عرض مشاركة واحدة
قديم 06-25-2019, 12:00 AM
المشاركة 5
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء السادس (متفكك)
58-كونر

يأكل كونر إفطاره بأسرع ما يمكن. ليس لأنه جائع,لكن بسبب أنه يريد أن يكون فى مكان آخر. ساعه إفطار ريسا قبله مباشرة, لو كانت بطيئه و هو متعجل, فبإمكانهم إجبار طرقهم على التقاطع دون جذب انتباه عمال هابى جاك.

يتقابلا فى حمام الفتيات.
آخر مره أُجبرا على التقابل فى مكان كهذا, أخذا وحدات منفصله منعزلة, الآن يتشاركا واحده. يمسكا بعضهما فى المساحه الضيقه, غير صانعين أعذار للفعل. لم يتبق وقت فى حياتهم للألعاب أو للغرابة أو لادعاء أنهم لا يهتمان ببعضهما البعض, وبذلك يقبلا بعضهما كما لو كانا بفعلانها للأبد. كما لو كانت مهمة كاحتياجهم للتنفس.

تلمس الكدمات على وجهه وعنقة, التى حصل عليها من شجاره مع رونالد. تسأل ما حدث, يخبرها أنه ليس مهم. و تخبره أنها لا يمكن أن تبقى أطول من ذلك, أن دالتون وباقى أعضاء الفرقه فى انتظارها على سطح التشوب شوب.
“لقد سمعتك تعزفين” ,يخبرها كونر..”أنت مذهلة.”
يُقبلها مجددا. لا يتكلما عن التفكيك. فى تلك اللحظه لاشئ من هذا يتواجد.
كونر يعرف أنهم سيواصلان لأبعد من هذا لو استطاعا.. لكن ليس هنا, ليس فى مكان كهذا. لن يحدث أبدا لهم. لكنه راض نوعا ما بمعرفه أنه فى مكان وزمان آخر .. كان سيحدث.!
يحضنها لعشر ثوان, عشرون, ثلاثون. ثم تنسل مبتعده و يعود هو إلى صاله الطعام.
فى بضع دقائق يسمعها تعزف,خطوط موسيقاها تُصب, مالئه هابى جاك بعزف الملاعين البهيج المحرك للنبض.
_______________________
59-رونالد

يأتوا لأجل رونالد فى نفس الصباح, تماما بعد الفطور.
مستشار تفكيك وحارسان يحصرانه فى ممر المهجع, عازلانه عن البقية.
“أنتم لا تريدونى” ,يقول رونالد بيأس.”أنا لست هارب آكرون, كونر هو الذى تريدونه.”
“أخشى أن هذا ليس صحيح” ,يقول المستشار.
“لكن... لكن أنا هنا منذ عده أيام فقط....”
هو يعرف لماذا حدث ذلك.. إنه بسبب ضربه للعامل بالكره الطائرة, بالتأكيد هذا هو. أم هل هو بسبب شجاره مع كونر, لقد سلمه كونر! كان يعرف أن كونر سيسلمه!.
“إنها فصيلة دمك,” يقول المستشار.” آيه بى سالبة.. إنها نادره وتحت الطلب.” و يبتسم,:”فكر بالأمر بتلك الطريقه, قيمتك أكبر من أى فتى آخر فى وحدتك.”
“يالك من محظوظ” ,يقول أحد الحراس بينما يمسكه من ذراعه.
“لو فى هذا أى عزاء لك” ,يقول المستشار,:”فصديقك كونر مقرر أن يتفكك فى الظهيرة.”

***

يشعر رونالد بالضعف فى قدماه بينما يصطحباة خارجا فى ضوء النهار. تمتد السجاده الحمراء أمامه ... لون الدم الجاف.
فى أى مره يعبر أحد الأولاد هذا الممر الحجرى البشع, دائما ما يقفزا بعيدا كما لو أن لمسه يجلب الحظ السئ. الآن ..هم لن يدعوا رونالد يخطو بعيدا عنه.

“أريد كاهن” ,يقول رونالد,”هم يأتوا بكاهن للناس صحيح؟ أريد كاهن!”
“الكهنه يقوموا بالشعائر الأخيرة” ,يقول المستشار, ويضع يده برفق على كتفه,:”هذا للناس اللذين يموتون, أنت لست فى مرحله الموت.. ستظل حيا, فقط فى صوره مختلفة.”
“مازلت أريد كاهن.”
“حسنا, سأرى ما بإمكانى فعلة.”

الفرقه على سطح التشوب شوب بدأت إعدادها الصباحى. يعزفا لحن راقص مألوف, كما لو ليسخروا من العزف الجنائزى الذى يُعزف بداخل عقله.
هو الآن يعرف أن ريسا فى الفرقه. يراها فوق تعزف على الأورج. يعرف أنها تكرهه, لكن مع ذلك يلوح لها, محاولا لفت انتباهها. فحتى ملاحظه من شخص يكرهه أفضل من عدم امتلاك أحد غير الغرباء يراه يفنى.

لا تلفت عيناها نحو السجاده الحمراء,لا تراه .. لا تعرف.
ربما سيخبرها شخص أنه سيتفكك اليوم ... يتسائل عما سيكون شعورها.
لقد وصلوا لنهايه السجاده الحمراء.
يوجد خمس سلالم حجرية تؤدى لأبواب التشوب شوب.
يقف رونالد أسفل السلالم.
يحاول الحراس أن يدفعوه ,لكنه يقاومهم:”أحتاج وقت أكثر, يوم آخر هذا فقط. يوم واحد آخر. سأكون جاهز غدا, أعدكم!”
ومع ذلك, فوقه تعزف الفرقه. يريد أن يصرخ, لكن هناك.. بالقرب من التشوب شوب, فصرخاته تغرق فى عزف الفرقه. يشير المستشار للحراس,ويمسكاه بحزم أكبر من تحت إبطيه, ويجبراه على طلوع تلك السلمات الخمس.
فى لحظه يعبر الأبواب, التى تنزلق منغلقه وراءه, عازله العالم.

هو ليس بإمكانه حتى سماع الفرقه بعد الآن.
التشوب شوب عازل للصوت. و بطريقه ما قد عرف أنه سيكون كذلك!.
________________________________-

60- حصاد

لا أحد يعلم كيف يحدث.
لا أحد يعلم آليته.
فحصاد المتفككين هو طقس طبى سرى يبقى بداخل جدران كل عيادة حصاد فى الدوله. و بتلك الطريقه هو ليس مختلف عن الموت ذاته, حيث لا يدرى أحد أى الألغاز تكمن وراء أبوابه السريه أيضا.

ما الذى يتطلبه الأمر لتفكك الغير مرغوبين؟
يتطلب اثنى عشر جراح, فى فرق من اثنين, متناوبون فى الدخول و الخروج تبعا لاحتياج تخصصهم.
يتطلب تسعه مساعدون جراح وأربعه ممرضات.
يستغرق ثلاث ساعات.
_______________________________
61-رونالد

رونالد بالداخل منذ ربع ساعه.
الطاقم الطبى الذى يطن حوله يرتدى ملابس جراحية بلون الوجه السعيد.
ذراعيه وقدميه تم ربطهم فى طاوله العمليات بأربطه قويه لكنها مبطنه حتى لا يؤذى نفسه لو قاوم.

تمسح ممرضه العرق من جبهته:” استرخ, أنا هنا لمساعدتك عبر هذا.”
يشعر باختراق قوى فى جانب عنقه الأيمن, ثم الأيسر.
“ما هذا؟”
“هذا” تقول الممرضه,” هو الألم الوحيد الذى ستشعر به اليوم.”
“هذا هو إذا” يقول رونالد,” ستخدرونى.؟”
بالرغم أنه لا يرى فمها تحت قناع الجراحه, بإمكانه رؤيه الابتسامه على عينيها.
“ليس على الإطلاق” تقول,”فطبقا للقانون, نحن مُطالبون بإبقائك واع طوال العمليه.”
تأخذ الممرضه بيده:” لديك الحق فى معرفه كل شئ يحدث لك, كل خطوه فى الطريق.”
“ماذا إن كنت لا أريد؟”
“ستريد” يقول أحد مساعدون الجراح, بينما يمسح قدم رونالد بمعقم جراحى بنى..” الجميع يريد.”
“لقد أدخلنا قسطره لشريانك السباتى ووريدك الوداجى” تقول الممرضه,”الآن, دمك يتم استبداله بمحلول صناعى غنى بالأكسجين.”
“نُرسل الدم الحقيقى مباشره لبنك الدم” يقول المساعد الواقف عند قدمه,” لا يتم إهدار قطرة. بإمكانك المراهنه أنك ستنقذ أرواح!”
“محلول الأكسجين يحتوى أيضا مخدر يميت مستقبلات الألم” و تربت الممرضه على يده,”ستكون واع تماما, لكنك لن تشعر بشئ.”

بالفعل يبدأ رونالد بالشعور بتنميل أطرافه, ويبلع ريقه بصعوبه..
“أنا أكره هذا. أنا أكرهم. أكرهكم جميعا.”
“أنا متفهمه.”

***
بعد مرور ثمان وعشرين دقيقه.
لقد وصلت أول مجموعه من الجراحون.
“لا تهتم بهم” تقول الممرضه,” تكلم معى.”
“عماذا نتحدث؟”
“أى شئ تريده.”
يوقع أحدهم أداه, ترتطم بالطاوله وتقع على الأرض,
يجفل رونالد.
تمسك الممرضه بيده بإحكام.
“ قد تشعر بإحساس شد قرب كاحلك” ,يقول أحد الجراحون عند قدم الطاوله,
”لاشئ لتقلق بشأنه.”

***

بعد مرور خمس وأربعون دقيقة.
جراحون كُثر.. نشاط كبير.
لم يستطع رونالد أن يتذكر أبدا امتلاكه لكل هذا الانتباه الموجه له.
يريد أن ينظر, لكن الممرضه تحافظ على تركيزه.
لقد قرأت ملفه و تعرف كل شئ عنه ,الجيد و السئ.
الأشياء التى لا يتحدث عنها أبدا و الأشياء التى لا يستطيع التوقف عن الكلام عنها الآن.
“أعتقد أن ما فعله زوج أمك رهيب.”
“كنت فقط أحمى والدتى.”
“مشرط” يقول جراح.
“كان عليها أن تكون ممتنه.”
“جعلتنى أتفكك.”
“أنا متأكده أن الأمر لم يكن سهلا عليها.”
“حسنا, فلتنزعاه بالمشبك.”

***
ساعه وربع.
يرحل جراحون ويصل آخرون جدد.
الآخرون الجدد يهتموا بشده بتجويفه البطنى.
ينظر نحو أصابع قدمه لكن لا يستطيع رؤيتها. بدلا.. يرى مساعد جراح ينظف الجزء السفلى من الطاوله.
“لقد أوشكت على قتل فتى البارحه.”
“هذا لا يهم الآن.”
“لقد أردت أن أفعلها , لكنى خفت .. لا أعلم لماذا, لكنى خفت.”
“فقط تناسى الأمر.”
كانت الممرضه تمسك بيده من قبل, لا تمسكها بعد الآن.
“عضلات بطن قويه” يقول الطبيب,” هل تمارس الرياضه؟”
رنين معادن.
الجزء السفلى من الطاوله تم فصله و سحبه بعيدا.
يُذكره الأمر حين كان فى الثانيه عشر وأخذته والدته إلى لاس فيجاس. قد أوصلته لعرض السحر بينما تلعب على مكنه القمار.
الساحر قطع المرأه نصفين.أصابع قدميها مازالت تتحرك, وجهها مازال يبتسم.
أعطاه الجمهور موجه من التصفيق.

الآن يشعر رونالد بعدم راحه فى أمعائه.
امتعاض, دغدغه, لكن دون ألم.
الجراحون يرفعون أشياء بعيدا.
يحاول ألا ينظر.. لكن ليس بإمكانه المقاومه.
لا يوجد دماء, فقط المحلول الملئ بالأكسجين, لونه أخضر فلورسينتى.كمقاوم التجمد.
“أنا خائف.” يقول رونالد
“أنا أعرف” تقول الممرضه.
“أريدكم جميعا أن تذهبوا للجحيم.”
“هذا طبيعى.”
فريق يغادر, ويأتى آخر.
يهتموا بشده بتجويفه الصدرى.

***
ساعتين إلا ربع.
“أخشى أن علينا أن نتوقف عن الكلام الآن.”
“لا تذهبى بعيدا.”
“سأكون هنا, لكن لن نقدر على التحدث بعد الآن.”
يحاوطه الخوف, يهدد بأخذ وعية. يحاول أن يستبدله بالغضب, لكن الخوف عارم.
يحاول استبداله برضا أن كونر سيؤخذ قريبا جدا ,لكن حتى هذا ليس بإمكانه تحسين مشاعره.
“ستشعر بدغدغه فى صدرك” يقول جراح,” لاشئ لتقلق بشأنه.”

***
ساعتين وخمس دقائق.
“ارمش مرتين لو بإمكانك سماعى.”
رمشه,رمشه.
“أنت شجاع للغايه.”
يحاول التفكير فى أشياء أخرى, أماكن أخرى, لكن عقله يظل يسحبه لهذا المكان.
الجميع قريب منه للغايه.
أجساد صفراء تميل عليه كبتلات زهره تنغلق.

جزء آخر من الطاوله يؤخذ.
البتلات تتحرك أقرب.
هو لا يستحق ذلك. لقد فعل العديد من الأشياء, ليس جميعها جيدة.
لكنه لا يستحق ذلك.
وهو لم يحصل قط على كاهنه.!

***
ساعتين و عشرون دقيقه.
“ستشعر بدغدغه فى فكك. لا شئ لتقلق بشأنه.”
“ارمش مرتين إن كنت تسمعنى.”
رمشه ,رمشه.
“جيد.”
يثبت عيناه على الممرضه, التى مازالت عيناها تبتسم. هما يبتسمان دائما. جعلها أحدهم تحظى بأعين دائمه الابتسام.
“أخشى أن عليك التوقف عن الرمش الآن.”

***

“أين الساعه؟” يقول أحد الجراحون.
“ساعتين وثلاثه وثلاثون دقيقه.”
“نحن متأخرون”.

ليس ظلام بالتحديد, فقط انعدام للضوء. يسمع كل شئ حوله, لكن ليس بإمكانه التواصل بعد الآن.
دخل فريق آخر.
“مازلت هنا” تخبره الممرضه, ثم تصمت. بعد عده دقائق يسمع وقع أقدام, ويعرف أنها قد رحلت.
“ ستشعر بدغدغه فى فروه رأسك” يقول الجراح,”إنه ليس شئ عليك القلق بشأنه.” إنها المره الأخيره التى يتحدثون معه فيها.
بعد ذلك, يتحدث الأطباء كما لو أن رونالد لم يعد موجودا.
“ هل رأيت مباراه الأمس؟”
“مُحزنه.”
“نفصل الجسم الثفنى*”
“تقنيه لطيفه.”
“ حسنا, هى ليست جراحه دماغ.”
يملأ الضحك الأرجاء.

تقرص الذكريات و تلتمع شررا..
أوجه..
نبضات ضوئية شبيهه بالأحلام فى عمق عقله..
مشاعر..
أشياء لم يفكر بها منذ سنوات..
تتفتح الذكريات كالزهور ثم تذهب..
(حين كان رونالد فى العاشرة, كسر ذراعه, أخبر الطبيب والدته أن بإمكانه الحصول على ذراع جديدة وإما جبيره.. الجبيره كانت أرخص ,رسم عليها سمكه قرش وحين نزع الجبيره حصل على وشم ليجعل القرش دائما.)

“لو سجلوا فقط ذاك الهدف ذو الثلاث نقاط.”
“سيكون فريق البولز مجددا, أو اللاكرز”
“نبدأ فى نصف القشره الدماغيه الأيسر.”
تقرص ذكرى أخرى,

(حين كنت فى السادسه ذهب والدى للسجن لشئ فعله قبل أن أولد. لم أعلم قط ما فعل. لكن أمى تقول أننى تماما مثله.)

“فريق السانز لا يملك فرصه.”
“حسنا,لو امتلكوا فريق تدريب محترم...”
“الفص الصدغى الأيسر.”

(حين كنت فى الثالثه, كان لدى جليسه أطفال. كانت جميله. هزت أختى, بقوه. أصبحت اختى خطأ, لم تُصلح مجددا. الجمال خطير. من الأفضل الحصول عليهم أولا.)

“حسنا, ربما سيصلوا للتصفيات السنه المقبله.”
“أو السنه التى تليها.”
“ هل حصلنا على الأعصاب السمعيه؟”
“ليس بعد.سنحصل عليهم الآ..”
(أنا وحيد.وأبكى. ولا يأتى أحد للمهد. والضوء الساهر انطفأ ,وأنا غاضب جدا. أنا غاضب جدا.)

“الفص الأمامى الأيسر.”
(أنا .. أنا.. أنا لا أشعر بتلك الجودة.)
“الفص القذالى الأيسر.”
(أنا ... أنا .. أنا لا أتذكر أين...)
“الفص الجدارى الأيسر.”
(أنا ... أنا .. أنا لا أتذكر اسمى, لكن.. لكن..)
“الصدغ الأيمن.”
(لكنى مازلت هنا...)
“الأمامى الأيمن.”
(أنا مازلت هنا...)
“القذالى الأيمن.”
(أنا مازلت...)
“الجدارى الأيمن.”
(أنا...)
“ المخيخ.”
(أنا ما...)
“ثالاماس.”
(أنا ...)
“هيبوثالاماس.”
(أنا...)
“الحصين”
(أنا...)
“النخاع.”
...
...
...
***

“أين الساعه؟”
“ثلاث ساعات وتسعه عشر دقيقه.”
“حسنا .. أنا فى استراحه ,جهزوا التالى.”
_________________________________
62-ليف

المفجرات خفيه فى جوربه فى مؤخره خزنته. أى شخص سيجدهم سيعتقد أنهم ضمادات جروح.
يحاول ألا يفكر فى الأمر.. إنها مهمه بلاين أن يفكر بالأمر,ويخبرهم متى يحين الوقت.
اليوم وحده ليف من الأعشار يأخذوا جوله طبيعيه للتواصل مع الكون ,والقس الذى يقودهم هو واحد من دعاه أهميه النفس.
يتكلم كما لو كانت كل كلمه تخرج من فمه جوهره حكمه, يتوقف بعد كل فكره كأنه يتوقع أن يكتبهم شخص ما.!-
يقودهم لشجرة شتاء عارية غريبه. ليف الذى هو معتاد على الشتاء المثلج و الجليدى.. يجده غريبا أن الشجر فى آيرزونا مازال يفقد أوراقه.
تلك الشجره لديها تعدد فى الفروع التى لا تتناسب بالضروره, كل واحد منها بلحاء مختلف ونسيج مختلف.

“أردتكم أن تروا هذا” يقول القس للجماعة,”لن تشاهدوا العديد الآن, لكن..أووه, عليكم أن تروها فى الربيع. على مر السنون قد زرع العديد منا الفروع من شجرنا المفضل على هذا الجذع.”
يشير للفروع المختلفه..” هذا الفرع يُبرعم أزهار كرز وردية, وهذا الواحد يمتلئ بأوراق جميز هائلة, هذا الواحد يمتلئ بورود الجكراندة الأرجوانية,وهذا الوحد يثقل بالخوخ.”
يتفحصها الأعشار, لامسين أغصانها بحرص, كما لو أنها ستتحول فى أى لحظه لشجره محترقه.
“كانت أى نوع من الأشجار فى البدايه؟” يسأل أحد الأعشار.
لا يستطيع القس إجابته:”أنا لست متأكد, لكنه لا يهم حقا.. ما يهم هو ما أضحت عليه. نسميها ( شجرة الحياة) الصغيره الخاصة بنا .أليست رائعه؟”
“لا يوجد شئ رائع بشأنها.”.. تخرج الكلمات من فم ليف قبل أن يدرك أنه قالهم, كتجشؤ فجائى غير متوقع ..!
كل العيون تتوجه له .. لكنه يخفى الأمر بسرعه,:”إنه من صنع الانسان, ولا يجب علينا أن نتكبر” يقول,”حين يأتى التكبر, حينها يأتى الخزى. لكن بالتواضع تأتى الحكمه.”
“صحيح” يقول القس,”الأمثال-احد عشر, أليس كذلك؟”
“الأمثال 11:2”
“جيد جدا” يبدو متواضع بصوره مناسب,”حسنا, هى جميله جدا فى الربيع.”
طريقهم للرجوع لمنازل الأعشار يأخذهم عبر الحقول و الملاعب حيث يتم مراقبه الفظاع ودفعهم لأقصى إمكاناتهم الجسديه قبل تفكيكهم.
يتحمل الأعشار الملاحظات الساخرة و الهمسات الاعتياديه من الفظاع, كشهداء.
إنه بينما يعبروا لأحد المهاجع يجد ليف نفسه وجه لوجه مع شخص لم يتوقع أبدا أن يراه مجددا .. يجد نفسه واقفا أمام كونر.

كلٌ كان يتجه فى اتجاه مختلف. كلٌ يرى الآخر فى نفس اللحظه و يتوقف , محدقا فى صدمه عارمه.
“ليف؟”
فجأه يتواجد القس الفخيم, يمسك ليف من كتفيه.”ابتعد عنه!” ويزمجر لكونر:”ألم تفعل ضرر كافى بالفعل؟” ثم ينقل ليف بعيدا. تاركا كونر واقفا هناك.
“لا بأس” يقول القس, قبضته الحاميه على كتفى ليف مازالت متماسكه بينما يخطوان بعيدا:” نحن جميعا ندرك من هو و ما فعل لك. كنا نأمل ألا تكتشف أنه فى نفس مخيم الحصاد.لكن أعدك يا ليف, أنه لن يؤذيك مجددا” ويقول بهدوء: ”سيتفكك هذه الظهيرة.”
“ماذا؟”
“هذا تخلص جيد لمثل تلك النفايات.”

***
ليس من المعتاد أن ترى الأعشار بدون إشراف فى أراضى هابى جاك, بالرغم من كونهم فى تجمعات.. أو على أقل القليل, مجموعات ثنائيه. إنه نادر أن ترى أحدهم يهرع وحده, يكاد يجرى عبر الحقول.
لا يتباطأ ليف طويلا بعد أن رجع لمنازل الأعشار.. أخذ أول فرصه ليهرب.
الآن يبحث فى كل مكان عن بلاين وماى ..كونر سيتفكك هذة الظهيرة. كيف لهذا أن يحدث؟ كيف وصل هنا؟ كونر كان آمن فى المقبرة. هل طرده الأدميرال, أم هل رحل بنفسه؟ فى كلتا الحالتين, كونر قد أُمسك و أُحضر لهنا.
الشئ الوحيد الذى أثار راحه ليف_ أمان أصدقائه_ قد تمزق بعيدا.
لا يجب أن يُسمح بتفكيك كونر... والأمر فى مقدره ليف أن يوقفه.

يجد بلاين فى الحديقه العامه المليئه بالعشب,بين صالة الطعام و المهاجع, تم وضعه فى نظام ألعاب جمبازيه مع وحدته. ينفذ بلاين الحركات بغرابة. واضعا أقل قوة ممكنه فيهم, جاعلا كل حركاته ذات تأثير ضحل.
“أحتاج للتحدث معك.”
ينظر بلاين له, متفاجئ وغاضب:”ماذا, هل أنت مجنون؟ ماذا تفعل هنا؟”
يراه أحد العاملون ويتخذ طريقا كالنحله نحوهم.. بعد كلٍ, فالجميع يعرف أن الأعشار و الفظاع لا يمتزجان.
“لا بأس” يقول ليف للعامل,”أنا أعرفه من موطنى. أردت فقط أن أقول وداعا.”
يومئ العامل كرها: ”حسنا, لكن اجعله سريعا.”
يسحب ليف بلاين جانبا, حريصا أن يكونا بعيدا لكي لا يسمعهم أحد:” سنفعلها اليوم,”يقول له ليف,” لا مزيد من الانتظار.”
“يااه” يقول بلاين,”أنا أقرر متى نفعلها, وأقول ليس بعد.”
“كلما انتظرنا, كلما خاطرنا بانفجارنا صدفه.”
“إذا؟ العشوائيه جيدة أيضا.”
يريد أن يضرب بلاين لكن يعرف إن فعل ,على الأرجح سيحصلون على حفره اتساعها خمسون يارده فى الموقع, لذا يخبر بلاين الشئ الوحيد الذى يتأكد أنه سيجعله ينصاع: ”هم يعرفو بشأننا” يهمس ليف.
“ماذا؟”
“هم لا يعرفو من بالتحديد, لكن يعرفون بوجود مصفقين هنا.. أنا متأكد أنهم يراجعون فحوصات الدم حاليا, باحثين عن أى شئ غير اعتيادى. لن يطول الأمر حتى يجدونا.”
يضغط بلاين على أسنانه و يشتم... يفكر للحظه ثم يبدأ بتحريك رأسه:”لا,لا, أنا لست مستعد.”
“لايهم أن كنت مستعد.أنت تريد الفوضى؟ حسنا, ستأتى اليوم, سواء أردتها أم لا.. لأنهم إن وجدونا... ماذا سيفعلوا فى اعتقادك؟”
يبدو بلاين مشمئزا أكثر من المفهوم:”سيفجرونا فى الغابة؟”
“أو بعيدا فى الصحراء حيث لن يعلم أحد أبدا.”
يفكر بلاين فى الأمر للحظه, ويأخذ نفس مرتعد عميق:” سأجد ماى وقت الغذاء وأخبرها. سننفجر فى تمام الثانيه بالظبط.”
“اجعلها الواحدة.”

***
يفتش ليف غرفته, مهتاجا أكثر فأكثر. تلك الجوارب يجب أن تكون هنا! يجب عليهم.. لكنه لا يستطيع أن يجدهم.
المُفجرات ليست ضروريه لكنها أنظف. يريد ليف الأمر أن يكون نظيف.. نظيف وسريع.
“تلك ملكى.”
يلتفت ليف ليرى الفتى ذو الشعر الأشقر البلاتينى و العيون الخضراء الزمرديه يقف خلفه:” تلك خزانتى.. خاصتك هناك.”
ينظر ليف حوله ويدرك أنه متأخرا بسرير. لا يوجد شئ فى الوحدة ليحدد سرير الشخص أو خزانته من غيرهم.
“لو محتاج لجوارب فبإمكانى إعارتك.”
“لا, لدى ما يكفى لنفسى, شكرا” ويأخذ نفس عميق ويغلق عيناه ليسيطر على فزعه ويذهب نحو خزنته.
الجورب ذو المفجرات هناك, يدسهم فى جيبه.
“أنت بخير يا ليف؟ أنت تبدو غريبا نوعا ما.”
“أنا بخير, كنت فقط أجرى, هذا كل ما فى الأمر..أجرى على جهاز الجرى.”
“لا لم تكن” يقول الفتى,”لقد كنت للتو فى غرفه التمرين.”
“اسمع, اهتم بشؤونك الخاصه, موافق؟ أنا لست رفيقك وأنا لست صديقك.”
“لكن يجب أن نكون أصدقاء.”
“لا .أنت لا تعرفنى. أنا لست مثلك, حسنا, .. لذا فقط اتركنى وشأنى!”
ثم يسمع صوت أرخم من وراءه:” هذا يكفى يا ليف.”
يلتفت ليرى رجل فى بدله. إنه ليس أحد الكهنه, لكنه المستشار الذى أدخله منذ اسبوع..
لا يمكن لهذا أن يكون جيد.!

يومئ المستشار للفتى الأشقر:”شكرا لك يا ستيرلنج.”, يُخفض الفتى من نظرة ويسرع خارجا.
“لقد عينا ستيرلنج ليبقى عينه عليك ويتأكد أنك تتأقلم. نحن نقول أننا على الأقل , قلقون.

***
يجلس ليف فى غرفة مع المستشار وكاهنين.. يبرز الجورب من جيبة.
يُحرك ركبتيه فى توتر, ثم يتذكر أنه ليس من المفترض أن يقوم بأى حركات هزازه, وإلا سيتفجر, لذا يُجبر نفسه على التوقف.
“أنت تبدو مضطرب يا ليف,” يقول المستشار,” نريد أن نفهم السبب.”
ينظر ليف للساعه. انها 12:48 .. اثنا عشر دقيقه حتى موعد لقائه المفترض مع ماى وبلاين ليهتموا بالأمور.
“أنا يتم تقديمى كعشر,” يقول ليف.” أليس هذا بسبب كاف؟”
يميل أصغر الكاهنين أماما:” نحاول أن نتأكد أن يدخل كل عُشر الحاله المنفصلة فى إطار العقل المناسب.”
“لن نكون مؤدين لعملنا إن لم نحاول جعل الأمور بخير بالنسبه لك” يقول الكاهن الأكبر, ثم يعرض ابتسامه.. مصطنعه للغايه حتى إنها تبدو كتكشيرة.

يريد ليف أن يصرخ عليهم, لكنه يعرف أن هذا لن يُخرجه بصوره أسرع:”أنا فقط لا أحب وجودى وسط أولاد آخرون حاليا. أفضل التجهيز لهذا وحدى, حسنا؟”
“لكن هذا ليس حسنا” يقول الكاهن الأكبر:”تلك ليست الطريقه التى نقوم بها بالأشياء هنا. الجميع يدعمون بعضهم.”
يميل الكاهن الأصغر للأمام:” عليك أن تعطى الأولاد الآخرون فرصه. جميعهم أولاد جيدون.”
“حسنا, ربما أنا لست كذلك!” ليس بامكان ليف سوى النظر للساعه مجددا. الثانيه عشر وخمسون دقيقه. ماى وبلاين سيكونا فى المكان فى عشر دقائق, وماذا إن كان لايزال هنا فى هذا المكتب المتعفن؟ ألن يكون هذا فقط رائعا؟!
“أيوجد مكان عليك أن تكون فيه؟” يسأل المستشار:” تظل تتفقد الوقت.”
يعرف ليف أن اجابته يجب أن تكون منطقيه وإلا سيصبحان فعلا مرتابون به:”أنا.. أنا سمعت أن الفتى الذى اختطفنى سيتم تفكيكه اليوم. كنت فقط أتسائل إن حدث بالفعل.”

ينظر الكاهنان لبعضهما و إلى المستشار, الذى يرجع فى كرسيه وبكل الهدوء : ”إن لم يكن, فسيحدث قريبا .. يا ليف, أعتقد أنه سيكون صحى لأجلك أن تناقش ما حدث لك أثناء كونك رهينه. أنا واثق أنه كان رهيبا, لكن الحديث عنه سيقلل من قوه الذكرى. أحب أن أعقد مجموعه خاصه اليوم فى وحدتك. سيكون وقت لأجلك لتشارك مع الآخرون ما كنت تحمله بداخلك. أعتقد أنك ستجدهم متفهمون للغاية.”
“اليوم” يقول ليف:” موافق, لا بأس .. سأتحدث عن كل شئ اليوم. ربما أنتم على حق و سيجعلنى هذا أشعر بتحسن.”
“نحن نريد فقط أن نريح عقلك” يقول أحد الكهنه.
“إذا, بإمكانى الذهاب الآن؟”
يتفحصه المستشار للحظه:” أنت تبدو متوترا للغايه,سأحب أن أكلمك عن تمرينات استرخاء موجهه.....”

_____
الجسم الثفنى :حزمة من الأعصاب تصل بين نصفى الدماغ