عرض مشاركة واحدة
قديم 05-17-2013, 11:48 PM
المشاركة 177
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
دعونا نأخذ فسحة ونطلع على احدى القصص الرائعة من الخيال السحري وهي قصة اخرى للكاتب

اندرسن بعنوان حكايه بائعه الكبريت ، لعلنا نستفيد اكثر من تقنيات السرد الجميل للاطفال:

وهذه القصة قصة ( فتاة بائعة الكبريت) قصة قصيرة أبدع فيها الشاعر والأديب الدنماركي هانس كريستيان أندرسن. تروي القصة حكاية فتاة ماتت وهي غارقة في هذيانها. وقد كان أصدار القصة لأول مرة في عام 1845. وقد اقتبست عنها افلام ورسوم متحركة وموسيقى تلفزيونية.

======================
بائعة الكبريت
في ليلة رأس عيد السنة والثلج يتساقط والبرد القارس يلف الشوارع. كان هناك فتاة صغيرة مسكينة عارية الرأس ، تجتاز الشارع واثناء العبور فقدت حذائها الكبير البالي، الذي اخذته من امها وسارت عارية القدمين.

كانت هذه الفتاة الصغيره تبيع أعواد الثقاب ( الكبريت) وتجوب الشارع راجية الله ان يشتري احداً منها شيئاً. لكن لسوء حظها ، لم تحظى بزبون واحد . حيث كانت تحس بالبرد الشديد والجوع، ونثارات الثلج تلامس شعرها الطويل الأشقر.

ولما تعبت الفتاة ، جلست في زاوية بين منزلين. وأخذت تنظر إلى الأضواء الخارجة من النوافذ ، وإلى الناس الذين يعدون طعام العيد. ولم تكن تجرؤ العودة إلى منزلها فققد يضرباها والداها لأنها لم تعد بأي قطعة نقدية.

تجمدت يداها بسبب البرد ، فأخرجت عود ثقاب وحكت به الحائط ، فاشتعل ، وأحاطته بيدها فأحست بالدفء.وعلى ضوء هذا اللهب الصغير، تخيلت الصغيرة نفسها جالسة أمام مدفئة كبيرة حديدية، والنار تشتعل فيها إشتعالاً رائعاً ينشر الدفئ ! فمدت ساقيها لتدفئهما ، لكن النار انطفئت واختفت المدفئة . ولم يبق إلا طرف عود الثقاب مشتعلاً.. فحكت الصغيرة عوداً ثـــانياً فاشتعل وأضاء فتخيلت طاولة وضع عليها ديك رومي مشوي تفوح منه الرائحة الشهية. ثم انطفأت الشمعة : فلم تر أمامها إلا الحائط الغليظ البارد.

وأشعلت الفتاة عوداً ثالثاً فتخيلت نفسها جالسة تحت شجرة ميلاد أكثر جمالاً من تلك التي رأتها في السنة الماضية ، عبر الباب في بيت الجيران . ثم انطفأ عود الثقاب .

ولم تكن الشمعات التي تتألق في شجرة الميلاد سوى النجوم متلأ لئة في السماء . وفجأة سقطت إحدى النجمات ، راسمة خطاً من شهب في السماء فقالت الصغيرة في نفسها: ((مات أحد الأشخاص))** لأن جدتها العجوز كانت تقول لها ( إذا سقطت نجمة ، فهذا يعني أن روحاً تصعد إلى السماء))** ثم حكت الصغيرة بالحائط عود ثقاب آخر فتخيلت جدتها واقفة ، وسط الأنوار ، وديعة سعيدة .

كانت الجدة هي الوحيدة التي تعامل الفتاه الصغيرة معاملة حسنة . وما ان رأتها الصغيرة حتى صرخت ( جدتي ، جدتي ، خذيني إليك . قبل ان ينطفئ العود. إني اعلم انكِ ستختفين ، كما أختفت المدفئة والديك الرومي وشجرة الميلاد.

وسارعت الصغيرة إلى حك بقية أعواد علبة الثقاب ، لتحتفظ بجدتها التي لم تكن يوماً لا بهذه العظمة ولا بهذا الجمال. فأطلقت الأعواد نوراً من نور النهار فاقتربت الجدة من الصغيرة المسكينة وأحاطتها بذراعيها وطارتا معاً إلى الأعلى ، حتى لم تعد الصغيرة تشعر لا بالبرد ولا بالجوع .

ثم انطفأت كل الأعواد ، وكانت بائعة الكبريت ، في زاويتها ، بين المنزلين ، بخديها الأحمرين‘ والبسمة على فمها ، قد اماتها البرد في المساء الآخير من السنة .

ثم أشرق النهار ، فكان الناس الذين يمرون بالجثة الصغيرة يرددون القول : (( كانت تريد الدفء)) " يالهذ ه الفتاة المسكينة ! لم تكن تريد سوى الدفء" وكان المارة يجهلون الأشياء الجميلة التي رأتها بائعة الكبريت ، كما يجهلون كيف دخلت ، مع جدتها الطيبة في السنــة الجديدة.



هو نص كبير حقا .

قوة تلك النصوص في بساطتها ، في رسائلها ، في خصوبة الخيال ، في قربها من النفس البريئة ، النفس الإنسانية ، انبعاثها من العفوية السليمة ، استثمار لفكرة الموت و انطفاء نجمة لتوليد نص متين ، يعالج بقوة مدى بشاعة استغلال الطفولة ، نحن نريد صنع الإعجاز مرننا الأولون على التعقيد ، حتى أضعنا مشية الحمام ، و طارت من أيدينا البساطة والعفوية .


أستاذي الفاضل أيوب ، تحية على هذا الإغناء .