عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-2016, 06:08 PM
المشاركة 31
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


لوبن هذا اليوم في فرنسا تشجع الفرنسيين على السير وفق النهج الأمريكي ، الانتفاضة في وجه المؤسسة الحزية التقليدية والديمقراطية العتيقة التي لم تستطع تجديد نخبها و و ابتكار أساليب جديدة في التواصل والحكم والتنمية ، لاشك كانت مدام كلينتون الأكثر حظا للفوز بالرئاسيات في آمريكا لو أن الإنسان الأمريكي لا يزال بعقلية الأمس ، فالمؤسسة الأمريكية و أقصد الحزبية جمهورية كانت أو ديموقراطية فشلت منذ زمان في تجديد نخبها و إبداع طرق جديدة في الحكم و إدارة العالم ، فساد نوع من الجمود القاهر و الروتين الماحق ، و فشلت الطبقة المتوسطة والنخبة عامة في الأخذ بزمام الأمر ، بات العزف على القومية والعرقية و الهجرة هو ما يريد به المرشحون تحقيق الفارق .

ترامب ، نموذج جديد " قديم" ، عودة إلى الزعامة ، عودة إلى العظمة والنخوة ، عودة إلى زمن روزفلت و تشرشيل و دوغول ، عودة إلى عقلية التحكم ، انتكاسة واضحة في الديمقراطية الأمريكة كما الغربية عموما ، فمن ريغان إلى البوشين فترامب ، عودة اليمين المتطرف " المحافظون الجدد " انتكاسة في الفكر في الثّقافة ، هل وصلت الرأسمالية إلى الباب المسدود ، و سيطرت الشركات العملاقة على الوعي حتى أضحى الإنسان الجديد التواصلي في عصر التواصل الاجتماعي الذي يزدرد فيه الناس التفاهة حتى أضحى الشعار السّوقي و الشّعار الطائش و الإنسان الأهوج هو من يستطيع سياقة القطيع .

هذا إن قرأت الموضوع من زاوية الإيمان بعدم قدرة ما بعد الحداثة على وضع رؤية سياسية حقيقية و فشل موضوع النقد للنقد الذي هو أساس هذا الفكر . لكن الواقع يبقى واقعا بكلّ إفرازاته ، فإذا كان الأمريكيون صوتوا لفترتين على كلينتون ، من أجل امتصاص فورة حرب الخليج التي قادها بوش الأول معلنا بداية العالم الأمريكي وتبخر الاسطورة السوفياتية بعد حرب استنزاف عسكرية و حرب اقتصادية شعواء قادها ريغن لفترتين ضدّ السفيات ، ففترة كلنتون هي فترة إرساء القيادة الأمريكية ، وجاء بوش الثاني بعده لاستكمال الامبراطورية الأمريكية و قاد حربه ضد الإرهاب و زاد من منسوب العولمة و سيطرت الشركات العملاقة على العالم ، و ظهرت المضاربات العشوائية فانتجت أزمة اقتصادية كادت تودي بامريكا نفسها ، فالتصويت على أوباما جاء لمعالجة الأزمة و العودة بامريكا إلى حضن حلفائها التقليديين ، لكن هذه الفترة ظهرت فيها قوى صاعدة جديدة كروسيا بوتين و الصين التي تحقق أرقاما تنموية غير معقولة ، و تركيا في الشرق الأوسط ، و ظهرت أزمة أكرانيا ، دون إغفال الربيع الذي أربك الشرق الأوسط ، كل هذه المعطيات ، جعلت صانع القرار الأمريكي يرى في ترامب انبعاثا للحلم الأمريكي الأمبراطوري ، رجل جديد لا يحظى بثقة الطبقة السياسية المستهلكة ، لإعطاء دفعة جديدة لأمريكا كبعبع حقيقي و ليس فقط بعبعا من ورق .

ترامب لم يأت فقط صدفة بل جاء لاستكمال ما بدأه ريغان و عائلة بوش . حتى خطابه الشعبوي هذا هو نفسه تعبير عن الإنسان الذي أنتجته سياسة المحافظين الجدد ، و الانتكاسة التي حدثت في الفكر الإنساني ، وعودة الإنسان إلى العصبية و الانغلاق و الأنانية المفرطة .

و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه

تحية للاستاذ أيوب