عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2016, 08:19 AM
المشاركة 21
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ليبيا: بدء العدّ العكسي لظاهرة خليفة حفتر؟
[1]
تسارعت الأحداث العسكرية والسياسية بعد إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما في بداية الشهر الحالي عن قراره بدعم حكومة الوفاق الوطني الليبية عسكريّاً من خلال توجيه ضربات جوّية لتنظيم «الدولة الإسلامية» في مدينة سرت.
وبحسب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» وتأكيد لها من مصدر عسكري ليبي أمس فإن التدخّل الأمريكي لا يقتصر على الغارات الجوّية بل يتضمن أيضاً وجوداً لقوات خاصة (كوماندوز) برية تعمل على الأرض مع قوات حكومة الوفاق.
الحدث الآخر الذي يكتسب دلالة كبيرة كان كشف مصادر عسكرية وأمنية ليبية أن القوات الفرنسية الخاصة الداعمة للقوات التابعة لمجلس نواب طبرق، والتي يقودها الجنرال خليفة حفتر، انسحبت من منطقة بنغازي منذ أيّام، ورجّحت المصادر أن القوات الفرنسية قد اتجهت إلى قاعدة أمريكية قريبة من مالطا.
الوجود العسكري الفرنسي كان مثار نقد شديد من حكومة الوفاق الوطني التي اعتبرته «تدخّلا سافرا» واستدعت السفير الفرنسي في طرابلس، كما أنه جاء بعد مقتل ثلاثة من الجنود الفرنسيين خلال تحطّم مروحيتهم في بنغازي.
وقد أظهر بيان صادر عن ست حكومات غربية (الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا واسبانيا) يدعو لوضع كافة منشآت الطاقة في ليبيا تحت سيطرة حكومة الوفاق، الاتجاه العام الذي تتجه إليه ليبيا، وذلك بعد توترات حول من هي الجهة المخوّلة إدارة ميناء الزويتينة النفطي بين الجيش التابع للحكومة وحرس المنشآت النفطية، لعبت تصريحات لخليفة حفتر دوراً في تأجيجه.
جاء القرار الأمريكي ليحسم فترة طويلة جدّاً من التردّد في الموضوع الليبي، فيما تكشف ردود أفعال الدول الغربية المتلاحقة بعد حدث الغارات الأمريكية على سرت أنّها توافقت على هذا القرار، أو قبلت به وقرّرت المراهنة عليه وذلك بعد أن تُرك الأمر لـ«الاجتهاد» الفرنسيّ بدعم الجنرال حفتر الطامح للسلطة في تناقض صارخ مع جولات طويلة من المباحثات في أكثر من عاصمة عربية وغربية انصّبت في العمل الدبلوماسي الأمميّ والغربيّ الذي أنتج توافقاً على حكومة فايز السراج.
وحتى السكون الذي يهيمن على رعاة ظاهرة خليفة حفتر الإقليميين، وبالخصوص الجارة الكبرى مصر، تم خرقه بإعلان القاهرة ترحيبها بإعلان واشنطن بدء غاراتها العسكرية على تنظيم «الدولة الإسلامية» في سرت، وسواء كان هذا الموقف شكليّاً ودبلوماسيّاً محضاً، فإنه يعبّر في الحقيقة عن عدم قدرة القاهرة على مقاومة قرار أمريكيّ مدعوم غربيّاً، وجلّ ما يمكن للسلطات الراعية المصريّة للظاهرة الحفترية هو إعلان اعتراضها بطرق غير معلنة.
قدرات مصر على عرقلة عودة حكومة ليبية مركزيّة من خلال استخدام ورقة خليفة حفتر تراجعت كثيراً بسبب تخبّط الحكومة المصرية نفسها في مشكلاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة، وبعد فقدان تأثير الجرعات الماليّة الخليجية نراها الآن في وضعية المستجدي لقرض من صندوق النقد الدولي بغض النظر عن التكاليف الاجتماعية والاقتصادية لهذا القرض.
الصوت الوحيد الذي أبدى رفضاً للقرار الأمريكي جاء من العاصمة الروسيّة موسكو، ولكنّ هذا الرفض يمكن أن يتجسّد في استخدام سلاح «الفيتو» في مجلس الأمن (كما حصل في الموضوع اليمني مؤخراً)، لكنّ هذا لن يؤخر ما يحصل في البلاد لأن روسيا، ببساطة، ليست لديها أدوات فاعلة حقيقية على الأرض الليبية.
وكي لا نخسف «الوفاق» حقّها فإن ما يحصل من تطوّرات يتعلّق أيضاً بجدّية هذه الحكومة في استخدام مواردها السياسية والعسكرية لمحاربة ظاهرة «الدولة الإسلامية» وقد كلّفها ذلك مئات القتلى والجرحى في الوقت الذي كان فيه حفتر مشغولاً بالتحشيد لشقّ الصفوف والدعاية للحلّ الاستئصالي على الطريقة المصرية.
انتهاء صلاحيّة ظاهرة حفتر سيكون مناسبة سعيدة لانتهاء ذيول هذه الظاهرة في أكثر من بلد عربيّ، وعدّاً عكسيّاً لمجتمعات قادرة على نبذ التطرّف وخلق تسويات سياسية حقيقية.

ليبيا: بدء العدّ العكسي لظاهرة خليفة حفتر؟
رأي القدس