطلب منه أن يحكيه له بالتفصيل ليقول له وكيع بعدها أن السبب هو ما فعلت من معصية فاذهب واستغفر تعود إليك حافظتك .. فنفذ الشافعى وصية أستاذه العظيم وعادت إليه قدرته بالفعل وقال
شكوت إلى وكيع سوء حفظى ++++ فأرشدنى إلى ترك المعاصي
وأخبرنى بأن العلم نـــورٌ ++++ ونور الله لا يُهدى لعاصي
والإمام جلال الدين السيوطى الذى كان حجة زمانه فى سبعة علوم مختلفة منها الفلك والفقه وغيرها أجادها جميعا إلى أعلى درجات التخصص والاجادة .. والإمام البخارى علامة الحديث الذى حفظ عشرات الألوف من الأحاديث النبوية بمتونها وإسنادها الكامل وكان يمتلك القدرة على تمييز الحديث وكشف متنه وسنده بمنتهى الدقة بمجرد السؤال عنه
وما أفاده العلماء حول الراحة النفسية العميقة التى تتيح للإنسان حالة نفسية مستقرة إذا تأمل بالطبيعة وخرج من ماديته ألا يذكرنا هذا بقوله عز وجل
" انظروا إلى ثمره اذا أثمر وينعه "
أى أن الآية أشارت إلى الثمر مع ينع الثمر فما الفائدة من النظر إلى بريق الزهور وجمالها إن لم تكن إشارة إلى ما تسببه تلك المظاهر من إعادة تكييف للإنسان .. كما قال إمامنا الراحل العظيم محمد متولى الشعراوى
ولو أن الأمانة العلمية متوافرة بالطاعنين لاكتشفوا بسهولة مدى الفارق الضخم بين هدف علماء الإعجاز وهدف المدعين فالدكتور زغلول النجار كان أول الطاعنين المتصدين للنغمة التى سادت بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر بالولايات المتحدة وقال القائلون بها بوجود خبر عن هذا الهجوم بالقرآن فى محاولة لمقارنة القرآن بكل جلاله مع التنبؤات التى احتواها كتاب " القرون " والذى ألفه الساحر الفرنسي " ميشيل نوستراداموس " قبل أربعة قرون ..
{ وهذا الكتاب نفسه ـ بالمناسبة ـ من المستحيل تقريبا العثور على نسخة صحيحة تماثل ما كتبه نوستراداموس من رباعيات التنبؤات الخاصة به نظرا لتعرضه لعمليات تزوير واسعة النطاق فى الحرب العالمية الأولى والثانية بعد أن حاول كل طرف فى الحلفاء والمحور ايجاد سبيل لدفع الروح المعنوية لدى جنودهم بإدخال تنبؤات النصر لهم فى كتاب القرون نظرا لأن الروح المعنوية والفدائية غائبة بغياب العقيد المحفزة }
لو لاحظنا فالمنتقد لإعجاز القرآن العلمى ـ بالذات خالد منتصر ـ يعمم ويخلط بين أخطاء وقع فيها المدعون بالعلم أو أخطاء قد يقع فيها العلماء ـ وهى جائزة ـ وبين الصحة المطلقة فى النص القرآنى تماما كما فعل سابقوه فاستغلوا أفعال بعض المسلمين فى ضرب مصداقية الإسلام نفسه
هذا فضلا أنه لم يتمكن حتى الآن من إثبات خطأ واحد فى كشف علمى مرتبط بإشارة قرآنية أقره واجتمع عليه علماء الإعجاز العلمى الكبار كمصطفي محمود وزغلول النجار والإمام الشعراوى وهم من ترصَدهم بانتقاداته التى لا تغنى ولا تسمن من جوع وهى تلك الإنتقادات المغالطة والتى سنفرد لها فصلا بنهاية الدراسة لتناولها وكشف زيفها
وقد أتى منكرا للإعجاز باعتباره خرافة صنعتها عقدة النقص لدى المسلمين دون أن يلتفت إلى أن الإعجاز العلمى موجود وثابت من قديم الزمن وإزداد ظهورا فى العصر الحديث وهذا منطقي لطبيعة التقدم الذى منح لنا مزيدا من وسائل الإدراك العلمية
ويتبقي لنا التعرف على مدى تنوع الإعجاز العام بالقرآن مع الأمثلة الموضحة وأيضا إلقاء الضوء على طبقات الإعجاز العلمى بالقرآن ومستوياته الزمانية تفصيلا