عرض مشاركة واحدة
قديم 06-22-2016, 05:19 PM
المشاركة 48
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
جاءت عطلة دجنبر ، تنفست الصّعداء ، إلى أين سأمضي ، أحتاج إلى تغيير الجوّ ، حدّثت أمّي بالأمر ، انتزعت رخصة مشروطة عند أبي ، تبيع الثوم في أكادير ، كيف يا أبي ، هذا الثوم فاسد أغلبه ، وكساد هذا العام لا مثيل له ، رغم ذلك ، لا تتعب نفسك ، القرار نافد نافد . في سوق الجملة لا أحد ساومني ، بتت أحمله عبر أسواق أكادير كبائع بالتقسيط ، خميس تيكوين ، سوق الحد ، ثلثاء انزكّان ، أسايس أيت ملول ، عبد المالك معي ، يساعدني ، يحمل معي الأكياس ، أطوف حول الدّكاكين ، من يريد الثوم ؟ حتّى انقضت العطلة . كنت أحمل معي ورقة من مئة درهم عند خروجي من الملت ، وعند عودتي ، رجعت بمئة درهم ، لم تفقد شيئا و ما ربحت شيئا يا أبي .
بدأنا الدورة الثانية به ، استوينا على المقاعد أو لا نكاد حتىّ سمعت إسمي ينطق على لسانه باللكنة البيضاوية الجافة ، قم و صحّح التمرين الأول ، قمت وبعض تثاقل يكبّل مشيتي ، سألته عن أي تمرين يتحدث ، قدّم لي ورقة أسئلة الامتحان . أنهيت التمرين و جلست على مقعدي ، لم يجد ما يكدّر به يومي ، هذا الشكّاك أعرف ما به ، ظن أنّني غششت في الامتحان ، هذا ما وسوست لك به نفسك ، أفاجئه لأصطاده حيّا ، نطقت أو لم تنطق ، رمّشت عيناك أو لم ترمّشا ، تحركت ، يمينا أو شمالا ، فأنا أعرفك جيّدا ، فقط لا أزال أتحمّل ، عساني أجد روحي ، لكن متأكد أن حدسي لا يخونني أبدا ، أنا لن أندمج ، فقط وجب الاحتياط ، وجب التعقّل ، في آخر الحصّة تلا علينا بيان النقط ، لم تكن نقطتي قوية و ماكانت ضعيفة ، ثلاثة عشر نقطة و نصف النقطة من عشرين . لم تفرحني نقطتي ، و لم تحزنني ، حالة من جمود المشاعر ، ربما نقطة الطبيعيات كانت على نفس المنوال ، لكن الفزياء قهرتني ، ستة من عشرين ، و الفرنسية كبّلتني ، أربعة من عشرين ، وجدت نفسي في المرتبة الثامنة عشر من واحد و ثلاثين تلميذا ، رغم أنّني حصلت على المعدّل ، لكن ما أبهجني شيء من هذا كله ، أعرف أنّني لن أتقدم أكثر من هذا ، وجبت الاستراحة ، آن لهذا العقل أن يستريح ، أن أبتعد عن المرتبة الأولى بعد الشمس عن القمر ، هذا لا أقبله ، قد أقبل ترتيبا كيفما كان نوعه ، لكن أن أحس مسافة ضوئية بين نقطي ونقط الحاصل على المرتبة الأولى ، عشرة و بعض السينتات ، و أخت العاقل حصدت ستة عشر و أكثر ، هذا الوضع لم أجربه سابقا ، هذا الوضع غير لائق بفتى اسمه نورالدين .
نعم يا أمّي لأجلك صبرت الشهور الثلاث ، لا أريد لضميري أن يوبّخني أكثر ، لا أريد أن أكون خارج أسوار المدرسة و زملائي داخلها ، المواظبة هي آخر قلاع التزاماتي ، وجب حلّ الأحزمة ، و فكّ القيود ، أنا يا أمّي لا أستطيع تقبّل الإهانة ، هنا في الوادي ، أشرب سيجارة ، إن لم تهدّئ من أعصابي عطرتها ببعض حشيش ، كل يوم مع فتاة تنسيني همّي وتنسيني لؤلؤة ، وهكذا العمر يمضي ، بين الفينة والفينة أطّل على زملائي ، لأعرف ما يروج في فضائهم ، هكذا حتّى ينقضي هذا العام البئيس .
ناس الغيوان تغنّي : "مهمومة واخيي مهمومة ، مهمومة وهاد الدنيا مهمومة" تغير الإقاع و الألحان ، الظاهرة الغيوانية ، صرخة نفس بيضاوية جريحة ، صرخة ضد الظلم ، ضد الفقر ، ضد الحاجة ، ضد التهميش ، ضد الاستبداد ، جيل جلالة ، المشاهب ، السهام ، فرق تغني دمعتي الحزينة . أرشاش ، عبدالهادي إزنزارن ، صوت سوس المقهور ، يزرع الثورة في دمائي ، شعري ملولب على رأسي ، عفوت عنه من القص المنتظم ، يجب أن يعلن حالة الحداد ، عيناي لاأفتح منهما إلا قليلا لا أحبّ لهما أن تكونا بريئتين . هذا ما تفعله بنا الأيام .