الموضوع: (( صندل وبوصلة ))
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
15

المشاهدات
5152
 
نسائم أحمد
من آل منابر ثقافية

نسائم أحمد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
21

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Nov 2015

الاقامة

رقم العضوية
14291
12-01-2015, 02:19 AM
المشاركة 1
12-01-2015, 02:19 AM
المشاركة 1
افتراضي (( صندل وبوصلة ))
((صندل وبوصلة ))
(1)
على عنقها طوْق من الياسمين الغض، فستانها الأزرق المترامي على الرقة نفسها، صندلها الناعم يحاكي وينافس عذوبة قدمها، تنتظر بقبعة قش تلتف على رأسها كأنها تحمي شعرها من رقة النسيم.
الفرح الذي يقبع بين باقة الورود المبتهجة، التي تضج بصوت ضحكات فرحة بأحضان الفتاة الزهرة.
على مقعد جاف بمحطة القطار يقبع هذا الجمال.
لوحة فاتنة بجانب جدران ميتة تغص بها المحطة. وعيون الفتاة على القطار القادم! نزل الركاب وزاد ارتباكها. هذا القطار الثالث الذي أتى بدونه!
بدأت تنكمش على نفسها: فالغربة أحاطتها فجأة، أضواء عينيها خفتت.
سألت نفسها: كيف سأعود؟! قد نسيت أن تضع علامات تدلها على طريق العودة.
ظنت أنه سيرافقها ولن تحتاج لبوصلة. ظنت أنه سيأخذها إلى الشلال ويحط بها على شجرة التوت.

(( فرق توقيت ))
(2)
لكن عادت روحها حين لمحته بالقطار الخامس:هيبة ، عطر معتق من صنوبر غض. كلما أتى على فكرها، أطاح بها، في كل مرة تفقد توازنها، تحس بدوران يفتك بثباتها.
لم ينقذها إلا مقعدها الجاف وجدران المحطة. أتى يمشي إليها وكأن الضوء سرق من حضوره بعض ضيائه، وأنورت الدنيا بشموس متلألئة من وجوده بقربها. طارت إليه، وهو يتلكأ يكتب شيئا على جواله الضخم الذي حجب أصابع يديه التى يقبع بهما الأمان، ووطنها.
قالت في نفسها: يا إلهي كم أعشق هذا الرجل. اقترب منها، قبلها على عينها بسرعة أمسك يدها. وأنهى ما كان يكتب، وعلى عجل قال :عليّ أن أعود بنفس القطار! وذهب.


((فرق إحساس))
(3)
وقعت من يدها أمانيها، نظرة ضياع. لوحة لفتاة يتيمة ، اندمجت مع رسوم التائهين في المحطة، ألوان اليأس اندمجت باهتة مع الشقاء والتوتر.


((بديهيات))
(4)

واذا بيد على كتفها، ويد أخرى على أقدامها.
هذا هو حبيبها يركض بها الى القطار الذي تأهب على المضي.. بآخر لحظة وصلا للداخل.
ضحك لها وقال:أصبحتِ ثقيلة حبيبتي.
ضحكت له بامتنان وعشق ووله.
وعاد إلى تجاهلها والكبس على آلته.
أنفاسه تذهب لجواله مرة، ومرة لحقيبته الجلدية اللامعة.
ترك لها يده اليسرى تأخذها إليها وهو بعيد.. بعيد.

((عبير الأماكن))
(5)

وقفت على نافذة القطار تحضن ما بقي لها منه.
بعد ساعة ونصف؛ قربها منه بحركة راقصة... رمى وجهه بشعرها، وهمس لها:
يا إلهي كم أنا مرهق حبيبتي.
أسند رأسه على حضنها وقال: علي أن أنام كم ساعة قبل النزول.
وغفا.

انتهى.


"إعتيادي على غيابك صعب.
وإعتيادي على حضورك : أصعب"