عرض مشاركة واحدة
قديم 04-22-2013, 02:19 PM
المشاركة 962
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع...عناصر القوة والتأثير في رواية -21- الوباءهاني الراهب

- برز الراهب ككاتب يمتلك رؤيا من نوع خاص.

- يمتلك حدساً بالمستقبل يقترب من النبوءة فى بعض ملامحه.

- ففي «المهزومون» التي غلفتها نفحة من السارترية والعبثية في آن واحد، قدم تصوراً عميقاً للحالة العربيةالتي تعانى التفكك والانعزال، وتوقع سلسلة من الهزائم تبدأ بسقوط الشعارات الواهية التي كانت تطلقها الأنظمة العربية آنذاك، هذهالشعارات التي جعلها غلافاً لروايته، ليخبرنا عن مدى هشاشة هذه الأنظمة وشعاراتهاالزائفة، وهذا ما حدث فيما بعد حيث توالت الهزائم العربية داخلياً وخارجياً على نحومأساوي مفجع.

- رفض هاني الرّاهب الكتابة الكلاسيكيّة، ونادى برواية جديدة بتقنياتها، تتجاوز حدودها الوطنيّة،دافعاً بها إلى آفاق جديدة، مكوّناً لنفسه مجرى خاصاً به، مستقلاً، وبالغ الأهميّةفي العالم العربي والعالمي، في وقت، اكتفى فيه الكتّاب، بالقصة والرّوايةالكلاسيكيّة التي تهدف إلى كتابة تاريخ الإنسان، كمؤرّخين، يكرّسون أنفسهم كشاهدأمين على حياة بعض الأشخاص، ناقلين تجاربهم المعاشة.

- فالشاهد المباشر في رواية هاني الرّاهب، ينتمي إلى عالم الخيال مهما كان شكله، وشأنه في ذلك شأن الوقائع التي يرويها، لتنحو منحى تأمّلياً، بنبرات وجودية واضحة، بغية استخلاص معنى، والتعبير عن أسلوب للحياة، وعن هويّة، بلغة بسيطة قريبة من لغة الحياة اليومية من حيث المفردات وقواعد النحو.

- وهي تجسّد طابع التفتّت بتراكم الجمل القصيرة، وتتجنّب إلى أبعد الحدود إقامة صلات سببيّة، وإبراز بعض العناصر على حساب أخرى.

- وهناك تعابير ومفردات تعود باستمرار مثل لحظة عابرة، تشير إلى الزمن الذي يمضي، وخيبة وضجر وغربة وقصور، للتأكيد على قلق الأشخاص.

- يبدو بناء القصة عند هاني الراهب مفكّكاً دونما اتساق. ففي الرواية الكلاسيكية تشكّل الأحداث الهيكل العظمي للرواية، وهي تتسلسل وفق ترتيب زمني ومنطقي، وتتواصل بصورة لا يمكن فصل بعضها عن البعضالآخر، وتتضافر على إيصال القصة إلى نهايتها. إنها تشكل ما يشبه حلقات سلسلة، إذاغابت إحداها تأثرت القصة بمجموعها.

- على أن هاني الراهب لم يعد يرضيه هذا النموذج الذي لم يعد يعكس الواقع العربي المعاش.

- وهو يرفض الحوارات الهامشية جداً في هذه الرواية.

- ويعطي وظيفة جديدة للحدث على الأخص، عن طريق طبعه بخاتم التفتّت.

- يضع هاني الراهب النص بصورة رئيسة على المسرح، كمجموعة من الطلاب تضم أدباء، وهؤلاء الأشخاص يتناولون في مرّات متكرّرة موضوعات أدبيّة بصورة خاطفة.

- وحين يصل النقاش إلى الحدَث يجري التّأكيد على أنّه فقدَ أهمّيته: «من يكتب عن مجدّد يكتب رواية مشتّتة. حياته ليست سلسلة، بل حفر ومطبّات وبقع ضوئيّة، الحادثة لاتهم لأنها لا تمثّل حياته. كلّنا لا نطرح أنفسنا من خلال الحياة اليومية لأننا نعتبرها غريبة عنا وليست الحياةالتي نحلم بها»، وقد نادى هاني الراهب بهذه الأفكار منذ عام 1965 في مجلة «المعرفة»، والتي تتمثل في أنه يبحث عن أسلوب جديد للكتابة، أشبه بلوحة تنقيطيّة،عن طريق تكديس لمسات صغيرة، ومشاهد من الحياة اليوميّة، حتى أكثرها تفاهة، أوأكثرها سخفاً، وهذه تتضافر لإعطاء المعنى العام للمؤلَّف، وهو أن العالم ليس إلافرقة، حزناً، ضجراً، خيبة، وقصوراً.

- ينفجر الحدَث في روايته عبر عواطف وأحوال، وفي شخصياتٍ ومعانٍ، فالحدث ليس أحد العناصر الجوهرية في القصة، بمعنى أنه لم يعد المحرّك المباشر للحبكة، ولا تعبّر عن عوامل تغيير، أو وقائع فريدة تطوّر الوجود الجماعي، أو الفردي للأشخاص. إنها تنقل محيطاً، جواًع اماً يمتد على طول النص من أوّله إلى آخره. وليس لهذه الأحداث معنى بذاتها، ولكنها تكتسب معنى بالعلاقات التي تقيمها مع الأحداث الأخرى، وترابطها مع أفعال أو عواطف، وبالتعليقات أو الصور التي ترافقها، من دون تسلسل للأحداث، حتى أن الروابط تضيع بينها، فإن حذفت عدداً كثيراً من صفحاتها أو قليلاً من أي مكان، لن تشعر بنقص في تسلسل أحداثها.

- تتأرجح شخصيات هاني الراهب، بين احترامها للتقاليد وإرادتها للتقدّم والحرية، بالرغم من ظروفها الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي لا تسمح لها دائماً بالازدهار والعيش في سلم ورخاء.

- يتحكّم هاني الراهب في المعنى، ويختفي بصفته سلطة تعبيرية ليترك الأشخاص يستولون على الكلمة، ويتيح للقارئ الاستيلاء على المعنى، كما في روايته «شرخ في تاريخ طويل»، وهذاالقارئ في الحقيقة، هو الذي سيستخلص من التجارب طابعها العام، ويربطها بالزمن الجماعي، ألا وهو زمن التاريخ.

- لقد كتب هاني الراهب في كانون الأول 1969 أن العالم العربي يواجه مشكلتين رئيسيتين: التجزئة والتخلف.

- ولهذه الأسباب كانت هزيمة 1967 مكتوبة سلفاً في الحياة العربية اليومية، قبل أن تتحقق في ساحة المعركة، وأكّد أن على الأدب أن يأخذ بالحسبان هذه العوامل، وأن يعمل لتلبية حاجات التغيير في المجتمع: «الثورة خلق وتكوين جديدان، كذلك يجب أن يكون الأدب».

- ففي رواية «المهزومون» يؤكد على خط الأشخاص المشبعين بالرغبة في الحياة، والمتحرّرين من الضغوط الفكريّة والاجتماعية التي تعيق وجود السوريين: «أريد أن أشرب الحياة، أعبّ الحياة، أمتصّها، وأنسفح على أعصابها، وأنغمر في أعماق لذائذها ووجودها».