عرض مشاركة واحدة
قديم 06-29-2011, 11:18 AM
المشاركة 17
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع ،،

قرءاه نقدية مغايرة لقصة "انتقام" لكاتبها مبارك الحمود
محاولة لفكفكة لغة القصة الكودية واستخراج عناصر الجمال منها:

اقتباس "

-7-

اصدح أيها المنشار وغني.. ها هي الدرجات.. 1, 2, 3,..., 13, هيلا هوب, لقد وصلت.. "أتسمعينني أيتها الصماء البكماء, لقد أتيت", وقفت أمام الباب, وأنا أشعر بقلبي يخفق بشدة, الفضول الشديد ذلك ما أشعر به, أريد أن أرى ردة فعلها, أوووه قد يكون حبيب آخر معها الآن وهي خجلة مني, تخجل أن أراها مع شخص آخر.. قبضت على المقبض بقوة, وأدرته إلى اليمين.. إني أفتح الباب وأنا أضحك بأعلى صوتي.. صدمة, صدمة, ذلك ما أصابني, وجعلني أشعر بضيقة تخنقني, وكأن مشنقة من الشوك تحاول جزرقبتي.

هذه الفقرة تبدأ بالرقم الكودي ( 7 )، يليه مباشرة شخصنة المنشار، فالقاص يجعله قادر على الصدح، والغناء، وكأنه بلبل أو طائر يجيد الغناء، وفي ذلك تذكير بالمهمة التي أصبح بطل القصة على وشك تنفيذها وهي القتل بالمنشار، ولذلك جاء الطلب من المنشار بأن يصدح ويغني منسجم مع طبيعة البطل السادية وكأنه على وشك الاحتفال بالقتل.

والمشهد هنا يأتي مكملا للمشهد السابق الذي أتقن القاص تصويره بكاميرا المصور الخبير الذي يهتم بالتفاصيل ذات الأثر المهول، فيشعر المتلقي وكأنه يسير في صحبة بطل القصة ويجاوره في صعوده على الدرج، إلى غرفة النوم... وان ذلك الصعود يتم تدريجيا، ودرجة، درجة، وهنا يستثمر القاص سحر الأرقام (1،2 ،3... 13)، ويتوقف عند الرقم (13) في استحضار لما يرتبط بهذا الرقم في الذاكرة الشعبية من شؤم ونفور، وذلك بهدف مزيد من التشويق والشد وتطوير جو النص. ثم يأتي الإعلان عن وصول البطل إلى تلك الغرفة، وفي ذلك إشارة إلى الحركة التي تحافظ على حيوية النص، ثم يستثير القاص في المتلقي حاسة السمع بقوله (أتسمعينني أيتها الصماء البكماء, لقد أتيت)، وفي نفس الجملة نجد استثمار للتضاد...فكيف لها أن تكون صماء وبكماء وأن يسألها إن كانت تسمع؟ لكن الهدف هو التشويق، والإثارة، والشد، وفي عبارة ( لقد أتيت) ما يشير إلى مزيد من الحركة ، وفي الوقوف (وقفت أمام الباب) استثمار للتضاد فالوقوف هو عكس الحركة، وفي وصف حالة البطل عند الباب ما يستثير مشاعر المتلقي (اشعر بقلبي يخفق بشدة )، ويحرك حاسة السمع لديه، ثم من جديد محاولة لاستثارة مشاعر المتلقي من خلال حديث القاص عن فضول البطل (الفضولالشديد ذلك ما أشعر به) وكأنه الشيء الوحيد الذي يشعر به، ثم استثارة الحواس بقوله (أريد أن أرى ردة فعلها)، ثم مزيد من التهويل باستخدام كلمة (أوووه)، وفي التشكيك بوجود حبيب آخر معها (قد يكون حبيب آخر معها الآنمزيد من الإثارة والتشويق، ثم تحريك للمشاعر من خلال حديث القاص عن خجل المرأة في كلمتين متتاليتين (وهي خجلة مني, تخجل أن أراها)، وفي كلمة (أراها )، استنفار لحواس المتلقي، وفي وصف الطريقة التي يفتح فيها بطل القصة الباب (قبضت على المقبض بقوة, وأدرته إلىاليمين)، تشويق وإثارة، وفي تصرفه (وأنا أضحك بأعلى صوتي)، ما يشير إلى سادية البطل كونه يضحك بأعلى صوته بينما هو على وشك تنفيذ عملية قتل بشعة بالمنشار الكهربائي. ثم نجد القاص يفجر من جديد قنبلة ذهنية في ذهن المتلقي، هي أشبه ما تكون بالصدمة الكهربائية التي تصيب المتلقي باستخدام القاص لعبارة ( صدمة, صدمة, ذلك ما أصابني)، وهنا تصل الإثارة إلى ذروتها، وفي العبارة (وجعلنيأشعر بضيقة تخنقني) نجد مزيد من الاستثارة لمشاعر المتلقي، بحديث القاص عن الشعور، والضيقة التي تكاد تخنق البطل، وهذه اللحظة تمثل لحظة انقلاب حادة وغير متوقعة، نظرا لطبيعة وسمات شخصية بطل القصة التي رسمها القاص في ذهن المتلقي فذلك المفترس الشرس، الذي يتلذذ بالقتل ويحتفي به، ويدق قلبه كطبول حرب فرحا وطربا، ونجده منذ لحظة يقهقه ويضحك بأعلى صوته، ويطلب من المنشار أن يصدح في تعبير عن فرحه السادي، نظرا لاقتراب لحظة الانتقام الذي يدور حوله الحدث في القصة، لكننا نجده فجأة قد أصيب بصدمة مروعة (صدمة، صدمةذلك ما أصابني)، جعلته يشعر وكأنه يختنق، ولا يكتفي القاص في وصف السبب بشعور البطل بالاختناق بقوله مثلا وكأن حبل مشنقة قد التف حول عنقه، بل نجده يصف ما جرى له بـ (وكأن مشنقة من الشوك تحاول جزرقبتي)، وفي ذلك وصف بليغ للغاية وتصوير غاية في الجمال والألم، إذ يشخصن القاص المشنقة وكأنها لوحدها تحاول جز رقبة البطل، وهو الأمر الذي يكاد يدفع المتلقي ليتحسس عنقه من شدة الألم الذي يستشعره من خلال الوصف للألم الواقع على عنق البطل بينما يذهب عقله بعيدا وهو يصوره ذلك الموقف وتلك المشنقة من الشوك، والتي تحاول جز رقبة البطل كما يصفها القاص.

ويظل الغموض والإثارة سيد الموقف... وتتدفق الأسئلة في ذهن المتلقي بغزاره عن سبب تلك الصدمة المروعة؟ التي جعلت ذلك البطل الهمام يشعر وكأن مشنقة من الشوك قد التفت حول عنقه فجأة؟ فيندفع المتلقي لمتابعة القراءة عله يكتشف الغموض والسر في ذلك الانقلاب الحاد والمزلزل في شخصية البطل والحدث؟! وقد إصابته هو بدوره صدمة كنتيجة لذلك الانقلاب الحاد في الحدث وشخصية البطل...ولا شك أن القاص نجح في إيصال المتلقي إلى ذروة الشد والتشويق من خلال تضمين نصه لمثل لحظة الانقلاب الحادة تلك، والتي تمثل احد العناصر المهمة للبناء القصصي الناجح والمؤثر.

يتبع،،