عرض مشاركة واحدة
قديم 12-31-2013, 01:11 PM
المشاركة 1078
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية42- - باب الشمس إلياس خوري لبنان

- تعيد "باب الشمس" (1) قراءة تاريخ فلسطين من خلال سرد حكاياتهم التي تتناسل منبعضها بعضا على طريقة "الف ليلة وليلة"، حكاية تطلع من حكاية الى أن نصل في النهايةالى لحظة التحام الراوي بمن يروي عنه وله، خصوصا أن الراوي في هذه الرواية الكبيرةهو جزء من الحكاية نفسها يروي للآخر ولنفسه وكأنه شهرزاد التي فيما هي تروي لشهريارحكاياتها الكثيرة التي تتوالد كل ليلة تتذكر حكايتها هي وتتساءل عن مصيرها الشخصيعندما تنتهي الحكايات وينتصب الموت المهدد في النهاية.

- ينسج الياس خوري منكسر الحكايات الشخصية للفلسطينيين مادة روايته مقيما معمارا تتداخل فيه حكاياتشخصياته وتتراكب ويضيء بعضها بعضا ويوضح البقع الغامضة في بعضها الآخر.

- واذا كانتالحكاية المركزية في الرواية هي حكاية يونس الأسدي، الرجل الذي يرقد في مستشفىالجليل فاقدا وعيه، فإن حكاية الراوي نفسه، أو حكايات أم حسن وعدنان أبو عودة ودنياوأهالي مخيم شاتيلا، لا تقل مركزية عن تلك الحكاية الأساسية التي تشد الحكاياتالأخرى الى بعضها بعضا، والتي يقوم الكاتب بتضمينها في جسد حكاية يونس الأسديوتوزيعها على مدار النص للوصول في النهاية الى لحظة الموت وصعود الحكاية الى أعلى،والي سدة التاريخ المخادع الذي يهزم الكائنات.

- تقوم رواية "باب الشمس" علىواحدة من حكايات المتسللين الفلسطينيين، الذين كانوا يحاولون العودة الى فلسطين بعدضياعها عام 1948 فقد شاعت في بداية الخمسينات ظاهرة العائدين خفية الى وطنهم بعدالطرد الأول. أعداد كبيرة ممن سئموا أيام المنفى الأولى كانوا يتسللون عبر الحدودوالأسلاك الشائكة وخطر الموت لكي يعودوا الى قراهم المهدمة وبيوتهم التي سكنهاآخرون، يهود وعرب، ليعودوا ويطردوا مرة أخرى أو يقتلوا على الحدود بين "اسرائيل" والدول العربية المحيطة.

- لكن حكاية رجل المقاومة المتسلل يونس الأسدي تتحول فيالرواية الى حكاية عشق ورمز صمود وشكل من أشكال المقاومة الديموغرافية للوجودالصهيوني. وهكذا وعلى مدار ثلاثين عاما، وأكثر يذرع الأسدي الجبال والوديان بينلبنان والجليل الفلسطيني ليلتقي زوجته نهيلة في مغارة سماها "باب الشمس" وينجب منزوجته عددا كبيرا من الأولاد والبنات مبقيا صلة الوصل بين الفلسطيني اللاجيءوالباقين على أرضهم.

- وإذ يحول الياس خوري حكاية المتسلل الى نموذج تاريخي، ثم يقومبتصعيد هذه الحكاية لتكون مثالا ورمزا، تحضر الحكايات الأخرى التي يرويها الراوي (د. خليل) عن جدته وأبيه وأمه وعشيقته شمس، أو يرويها على لسان الآخرين معن صادفهمأو سمع عنهم من الفلسطينيين، لتعود الحكاية الرمزية من ثم الى أرضها الواقعيةوزمانها الراهن.

- تتجاذب رواية الياس خوري قوتان: قوة الترميز التاريخي منخلال حكاية أبي سالم الأسدي وزوجته نبيلة، وقوة الحكايات اليومية الأخرى التي تشدناالى فجائعية الواقع وماساته وعنف التاريخ الذي كتب حكاية الفلسطينيين بحروف من دم.

- ومن هنا يتجادل التاريخي مع اليومي في عمل روائي يكثر من ذكر كلمة التاريخ على لسانالراوي الذي تتصفى من خلاله كل الحكايات.

- يحاول الراوي الذي يستخدم دواء الحكاية ليوقظيونس الأسدي من نومه الذاهب باتجاه أرض الموت، أرض الأبدية البيضاء بتعبير محموددرويش في قصيدته "جدارية"، أن يسائل مفهوم التاريخ عن تراجيديا الفلسطينيينالمستمرة بسرد قصص لا تحصى عن الخروج الكبير عام 1948، عن حكايات اللاجئين خارجأرضهم، وعن ضحايا المجازر أثناء الخروج وبعده.

- وهكذا تطلع الحكايات المأساوية بعضهامن بعض في عمل روائي يهدف الى إخبارنا عن عسف التاريخ وقسوته وعنفه وتنكيلهبضحاياه.

وعلى الرغم من تشديد الراوي على وهم التاريخ فإن الوقائع التي يسردها، والقصص التي يضمنها حكاية يونس ألأسدي والتي تتوزع فصولها بين قصص الآخرين، تعيدنا على الدوام الى ملموسية التاريخ وحضوره الضاغط في رواية "باب الشمس".