عرض مشاركة واحدة
قديم 10-17-2011, 10:13 AM
المشاركة 160
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
والان مع سر الروعة في رواية :

58 ـ الوباء، للمؤلف البير كامو.

اهم شخصيات القصة:-ربو:طبيب –رامبير صحفي –تارو قاضي –الاب بانولو رجل دين-غران وحبيبته جان-بواب ربو –ام ربو –زوجة ربو المريضة .

السيد ربو يذهب إلى عيادته بشكل منتظم يوميا ,وفي إحدى الأيام وإثناء عودته إلى بيته يرى جرذا ميتا مرميا على الدرج فاستعجل لرؤية البواب وسأله بكثير من الشدة غير إن البواب قال له لعل هذا مزحة ثقيلة من قبل احد الجيران ,و ظل الوضع هكذا إلى اليوم التالي وإذ شاهد أكثر من مجرد جرذ وأكثر من كون الموضوع مزحة أو ما شابه فههنا بضعة جرذان ميتة على أطراف الدرج ,اخذ الخبر ينتشر من كل حدب وصوب حول أعداد الجرذان الميتة في المدينة ,وأخذت الأعداد تتزايد يوما اثر يوم ,حتى انه في مرة من المرات احد الشخصيات يمشي في الشارع وإذ لقي جثة طرية لينة كالعجينة تحت رجليه واخذ الشك يغزو قلب ريو بأنها كارثة عظيمة أحاطت بهذه المدينة التي طالما القذارة انتشرت في كل أنحاءها ,حيث لا شجر ولا اخضرار وحيث الأرض قاحلة ميتة,الغبار هو السيد في المدينة هو المسيطر على العيون والأجسام لا شي يبعث الأمل في القلوب حتى وجوه الناس بائسة ينبعث منها البؤس والأسى والشقاء .القحط والجفاف قد سيطرا على الوجوه والقلوب والعيون. هذه المصيبة بداية شر لا يحمد عقباه لعل هذا الشر هو مرض الطاعون .لم يستطع ريو قط أن يبيح بهذا السر الفظيع لأحد,إلى أن وصل الخبر إلى كبار المدينة ومسئوليها حتى عقدوا اجتماعا طارئا لمناقشة الوضع وظل السر مكتوم ولكن ما لبث أن بدا أعراض المرض تظهر في البشر وأول ما ظهر على احد البوابين حيث تورم جسده وسيطرت عليه حمى شديدة يكاد يموت من الحرارة الزائدة وعانى أيضا من ألام في البطن وتّورم في العنق ودمامل في كافة أنحاء جسمه .... قال احدهم لعل هذا المرض يصيب البوابين فقط,غير انه ما لبث وان أصاب الثاني والثالث وازداد العدد وكثرت أعداد الموتى وامتلأت المستشفيات وأخذ النحيب يعلو في أجواء المدينة المنكوبة وصمت من جانب آخر.جاء رامبير إلى المدينة ليعمل ريبورتاجا شاملا عن أحوال المدينة وعن أسباب هذه الكارثة الأليمة.وبعد عدة أيام أعلنوا حالة الطوارئ في المدينة وعزلوا المرضى عن أهاليهم وعملوا معسكرا مغلقا وأعلنوا عن حظر التجول ووقفوا الاتصال بالمدينة فمنعوا من مرور الشاحنات والقطارات والبواخر إلى المدينة فكاد مدينة وهران سجنا لا خلاص منه ,ففرقوا الأحبة و العشاق و قطعوا الروابط المتينة في العائلة الواحدة فبعدوا الأم عن رضيعها والأب عن ابنه والزوج عن زوجته والحبيب عن حبيبته وكانت حقا مأساة تاريخية .واخذ الفساد ينتشر في المدينة وامتلأ السخط والازدراء قلوب الناس ومن هؤلاء الناس كان الصحفي رامبير الذي جاء إلى وهران بحكم مهنته غير انه بقى سجينا ولم يستطع التخلص منه على رغم من محاولاته مع السيد الطبيب الدكتور ريو فكان يقول أرجوكم ساعدوني قدروا موقفي لعلها قضية إنسانية .إنني الآن بحاجة زوجتي وهي بحاجتي أنها حبيبتي مالكة فؤادي ولكن ما لبثت الآمال ذهبت مع الريح فكانت المدينة مغلقة والخروج منها مستحيلة بحجة عدم انتشار المرض في أرجاء المعمورة ,على كل حال ظل الوضع هكذا واخذ الناس يتكلمون عن الخلاص من هذا المرض فبعضهم يدعو إلى شرب الخمر والكحول لعلهم يخلصون الجسم من هذا الوباء فكانت نتيجة لذلك امتلأت المقاهي بالناس وانتشروا سكارى في الطرقات والشوارع ولكن لا جدوى ,وبعضهم الآخر كأب بانولو جمع الناس في كاتدرائية في وسط المدينة واخذ يتكلم عن أسباب المرض والخلاص منه حيث قال:انه نتيجة لفساد قلوبنا وضياعنا في متاهات الدنيا وشرورها وانحرافنا عن طريق الصواب ألا وهي إيماننا القوي الرصين بالله سبحانه وتعالى كل هذه الأشياء جعل من الرب يغضب علينا ويلقننا درسا لا ننساه بحياتنا ولكي يعيدنا إلى جادة الصواب والأيمان جاء بهذا الوباء القاتل دواء لكل الشرور والآثام في هذه المدينة .إن الإنسان الصادق المؤمن لا يرتجف قلبه في حين إن الإنسان المنحرف الشرير من حقه يرتجف من غضب الله,وان الله بعث هذا الوباء وانه ما من قوة في الأرض تستطيع أن تقاوم وما من علم من العلوم يستطيع أن يضع حدا لهذا الغضب لعل الحل يقف علينا نحن بان نقوي إيماننا ونرجع إلى الصواب وطريق المستقيم وعبادتنا لله سبحانه وتعالى .كان ريو جالسا في هذا الاجتماع لم يعجبه كلام بانولو ولم يستطع أن يتصور الجهل بهذا الحجم .في هذا الاجتماع وبسبب هذه المحاضرة الدينية الروحانية انقسم الشعب إلى مؤيد ومعارض لأقوال الأب بانولو فمنهم من رأى بانولو على الحق والصواب وان الخلاص هو بيد الله هو الذي خلق الداء والدواء ومنهم من عارض رأي بانولو على انه لا يأتي شيئا من العدم ولا يفنى شيئا من العدم فكل شيء وكل سبب له مسبب وبالتالي لكي نتخلص من السبب يجب ان نعرف المسبب.ونتخلص منه ...وبما انه الامل ما زال ساريا في عروقنا فان الخلاص لامر حتمي ,هذا ما قاله ربو وتابع يقول ان سيادة الطاعون اصبحت بحكم منتهية ما دام هناك خط رفيع من الامل في قلوب الناس وان السلام يتحقق بالمودة فكان ربو يتعب ويشقى ويتعذب ويسهر طويلا يكاد لا ينام الا اربعة ساعات في اليوم انه يعيش مع ألام الاخرين ويتالم كثيرا بمأسيهم ويحاول قدر الامكان ان يضع حدا لهذه الالام والاوجاع يحاول ان يكسر تاج الطاعون ويرميه في اسفل السافلين.انه انساني لأبعد الحدود حيث يقول((استشعر مع المقهورين حظا من التضامن اكبر مما استشعره مع القديسين واحسب انني لا احب البطولة ولا القداسة وان الذي يهمني هو ان يكون المرء انسانا))وكما يقول ربو بشأن فراق غران عن حبيبته جان ((يفكران بأن هذا العالم الذي لا حب فيه كان كأنه عالم ميت ))وكانوا مجمعين على التفكير بأن رغد الحياة السابقة لن يعود دفعة واحدة لان الهدم ايسر من البناء ولكن ان في الواقع بدأ املا ما يظهر إلى الوجود,وبدأ ربو يتفاءل مع وجود هذا الامل وانه لعلى ثقة كبيرة بأن انبعاث الامل هوالسبيل الى الخلاص من الطاعون.حقا قد نقص عدد الموتى من جراء الطاعون تدريجيا واخذ العيون تتراقب انبعاث يوم جديد يوم الوصال يوم اللقاء يوم السعادة .واخذ الحبيب يلهف لرؤية حبيبته والام تتمنى ان ترى ابناءها قبل ان تموت والاب يرتقب مجيئ اولاده ليحس بامان وسلام وليطمئن قلبه وليستطيع ان يموت بارتياح وعدم شعور بالذنب من جراء تسببه في خلق هذا الكائن البريء هذا الانسان الوديع لكي يسعد ويسر في الحياة لا ان يتعذب ويشقى .واخذ رامبير يعد الثواني بالثواني يوم الخلاص ليلتقي بحبيبته وليرتشف من شفتيها العسل وليحضنها بحضنه الدافئ .هكذا هي الحياة وهكذا انتهى السجن وفتحت ابواب المدينة وفك الحصار وحظر التجوال وفتحت ابواب المحلات والمتاجر واستطاع الناس ان يجتمعوا ثانية على شاطئ البحر لينعمواا بمياهه الزرقاء ويتهنون بليالي وهران المقمرة الجميلة واستطاعواان يسمعوا الموسيقا بعد غياب طويل وان يرقصوا بعد ملل قاتل وان يغنوا بعد صمت مخيف ومرعب.انتهى الطاعون وتحقق السلام والامن في مدينة وهران بعد تضحيات جسيمة ونضال دؤوب ومقاومة عظيمة .حقا ان اليأس يجلب اليأس نفسه وان الامل يجلب السلام والامن والمستقبل المنشود.

بقلم فرهاد