عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2019, 10:00 PM
المشاركة 5
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: ليلة صيف - قصة قصيرة للكاتب الامريكي أمبروز بيرس - ترجمة د. زياد الحكيم



ولكن كان ثمة شيء يحدث فوق رأسه. فقد كانت ليلة صيفية مظلمة، تقطعها ومضات من البرق صامتة غير منتظمة تطلق سحابة خفيضة في الغرب تنذر بعاصفة. هذه الومضات الخاطفة كانت تضيء معالم المقبرة الاثرية وشواهد القبور فيها فبدت كأنها تتراقص. ولم تكن ليلة يحتمل فيها ان يتجول انسان في مقبرة ما جعل الرجال الثلاثة الذين كانوا يحفرون قبر هنري ارمسترونغ يشعرون بشيء من الامان.

اثنان منهم كانا طالبين شابين في كلية الطب على مبعدة عدة اميال. وكان الرجل الثالث زنجيا عملاقا يدعى جس. وقد مضت بضعة سنوات كان فيها جس يعمل في المقبرة في مختلف المهام: وكان من اهم ما يمتاز به انه كان يعرف كل من في المكان. وقد تبين بشكل واضح من طبيعة ما كانوا يقومون به من عمل ان المكان لم يكن مكتظا كما كان سجل المقبرة يشير.

وخارج سور المقبرة، وفي بقعة من الارض هي الابعد عن الطريق العام، كان ينتظر جواد وعربة خفيفة.

لم تكن عملية الحفر صعبة، فالتربة التي ملأت القبر قبل ساعات لم تبدِ اي مقاومة، وتمكن الرجال من ازالتها بسرعة. اما اخراج الجثمان من الصندوق فكان اقل سهولة: فقد نزع جس الغطاء بعناية ووضعه جانبا وكشف عن الجثمان ببنطاله الاسود وقميصه الابيض. في تلك اللحظة هبت عاصفة رعدية تصم الاذان واعتدل هنري ارمسترونغ في جلسته بهدوء. واصيب الرجال الثلاثة بهلع، وانطلق كلٌ في اتجاه، مطلقا صيحات مبهمة. ولم يكن في العالم ما يمكن ان يقنع اثنين منهم بالعودة. اما جس فكان من نمط اخر.
في الصباح، وقد غطت السماء زرقة رمادية، التقى الطالبان في كلية الطب. كانا شاحبين ومذعورين.
هتف احدهما: هل ابصرت الجثمان؟
- نعم. اقسم على ذلك. ماذا عسانا ان نفعل؟

وتوجها الى خلف البناء حيث كان يقف جواد امام عربة خفيفة، وقد ربط بعمود بالقرب من قاعة التشريح. ودخلا القاعة. وكان يجلس على كرسي في ركن مظلم الزنجي جس. وقف وهو يبتسم وقد ملأت وجهه اسنانه وعيناه.
قال: انا انتظر ان يدفع لي اجري.
وعلى طاولة تمدد جثمان هنري ارمسترونغ عاريا، وقد غطى الدم والطين وجهه اثر ضربة بمجرفة.

zedhakim@yahoo.co.uk
التجارة بالأموات والجثث إنتشرت في وقت من الأوقات
حتى أصبحت من الظواهر البشعة في كافة المجتمعات
وما يهمنا هو هنري الذي لم يمت بمرضه
وإنما مات مرة أخرى بضربة معول
قصة أكثر من رائعة ومجهود جميل تشكر عليه دكتور زياد
تقبل تقديري واحترامي

وحيدة كالقمر