عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2017, 11:09 PM
المشاركة 14
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
حقيقة
استيقظت شهد صباح اليوم التالي على صوت جود وهو يناديها ويستعجلها. وعندما نهضت اتجهت نحو المطبخ حيث جود و خالتها، فطلب منها جود التجهز لتخرج مع خالتها لتذهبا لزيارة والدها. فقد طلب رؤيتها بأسرع وقت... أسرعت شهد بالتجهز لرؤيته... عندما وصلتا تفاجأت بوجود نبيل في انتظارها في غرفة والدها.
الأب: ابنتي، هل هذا صانع البسمات الذي حدثتني عنه؟
-نبيل: هل اعترفت بلفظ صانع البسمات... هذا رائع.
-الأب: ابنتي، جاء هذا الشاب إلي اليوم ويتقدم لخطبتك... أخبرني أنك وضعت شرطا للموافقة، لكن طلبك صعب يا صغيرتي... ربما لم يكتب الله لتلك الفتاة الزواج، الآن على الأقل. لا تقرني مستقبلك ومستقبل هذا الشاب بطرف ثالث ربما مستقبله في مكان آخر.
-شهد: لكن يا أبي، هذا الحل الوحيد.
-نبيل: أخبرتك يا شهد، ربما يكون الحل أمامك لكنك لا ترينه وحسب.
-الخالة: عزيزتي شهد، أعلم أنك لم تعتبريني يوما كوالدتك، لكن هذا الرجل والدك الحقيقي... لو أنك رأيت سعادته حين جاء نبيل وطلب يدك منه هو.
-الأب: أجل يا ابنتي، لقد حققتما لي حلما لطالما تمنيت عيشه... لأول مرة أشعر بقيمتي كأب. أخوتك الثلاثة تزوجوا دون مشورتي أو موافقتي... لقد أشعرتني بمعنى الأبوة.
-نبيل: ماذا قلت يا شهد؟
-شهد: حسنا... أنا موافقة.
-الأب: مبارك يا عزيزتي.
-نبيل: فالتعلم يا عم، حين نتزوج لن أقبل أن تبقى هنا... ستأتي لتعيش معنا... لقد اشتريت بيتا كبيرا سترتاح فيه معنا. أليس كذلك يا شهد!
-شهد: طبعا لن نقبل ببقائك هنا.
-الأب: أين أخوك جود؟ أنا لا أراه.
-نبيل: قال أن عنده عمل في مختبر القسم... شيء بخصوص أحماض نووية، ربما يعمل على إحدى القضايا.
في طريق العودة الى المنزل استلمت الخالة قيادة السيارة، فقد كان المطر شديدا وشهد لا تجيد القيادة في المطر. كانت شهد في قمة سعادتها فقد كانت ولأول مرة تشعر بحنان خالتها... في ذلك الوقت كانت حبات المطر وكأنها تتراقص فرحا أمامها على النافذة... ترسم فرحا عميقا في قلب شهد، صوته كألحان جميلة تدفئ روحها التي لطالما كانت تشعر بالبرد.
-شهد: شكرا لك لما فعلته من أجلي... في الواقع أنا آسفة جدا. لطالما صببت خوفي وحزني لفراق أمي عليك، مع أن الذنب ليس ذنبك... أنا حقا آسفة.
-لا بأس عزيزتي، لطالما شعرت أنك ابنتي، وعلمت أن الوقت الذي ستزيلين فيه قلقك مني و تحبينني فيه قادم لا محالة... تذكرين يوم قصصت خصلة من شعري لتضعيها في صندوقك الصغير؛ في ذلك اليوم شعرت أنني أقرب إليك أكثر، لكنك أمسيت تبتعدين عني أكثر فأكثر.
-أجل ذلك الصندوق، كدت أنسى أمر وجوده معي.
فجأة قالت شهد بحماسة: الصندوق... أجل هذا هو الحل.... أمي أنت رائعة... أين هاتفي علي الحديث الى جود بسرعة.
في تلك الأثناء، كان جود ينتظر نتائج تحليل الحمض النووي مع صديقه...
صديق جود: جود، ربما ما سأخبرك به... غريب و صعب التصديق، لكن عليك أن تعدني أن تتمالك نفسك... مهما كانت النتائج.
....
-شهد: جود لا يجيب على هاتفه.
-الخالة: كرري المحاولة... ربما لم يلحظه.
- لقد حاولت عدة مرات.
-ربما هو مشغول جدا... سمعت ما قاله نبيل.
-لا يا أمي، الأمر مختلف. جود لم يسبق أن تجاهل مكالمتي مهما كانت ظروفه... على الأقل، كان ليرسل رسالة يخبرني أنه مشغول.
-عزيزتي... هذه أول مرة تناديني فيها بأمي.
-ماذا!.... لا ليس تماما، لقد فعلت من قبل... هل نسيت؟
-لم أنس، لكنك كنت تسخرين... أم أنك أنت من نسيت ذلك؟
-لا بأس ستعتادين على هذا النداء بدء من اليوم... ما بالك، لم لا تخففين السرعة عند المنحنيات؟
-لا أستطيع، المكابح لا تعمل بشكل جيد...يبدو أنني... أنا... أفقد السيطرة.
صرخت شهد محذرة الخالة: انتبهي أمامك منحنا شديد....
كان جود يقف بلا وعي أمام صديقه، الذي كان يحاول تخفيف أثر الصدمة التي أصابته بنتائج التحليل.
صديق جود: أسمعني جيدا، أعلم أن هذه النتيجة غريبة لكنها صحيحة... أتمنى لو أنني مخطئ، لكن الأمر غير قاب للجدال... النتائج صحيحة بالكامل، فكما أخبرتني أن العينات قد فصلت بعناية تامة ولا مجال لأي خلل... كل هذه الأحماض لا تطابق حمضك... إلا واحد... الآن عليك العودة لعائلتك، و مصارحتهم بالحقيقة... عليك أن تفهم ما حدث، يبدو أن والدك كان محقا تماما..... عفوا، هاتفي يرن... إنه الطبيب نبيل، مرحبا... أجل أنا مع جود الآن... ماذا تقول؟ هل أنت جاد! متى حصل ذلك؟ حسنا سأخبره حالا... شكرا لك...أعلمني بالتطورات أولا بأول... مع السلامة... جود، لقد وقع حادث في المدينة، اصطدمت سيارة بحافة أحد المنحنيات الحادة وأصيب راكبوها بضرر كبير... لقد كانت أسرتك يا جود، نقلوا الآن الى مشفى العاصمة.
تلقى جود الخبر كأنه صفعة قوية أيقظته من صمته، و أسرع للمشفى للاطمئنان على أسرته... حين وصل استقبله الطبيب و أخبره أن عائلته نجت بأعجوبة من الموت المحتم... فعزم السائق أخرجهم من المأزق، وأعلمه أنه يمكنه رؤيتهم بعد التحدث الى رجل الشرطة الذي عاين الحادث، فالأم أصيبت ببعض الكسور، بينما إصابة شهد أقل وطأ فقد كسرت ساقها وحسب ، فوسائد الحماية في السيارة قلل من شدة الصدمة عليها، بينما لم تعمل في مقعد الأم.... وعندما التقى برجل الشرطة، أخبره أن سبب الحادث هو خلل في المكابح، وعلى ما يبدو أن هناك من عبث بها، وهطول المطر زاد الأمر سوء... مما يعني أن الحادث مدبر وعليهم معرفة الفاعل... طلب جود من الشرطي اعطائه الوقت لفهم ما حصل. واتجه بدون تردد الى غرفة شهد، كانت ما تزال متعبة من أثر الحادث، وبالكاد تتحدث... جلس الى جانبها وهو يرمقها بنظرة غضب.
-شهد: ما بك؟ لم تنظر إلي بهذا الشكل؟... هل هذه نظرة القلق خاصتك؟... أهكذا تقلق على أختك!
-حين أخبرتني أنك ستفعلين ما وعدت به أمك، لم أتخيل أن يكون الأمر بهذا الشكل... هل أردت قتلها وقتل نفسك؟ هل هذا جزاء من اهتمت بك و بأخيك مذ كنت صغيرة!
-ما الذي تتحدث عنه...لست أنا من عبث بالمكابح. جود، اليوم شعرت لأول مرة بدفء الأسرة... هذا الشعور الذي افتقدته منذ أن رحل أبي... كيف لي أن أفسد سعادتي بيدي... هل ذهبت لرؤية أمك؟
-ليس بعد... أريد كشف بعد الحقائق أولا.
-كما قلت لك، لم أكن من عبث بالمكابح... لكني أريد إخبارك بالأمر الذي دفعك للانضمام الى قسم التحقيق.....
في تلك الأثناء كان الطبيب يتفقد حال الخالة، التي لم تتوقف عن السؤال عن حال شهد وعن باقي أبنائها.
-شهد: لا أرى أنك متفاجئ بما سمعت! هل كنت تعلم؟
-في الواقع، لقد شك والدي أو عمي لا أدري ما أسميه بالأمر بسبب الشبه... وأخبرني بشكوكه قبل وفاته بلحظات... واليوم قررت التأكد. في الواقع أخذت الصندوق الخاص بك، وعرفت الحقيقة... لكن كيف حدث هذا؟ هذا ما أريد معرفته... ولم لم تخبري عمي بالأمر؟
-جود، إنه والدك... مهما حصل فهو من رباك....