عرض مشاركة واحدة
قديم 02-18-2014, 02:36 PM
المشاركة 1102
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع....العناصر التي صنعت الروعة في رواية -45- الرهينة زيد مطيع دماج اليمن

- عندما تقرأ زيد مطيع دماج، قاصاً وروائياً، تستولي عليك الآلية السردية التي تلغي، فوراً، حالة الوهم عند القارئ باستبعاد فكرة الافتراض السردي،

- فالسرد لديه يحدث شعوراً ضاغطاً بالزمان والمكان، من حيث هما محمولان دراميان لدلالتين دراميتين،

- وهو في أغلب إنتاجه، يستجر القارئ للاندماج في الزمن المضاد من خلال شخصيات لا تحتمل التأويل،

- فهو لا يضحي بالخصائص التي تضحي تحدد هوية أبطاله الإنسانية والطبقية.. من حيث هي حيوات مقموعة، مضطهدة، هامشية، تتعرض لظلم مزدوج، ومصائر تصل بها إلى منطقة الغرابة، وتظل تحمل مرموزيتها بنفسها.

- ألا تحمل [الرهينة] حقيقتين واضحتين في آن واحد:

- واقعيتها الصارمة، التي تحمل دلالاتها الواقعية من خلال أحداثها المُدركة والمعيشية والمعروفة،

- ورمزيتها التي تشير لشعب كامل في فترة معتمة من تاريخه؟

- ألا نستطيع أن نجعل من [طاهش الحوبان] صفةً، رمزاً، مدلولاً، علامة لجماعته البشرية، وصورة لواقع حالها؟

- إن من مزايا أسلوب زيد مطيع دماج تحقيقه شوط الإحساس بالمكان والزمان ومعادلهما الاجتماعي،

- فهو لا يهيئ بديلاً للواقع،

- ولا يعطي لأبطاله أدواراً غير أدوارهم الحقيقية،

- وبذلك يخلق نوعاً من التوازن الضدي لعالمين متضادين مدفوعاً برغبة حقيقية في أن يجعل الاضطهاد أشد وقعاً بجعله علنياً،

- ولهذا رأى بعضهم في [الرهينة]، وثيقة كشف لا تتستر على القائم،

- نصاً يعري ويفضح ويفصل في المستور، الذي تتحاشاه قيم المهادنة العربية ودماثة مبدعيها الكاذبة!

- إن زيد مطيع دماج في سلوكه السردي، يغلب المعيار الخارجي، الموضوعي، التوصيفي، على المعيار الداخلي [السايكلوجي]، - على حد توصيف مندلاو – لأن الأول كاف لشحن طاقة الحدث وتعمير بنيان القص، بما هو أشد تأثيراً، لأنه بالنتيجة النهائية، تحصيل حاصل للضغوط القائمة، المتصارعة، التي تجعلنا نتقبل سلوكيات شخوص السرد من خلال معرفة أفعالها، ودوافعها، وحركتها، وتعرضها المستمر لصور من الاستغلال الروحي والجسدي، تكسب القارئ الفطن وعياً خاصاً متفرداً وتحريضياً،

- لأن المعيش لا المفترض، هو الدافع، الأساس، في تحديد الزمن الاجتماعي: سلوك الشخصيات، انفعالاتها، رغباتها المقموعة.

- وهو في تعاقبه يخلق إحساساً عادلاً بتعاطفه مع المصائر البشرية المعذبة.

- زيد مطيع دماج يكتب الماضي لا بصفته زمناً عابراً تتداعى وحداته بمقياس الوقت، بقدر ما يستعيده حاضراً ومستقبلاً، كشهادة غير تجريدية أبداً، تحمل توصيفاً لواقع حال فظيع، يستدعي أسباباً مشروعة، لتوثيقه توثيقاً جمالياً، يأخذ ما للتاريخ من دور، حيناً، وما لعلم الاجتماع والسياسة أحياناً أخرى، وفي كل ذلك، يظل نصاً إبداعياً محكوماً بقيم السرد وامتيازاته.

- زيد مطيع دماج مؤرخ المشاعر البشرية، مؤرخ المكان في ظلامة أيامه المستشرية بالعذاب الإنساني، والظلم، وفقدان شروط الوجود والسعي لفتح نوافذ البيت المهجور لهواء الحرية والإبداع والأمل.

- إن المُبْدَع المرتبط بمصير جماعته البشرية، وثائق جمالية في أرشيف القيم التي لا تموت، وإذا تسنى له مسلكية إنسانية عالية، كما تشير إلى نفسها حياة زيد مطيع دماج، تصبح وثيقة شعب، وشهادة جمالية له وعليه.