عرض مشاركة واحدة
قديم 09-20-2010, 12:34 PM
المشاركة 33
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الرسول صلى الله عليه وسلم ضاحكا:

الضحك المعتدل بلسم للروح ودواء للنفس وراحة للخاطر المكدود وبعد الجد والعمل، والمقتصد منه دليل على الأريحية، وآية على اعتدال المزاج، وعلامة على صفاء الطويّة.

وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم مع أهله إذا دخل عليهم ضحاكا بساما يمازح زوجاته ويلاطفهن ويؤنسهن ويحادثهن حديث الود والحب والحنان والعطف؛ لأنه بُعث رحمة للعالمين، وأحق الناس بهذه الرحمة أهله وقرابته وأحبابه وأصحابه. وكانت تعلو محيّاه الطاهر البسمة المشرقة الموحية، فإذا قابل بها الناس أسر قلوبهم أسرا فمالت نفوسهم بالكلية إليه وتهافتت أرواحهم عليه، يبتسم عن مثل البرد في وجه أبهى من الشمس، وجبين أزهى من البدر، وفم أطهر من الأقحوان، وخلق أندى من الرياض، وودّ أرق من النسيم، يمزح ولا يقول إلا حقا، فيكون مزحه على أرواح أصحابه أهنى من قطرات الماء على كبد الصادي وألطف من يد الوالد الحاني على رأس ابنه الوديع، يمازحهم فتنشط أرواحهم وتنشرح صدورهم وتنطلق أسارير وجوههم، فلا والله ما يريدون الدنيا كلها في جلسة واحدة من جلساته، ولا والله لا يرغبون في القناطير المقنطرة من الذهب والفضة في كلمة حانية وادعة مشرقة من كلماته.

يقول جرير بن عبدالله البجلي: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسّم في وجهي، وجرير يفتخر بهذا العطاء ويعلن هذا السخاء، فهذه البسمة الوارفة الدافئة الصادقة أجلّ عند جرير من كل الذكريات وأسمى من كل الأمنيات.

يبتسم في وجهه فكفى، يملأ روحه برا وحنانا ولطفا، ويشبع قلبه سماحة ورحمة وودا، ولا تظن المسألة عادية أو أن الموقف سهل بسيطن لأنك ما عشت الحدث وما لابست القضية.

والرسول صلى الله عليه وسلم في ضحكه ومزاحه ودعابته وسط بين من جفّ خلقه ويبس طبعه وتجهّم محيّاه وعبس وجهه، وبين من أكثر من الضحك واستهتر في المزاح وأدمن الدعابة والخفة، فكان صلى الله عليه وسلم يضحك في مناسبات حتى تبدو نواجذه، ولكنه لم يستغرق في الضحك حتى يهتز جسمه أو يتمايل أو تبدو لهواته، وهي أقصى الحق.

وقد صحّ عنه أنه قال:" وإيّاك والضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب" أخرجه أحمد 8034 والترمذي 2305 وابن ماجه 4217 عن أبي هريرة رضي الله عنه وانظر البيان والتعريف 1\22 وكشف الخفاء 85.

وقد ورد أنه مازح بعض أصحابه فقال له: أريد أن تحملني يا رسول الله على جمل، قال:" لا أجد لك إلا ولد الناقة" فولّى الرجال فدعاه وقال:" وهل تلد الإبل إلا النوق؟" أي أن الجمل أصلا ولد ناقة. أخرجه أحمد 13405 وأبو داود 4998 والترمذي 1991 عن أنس بن مالك.

ويروى أن عجوزا أتته صلى الله عليه وسلم تطلب منه أن يدعو لها بدخول الجنة، فقال:" لا يدخل الجنة عجوز" فولّت تبكي، فدعاها وقال:" أما سمعت قول الله سبحانه:{ إِنَّاأَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء (35) فَجَعَلْنَاهُنَّأَبْكَاراً (36) عُرُباً أَتْرَاباً (37)} الواقعة. أخرجه الطبراني انظر مجمع الزوائد 10\419.

بل كان ضحكه طاعة لربه تعالى، وفيه من مقاصد الإقتدء والأسوة ما يفوق الوصف، ولم يكن ضحكه عبثا أو لهوا أو تزجية للوقت وقتلا للزمن.





يتبع ...