عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
10

المشاهدات
7531
 
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي


رقية صالح is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,577

+التقييم
0.50

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة

رقم العضوية
8808
09-28-2010, 08:35 PM
المشاركة 1
09-28-2010, 08:35 PM
المشاركة 1
افتراضي جورج برنارد شو (Georg Bernard Shaw)
جورج برنارد شو (Georg Bernard Shaw (1856 – 1950

ولد الكاتب العالمي جورج برنارد شو في 26 تموز/ يوليو 1856 في مدينة (دبلن- إيرلندا) لأبوين متناقضي الطباع، فالوالد دائم المزاح مرح طوال الوقت حتى في اللحظات الصعبة، أما الوالدة فدائمة الوجوم، لكنها عاشقة للموسيقى. فورث جورج من الوالد مرحه وخفّة ظلّه ومن الوالدة خيالها الخصب وحبّها للموسيقى. ويروى أنّ أحدهم أخبر والده أنّ تجارته أفلست، فأدار وجهه نحو الحائط وغرق في الضحك. (وكان والده يتاجر بالقمح). ورغم ذلك عاش جورج برنارد شو عيشة مترفة، فكان الخدم يتولون خدمته وأهله، والمربيّة تتولّى رعايته ورعاية شقيقتيه اللتين تكبرانه. وهي –أي المربية- التي علّمته القراءة والكتابة والحساب قبل أن يلتحق بالمدرسة. وكان ولداً نبيهاً ومجتهداً، إذ كان ينكب على قراءة المجلدات الضخمة من المؤلفات وكتب شكسبير، في الوقت الذي كان من يماثله سناً من رفاقه يلعبون ويتعثرون في مبادئ القراءة.
وكان شو ينشر جواً من المرح والفكاهة بين رفاقه، كما كان بإمكانه أن يصفر ألحان سوناتات لموزارت وبيتهوفن، من شدة حبه للموسيقى.
لكن عائلة شو لم تستمرّ طويلاً في العيش مع بعضها البعض لصعوبة الاتفاق والتفاهم بين والديه، فرحلت والدته إلى لندن آخذة معها ابنتيها، أما جورج فبقي مع والده. لكنه وجد نفسه مضطراً للعمل ككاتب في مؤسسة تتاجر بالأراضي وهو لم يزل بعد في الثالثة عشرة من عمره –وذلك حين أفلس والده في صفقة تجارية-. وكان أثناء ذلك يكتب بعض المقالات في الصحف.
وما أن أصبح شو في العشرين من عمره حتى قرر الرحيل عن دبلن إلى لندن، ولم يعد إليها إلاّ في زيارة خاطفة بعد ثلاثين عاماً. وانكبّ في لندن على الكتابة، لكن لم ينشر الكثير مما كتب، إذ أن اصحف لم تكن متحمسة آنذاك لكتاباته. وبقي الحال على ذلك مدة تسع سنوات عاش فيها شو أقسى أيامه من الفقر المدقع والحاجة. ويروى أنه خلال تلك الفترة كان يلبس بدلة واحدة طوال السنة حتى استحالت خرقاً ويقطع شوارع لندن بحذاء ممزق.
لكن الحال تغير بعد العام 1885، إذ بدأت الصحف تهتم بنشر كتاباته، فأخذ يكسب بعض المال ما أتاح له حياة مريحة إلى حد ما، وبدأ يظهر بعدها بمظهر لائق ويشارك في تجمعات الخطباء التي كانت تعقد في هايد بارك، ومن ثم أخذ يلقي هو محاضراته هناك، ثم انتقل إلى قاعات المحاضرات الفسيحة عندما أخذ المكان يضيق بجموع الناس المحتشدة بأعداد ضخمة لسماعه.
التقى في صيف 1896 بفتاة إيرلندية بالغة الثراء فوقع في غرامها منذ لقائهما الأول، وتزوجا في أول حزيران/ يونيو من العام 1898 . ويعلّق شو على زواجه قائلاًً: "لقد ظنني موظف مكتب الزواج الشحّات الذي يرافق مواكب الأعراس دوماً، طامعاً في أن يجود الناس عليه في مثل هذه المناسبة، وقد كان الموظف معذوراً في ظنه هذا، فقد كانت ملابسي أشبه بالخرق البالية".
ويصف شهر العسل بروحه المرحة المعتادة قائلاً: "لقد نعمتْ زوجتي بشهر عسل رائع.. فقد بدأت بتطبيب قدمي المكسورة، ولما بدأت بالتحسن، سقطتُ من أعلى الدرج إلى أسفله فكسرتُ ذراعي اليسرى، فكان عليها أن تُعنى بقدمي ويدي". وبعد شفائع سافر وزوجته إلى جزيرة وايت وكان يعمل على مسرحيته الجديدة (قيصر وكليوباترا) وأراد أن يحتفل بشفائه، فركب الدراجة، لكنه سقط عنها وكسرت رقبته.
وفي العام 1941 مرضت زوجته إلى حد كبير فكان يعتني بها، إلى أن توفيت في صباح أحد أيام عام 1943 دون أن تنجب له ولداً، إذ كانت تخاف الحمل. وكانت صحته آنذاك تزداد سوءاً إلى أن أصبح في العام 1947 بالغ الهزال ضعيف السمع، ومع ذلك بقي يكتب وهبطت عليه الثروة من جراء أعماله التي تحولت إلى مسرحيات. وعندما بلغ الرابعة والتسعين من عمره، احتفل مسرح الفنون بهذه المناسبة بتقديم مسرحيته (بيت الأحزان .. Heartbreak House ) وفي أحد أيام شهر أيلول/ سبتمبر 1950 زلقت رجله فانكسر حوضه، وبقي مريضاً في فراشه حتى وافته المنية في صباح الثاني من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1950 .


أعمال شو:

كتب شو العديد من الروايات التي تحولت معظمها إلى مسرحيات، نذكر منها: (بيوت الأرامل 1892) ، (مسرحيات سارّة وغير سارّة 1898)، (التي وطدت شهرته)، (حواري الشيطان: مثلت في نيويورك عام 1897)، (قيصر وكليوباترا: وقد نجحت نجاحاً منقطع النظير)، (جزيرة جون بول الأخرى 1904) وقد حضرها آرثر بلفور- رئيس الوزراء البريطاني آنذاك- أربع مرات، كما حضرها الملك إدوارد السابع الذي ضحك من أعماقه حتى انكسر الكرسي الذي كان يجلس عليه)، (الإنسان والإنسان الكامل 1903)، (لميجور برباره 1905)، (دليل المرأة الذكية)، (معضلة الطبيب 1906)، (بيغماليون 1913)، (العود إلى متوشالح 1921 التي كان يعني فيها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد كان معجباً بشخصيته)، (مغامرات الفتاة السوداء 1932). وغيرها الكثير من الأعمال التي تحولت إلى مسرحيات، أبرزها: (القديسة جان دارك 1924)، |(سيدتي الجميلة)، وكان آخرها (بيت الأحزان 1950).
وقد مُنح شو جائزة نوبل للآداب عام 1925، لكنه رفضها قائلاً: إن هذه الجائزة هي حزام النجاة التي ُلقى للمرء بعد أن يكون قد وصل إلى برّ الأمان.


شو والأميركيين:

لم يكن شو محباً للأميركيين، رغم نجاح أعماله هناك التي درّت عليه أموالاً كثيرة جعلته من كبار الأثرياء. وقد أعلن مراراً رفضه العيش هناك، كما رفض أن يقوم بإلقاء سلسلة محاضرات في أميركا مقابل ثلاثة آلاف جنيه عن كل محاضرة. وكانت المرة الوحيدة التي زار فيها أميركا عام 1933 واستقبل استقبالاً حاراً، فكان تعليقه: (عجباً لهؤلاء! لقد قلتُ عنهم أنهم مجموعة من الفلاحين، وأن 99% منهم حمقى، ومع هذا فإنهم يحبونني ويُعجبون بي).
وقد قال شو في مسرحية(الإنسان والسوبرمان): (أما فظائع الأميركي الديموقراطي في الفيليبين، فليست إلا صورة طبق الأصل لفظائع الإنكليزي الارستقراطي في جنوب أفريقي).

شو والعرب:

كانت قصص (ألف ليلة وليلة) أول ما عرف شو في دنيا العرب، حين زار عمّة له في الريف –وكان آنذاك صبياً يافعاً- وعثر عندها على ترجمة لهذه القصص فانكب على مطالعتها بجدية واهتمام بالغين. وفي مقدمته –لاحقاً- لـ(ثلاث مسرحيات للبيورتان) (وهم طائفة متشددة في دينهم)، دعا إلى المقارنة بين معالجة قضايا الحب في الأدب الإنكليزي، وبين معالجتها في الأدب العربي، مستشهداً بـ(ألف ليلة وليلة) حين قال: "إن ألف ليلة وليلة تحتوي على سلسلة من القصص يرتفع بعضها إل الغاية القصوى من الجودة، حيث لا يوجد في سياق الحديث ذلك الإطار المزيف من الحواشي التي لا لزوم لها. ونتج عن ذلك أن تلك القصص تحتوي على قدر من المتعة والفائدة لا نجده في قصصنا، لأن قضايا الحب هناك عولجت بصورة طبيعية كأي إحساس آخر من أحاسيس الإنسان. فلا تجد فيها مبادئ مقررة، ولا فقدان الشخصية بصورة خادعة، ولا التظاهر بأن الرجل والمرأة لا يمكن أن يتصفا بصفات الود والصداقة إلا إذا كان أحدهما عالقاً بحب الآخر.. بينما يبقى الروائي الإنكليزي مقيداً ضمن نطاق العامل الجنسي.."
شو والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم:

كان شو معجباً بشخصية النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبتعاليم الإسلام. وقد قال في إحدى كتاباته: "أما أنا فأرى واجباً أ ن يُدعى محمد صلى الله عليه وآله وسلم منقذ الإنسانية، وأعتقد أن رجلاً مثله تولّى زعامة العالم الحديث لنجح في حلّ مشكلاته وأحلّ فيه السلام والسعادة، وما أشد حاجة العالم إليهما".
وقك فكّر شو بكتابة مسرحية عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولكنه خشي أن لا يتقبل العالم الإسلامي مسرحية عن محمد صلى الله عليه وآله وسلم (سيما وأن الدين الإسلامي يحظر تجسيد شخصيات الأنبياء والرسل والأئمة)، فأعرض عن ذلك. لكنه ذكر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في ثلاث مسرحيات له هي: (العودة إلى متوشالح)، و(جان دارك)، و(زنجية تبحث عن الله).
وفي مقدمة لمسرحية (معضلة الطبيب)، امتدح الإسلام في معرض حديثه عن النظافة فقال: "... ويمكن القول إن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان من سعة الأفق وإشراق النظر بحيث جعل ضرورة النظافة –الوضوء- ركناً في أركان الدين الإسلامي" وقال في مقدمة مسرحية (أندروكلس والأسد): "إن الصليبيين دهشوا عندما وجدوا حضارة المسلمين أرقى من حضارة الأوروبيين...".
وفي الشهادة التي قدمها(شو) أمام اللجنة البرلمانية التي تشكلت للبحث في الرقابة على المطبوعات، جاء على ذكر الدين الإسلامي ممتدحاً إياه في العبارات التالية: "... إن الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية تحرّمان قراءة مؤلفات أولئك الفلاسفة التطوريين أمثال داروين وسبنسر وباتلر وسواهم بحجة أنها دهرية وفاجرة... وماذا يكون حال العالم اليوم لو أن الاعتبارات الأخلاقية السائدة قضت على جهاد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ضد عبادة الأصنام ودعوته لعبادة إله واحد".


شو.. والإستعمار في فلسطين:

كتب شو مجموعة من الفصول الحوارية أسماها "تلفيقات من بعيد" تعرّض في الفصل الأول منها لقضية فلسطين حيث قال: "سترى أن الحكومات تدفع الملايين ثمناً لأداة جديدة من أدوات الشرّ والتدمير، ولا تدفع بنِسْيَنْ اثنين لآلة غسيل. وعندما توصّل الكيميائي اليهودي حاييم وايزمان لمعرفة طريقة رخيصة التكاليف لصنع المتفجرات، قدمنا له فلسطين هدية منا بالرغم من أننا لسنا أصحابها" .

خاتمة:

إنّ حياة جورج برنارد شو حافلة بالمواقف والمحطات الهامّة (التي حاولنا اختصارها قدر الإمكان)، ويعتبر من أئمة المفكرين العالميين. فقد ذاعت مؤلفاته في جميع أنحاء العالم، ونقلت اللغات الحيّة، وانتشرت آراؤه وأفكاره بين المثقفين على اختلاف مللهم ونحلهم. ويعتمد نجاح شو في نشر أفكاره على براعته في مزج الفلسفة بالعبارات الرشيقة والنكات الطريفة واللمحات البارعة. إذ أن معظم مسرحياته حملت أهدافه بوضوح. أهداف المعلم المصلح الذي يحاول أن يجعل من نظريته في "التطور الخلاّق" فلسفة خاصة قائمة بحدّ ذاتها. وقد كتب شو لكل مسرحية مقدمة مطوّلة كانت تزيد أحياناً على حجم المسرحية ذاتها. وفي تلك المقدمات المشهورة شرح لنظرياته وأفكاره وآرائه الفلسفية والسياسية والاجتماعية والدينية، وكل ما يخطر على بال الإنسان الذكي المستنير.

المصدر: (موسوعة المعارف العامّة – الأدب – ندى جميل اسماعيل)
المركز الثقافي اللبناني
.
www.Iccpublishers.tk
[/SIZE]