عرض مشاركة واحدة
قديم 12-21-2010, 09:53 PM
المشاركة 8
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحارس





يدخل الضوء فأستيقظ؛ إنه هنا


يبدأ بقول اسمه لي، الذي هو طبعاً اسمي


أخضع لهذه التبعية التي دامت أكثر من سبعين عاماً


يفرض عليّ ذاكرته


يفرض صغائر كل يوم، الوضع البشري


أنا ممرضه العجوز: يجبرني على غسل رجليه


يراقبني في المرايا وفي أثاث الأكاجو وفي زجاج الدكاكين


لو صدّته هذه المرأة أو تلك، عليّ مشاركته شقاءه


يملي الآن عليّ قصيدته، التي لا تعجبني


يتطلّب مني أن أتعلّم عناد الأنغلو سكسوني


هداني إلى عبادة جنودٍ موتى ربما لا يمكنني أن أتبادل معهم


كلمة واحدة


نهاية الساحل تقترب ولا زلتُ أشعر به


إنه في خطواتي، في صوتي


أكرهه بدقة


ألاحظ بمتعة بأنه بالكاد يرى


أنا في غرفة مستديرة والجدار اللا متناهي يضيق


لا أحد منا يخدع الآخر، ولكن كلٍّ منا يكذب على الآخر


كلانا يعرف الآخر جيداً، يا أخي الذي لا فراق معك


تشرب الماء من كأسي وتلتهم خبزي


باب الانتحار دائماً مفتوح


لكن علماء اللاهوت يؤكدون


بأنه في الظلال قادم من المملكة الأخرى


سأكون هنا، في انتظار ذاتي




من “ذهب النمور"




ترجمة : أنطوان جوكي





المتاهة




حتى زويس غير قادر على كسر زردة واحدة


من هذه الشباك الحجرية، قدري إلى الأبد


الرجال الذين كُنتُ يتلاشون في البعيد


بلا توقف أسير بمحاذاة سورٍ


رتيب ومكروه.. مفترقات طرق كاذبة


أروقة يفسّرها نظري المشوِّه


كدوران بطيء وسرّي


حواجز متصدّعة بفعل الزمن


أحياناً أكتشفُ في الغبار الشاحب


وجوهاً قديمة مُفزعة.. أحياناً يأتيني


المساء المقعَّر بصوت يأسٍ


نزير هلاكٍ، صدى حشرجة عميق


أعرف أن الظل يخفي آخرَ، قدره


الإنكباب على دراسة جهنم


بلا كلل، إغاظة وحدتي


اشتهاء دمي، التهام موتي


محتّماً، يبحث واحدهما عن الآخر مغرياً إياه


فليكن اليوم آخر يوم انتظار


أسطر كان ممكن أن أكتبها وأضيعها نحو عام 1922


معارك الغروب الصامتة


عند الضواحي الأخيرة


هزائم أبداً قديمة لحربٍ في السماء


فجر هدّام يأتينا


من العمق القاحل للفضاء


ومن عمق الزمن


حدائق المطر السوداء، لغز كتاب


كنتُ أخاف فتحه


ترجع صورته في أحلامي


الفساد والصدى الذي سنكونه


القمر والرخام


أشجار ترتفع وتدوم


كآلهة مطمئنّة


الليل المتبادل والمساء المرجو


والت ويتمان الذي اسمه بحجم العالم


السيف الباسل لملكٍ


في المجرى الصامت من نهرٍ


السكسونيون والعرب والغوطيون


الذين أنجبوني بدون أن يدروا


هل أنا هذه الأشياء وتلك


أم أنها مفاتيح سريّة ومعادلات عسيرة


لما لن ندركه أبداً ؟



من “مديح الظلام” هـ. و



الدرب القديم أصبح محظوراً


الباب، الرقم، الجرس


ماذا تبقّى في نفسي المهزومة؟


طعم فردوس مفقود


عملي منجَز، حين يتجوّف الأفق


ينتظرني صوت لطالما انتظرته


في تشتت اليوم السرّي


وفي سلام ليلة العشق


هذه الأشياء غير موجودة.. آخر قدري:


الأيام الغامضة والذاكرة الملوّثة


الإسراف الطويل في الأدب


وذلك اللغز قبل الموت، الموت


لا أريد سواه، وأريده كاملاً


مطلقاً.. مع التاريخَين على قطعة الرخام




ترجمة : أنطوان جوكي

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)