عرض مشاركة واحدة
قديم 03-14-2013, 03:29 PM
المشاركة 942
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وألان مع سر العناصر التي صنعت الأفضلية والروعة في رواية:
17 أناأحيا - ليلي بعلبكيلبنان

- فيشتاء عام 1958 أعلنت مجلة «شعر» عن صدور رواية عنوانها «أناأحيا» لكاتبة لبنانية شابة تدعى ليلى بعلبكي، وورد في الإعلان أن هذه الرواية «سيكون لها أثر بعيد في مستقبل الرواية العربية».

- كان الإعلان لافتاً جداً في مضمونه أولاً وفي تبني مجلة «شعر» لعمل روائي، هي التي لم يشغلها سوى الشعر وحده.

- ولم تمضِ أشهر حتى راجت الرواية ولقيت نجاحاً كبيراً في الأوساط النقدية وأضحت بمثابة حدث روائي في بيروت الستينات،مدينة الحداثة، وبعض العواصم العربية.

- ولم تلبث الرواية أن أصبحت أشبه بـ «الظاهرة»، وكان يكفي ذكر «أنا أحيا» حتى ترتسم صورةبطلتها لينا فياض في أذهان الكثيرين، نقاداً وأدباء وقرّاء.

- في موسوعة «الكاتبة العربية» (المجلس الأعلى للثقافة في مصر) وفي الجزء الذي تناولالرواية النسائية اللبنانية اختارت الناقدة يمنى العيد «أنا أحيا» كأولى الروايات النسائية الحديثة واصفة إياها بأنها «شكّلت علامة بارزة على تطور الكتابة الروائيةالعربية في لبنان».

- هذه «المرتبة» التي احتلتها «أنا أحيا» سابقاً ما زالت تحتلها تاريخياً، فهي الرواية الأولى «الفضائحية» في المعنى الوجودي العميق التي تعلن تمرّدها أولاً على الإرث الروائي اللبناني (من زينب فواز إلى توفيق يوسفعوّاد) جاعلة مدينة بيروت إطاراً مكانياً و «العصر» الحديث إطاراً زمنياً.

- كما أعلنت تمرّدها على الفن الروائي الكلاسيكي أو التقليدي وعلى مفهوم الشخصية الإيجابية وعلى النظام اللبنائي مانحة «الأنا» الراوية الفرصة لتتداعى بحرية وتوتر وتصبح المحور الرئيس الذي تدور حوله «الأحداث» وتنطلق منه.

- ظلت رواية «أناأحيا تشغل النقدوالإعلام. وتأثر بها جيل من الروائيات بدأ يبرز وفي طليعته منى جبور التي تأثرتبـ «أناأحيا» كثيراً، وبدا هذاالأثر بيّناً في روايتها «فتاة تافهة» (1962) وجاء الاثر من نواح عدة: اللغة، التداعي، التوتر،بناء الشخصية الرئيسة» ندى» التي تشبه شخصية «لينا» في «أناأحيا». ولم تتوان عناستخدام عبارة «أناأحيا» في روايتها مستوحيةأحوال التمرّد والاحتجاج التي حفلت بهارواية بعلبكي.

- رواية أناأحيا» لا تخلو من المتعةوإن فقدت الرواية بعضاً من الجرأة التي تميزت بها لا سيما عبر شخصية البطلةالراوية التي أعلنت أقصى تمرّدها على القيم والثوابت و «الأصنام» المعاصرة والعائلةوالجامعة والأيديولوجيا… بحثاً عن الحرية، الحرية الفردية خصوصاً.

- شخصية البطلة شخصية سلبيةبامتياز (في مفهوم البطل السلبي) عمرها بين التاسعة عشرة والعشرين، عنيفة وشرسةورقيقة في آن واحد، تكره الحياة وتسعى إليها، تعيش في الواقع وتحلم… «بطلة» متناقضة، تعاني الوحدة و «القمع» العائلي، تكره والدهاوتسخر منه، رجلاً ذكورياً وزوجاً وتاجراً ينتمي الى طبقة الأثرياء الجدد. علاقة «أوديبية» ولكن في الوجهة المعاكسة. تفضحه يتلصص على «الجارة المترهلة» هو الثريالذي يفيد من المآسي والأزمات ليتاجر بالقمح وسائر السلع بين لبنان ومصر وبريطانياوتبلغ بها الكراهية حتى لتصفه بـ «الأحمق» وتحتقره.

- أما الأم فلم توفرها بدورها منبغضائها. إنها في نظرها أنموذج عن المرأة التقليدية التي لا تعرف من الحياة إلا طهوالطعام وتربية الأبناء ومشاركة الزوج فراشه عندما يريد هو. امرأة خاضعة لسلطة «الذكر» تشفق عليها وتشمئز منها وتعاندها: «منظر لحم والدتي يثير قرفي منها»… ولعلهذا الموقف من الأم وبعض النماذج النسائية الأخرى يبعد الرواية عن مضارب الأدبالنسوي. فقتل الذكر مجازاً يقابله قتل الأنثى مجازاً أيضاً.

- لم يقم في الرواية صراعصريح بين الذكورة والأنوثة كقطبين مضادّين. فالراوية تحتقر الرجل التقليدي مثلماتحتقر المرأة التقليدية.

- إنها لينا فياض التي تتولى فعل السرد وتؤدي دورالأناالراوية.

- تخبر في المستهل أنها قصّت شعرها الجميل في موقفعدائي من «الأنظار» التي يلفتها هذا الشعر: «لمن الشعر الدافئ المنثور على كتفيّ؟أليس هو لي…؟ ألست حرة في أن أسخط عليه…؟» تقول. عبارة «ألست حرة» ترددها دوماًممارسة فعل الحرية وإن كان ثمنه باهظاً فيأحيان.

- ولعل إصرارها على السير تحت المطر وعلى استقلال القطار (الترام) هي ابنة العائلة الثرية يمثل أحد وجوه الحرية التي تبحث عنها وتعجز عنتحقيقها. المطر يغسل جسدها من «وحول» السلطة بل «السلطات» التي طالما خضعت لها ويمنحهالحظات من التحرر.

- التحقت بالجامعة الأميركية ثم تركتها من دون أن تنال أيشهادة. إنها تكره أيضاً الدروس وأفكار الأساتذة على رغم الأسئلة الكثيرة التيتطرحها على نفسها، أسئلة سياسية وفلسفية وفكرية. تحاول أن تعمل في مؤسسة وتفشلوسرعان ما تقدم استقالتها الى المدير «البصّاص» الذي ودّت ذات مرة أن تقطع ساقهاالتي كان ينظر إليها بشهوة وترميها في عينيه فيسيل دمها في فمه كما تعبّر.

- واللافت أن المؤسسة التي عملت فيها فترة هي «مكتب دعاية ضد الشيوعية»، لكنها لم تعر الأمرأي اهتمام هي التي تناهض الاستعمار وتدافع عن فلسطين والجزائر في حربها ومصر فيمواجهتها الاعتداء