عرض مشاركة واحدة
قديم 10-11-2010, 06:46 PM
المشاركة 4
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر .....
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (1)

يا شيزر المجد

يا شيزر المجد
ألقيت بمناسبة ذكرى أسامة بن
منقذ في المهرجان الكبير الذي
أقيم في حماة

هُزِّي يراعَ الهوى للعلمِ والأدبِ
وجرِّدي السيفَ للأخطارِ والنُّوبِ

وذوِّبي العطرَ في عاصيك وارتشِفي
من سَلسلِ النورِ مجداً مترَفَ النسبِ

وأرهِفي السمع للتاريـخِ في شَغَفٍ
ينبئْكِ عن خيرِ مرجوٍّ ومرتَقَبِ

في حقبةٍ لم تزلْ تزكو مواسمُها
بالخالدين من الأعلامِ والكتبِ

يا شيزرَ المجدِ كُفِّي العتبَ واتئدي
لا تكثِري اللومَ ما للهجر من سببِ

حملتُ في الصدرِ سرَّاً كدتُ أفضحُهُ
لولا بقيَّةُ إشفاقٍ على العربِ

فقرِّبيني إلى علياك واقتربي
لعلَّني أنتشي بالعطرِ من قرب

تربَّعي فوق عرشِ المجد وابتسمي
لكلِّ نجمٍ بأفقِ الشعر لم يغبِ

أطلَّ من جنةِ العاصي وكوثرِها
يرصِّعُ التاجَ بالياقوت والذهبِ

تربَّعي بل قِفي كالطودِ شامخةً
وقلِّديهم وسامَ الشعر والأدبِ

واستصرِخي النخوةَ العرباءَ في دمِنا
فقد بشِمنا من التكرارِ للخطبِ

لا تُرقصينا على أنغامِ أغنيةٍ
وتُسكرينا بكأسٍ من دم العنبِ

لعلَّ لحظة إنصافٍ بحاضرنا
تعانقُ الغابرَ المدفونَ في الحقب

أيامَ كان بنوك الصيدُ ملحمةً
تزهو بها الشامُ من بُصرى إلى حلبِ

خميسُهم لو سرى في ظُلمةٍ فضحتْ
أسيافُهُ سيرَه بالومضِ كالشهبِ

وغُرةُ الزحف ليثٌ في عزيمته
حتفَ الليوث وقد عزَّت على القُضُبِ

لو لم تكن لبني قحطانَ نسبته
لكان بالسيف يعلو القومَ لا النسبِ

عزَّتْ به القلعةُ الشماءُ رافعةً
بيارقَ الزحف في عجبٍ من العجب

" أبو المظفَّر" من جلَّت مناقبُهُ
عن كلِّ وصفٍ لسِفْرِ المجد منتَسِبِ

فما خطا خطوةً إلا مظَّفرةً
وما رمى رميةً إلا بذي يَلبِ

لم يبلغِ الألفَ جيشٌ قاده بطلاً
في عسقلانَ لقهرِ العارمِ اللجِبِ

يا شاعراً أرقصَ الأطيارَ في دَعةٍ
وفارساً أذهلَ الأعداءَ في الكَرَبِ

جاروا عليكَ بلا ذنبٍ جنيتَ وهل
جنى سِنمَّارُ إلا طاهرَ النسبِ

وأخرجوكَ وكنتَ المشرفِيَّ بهم
وجرَّدوكَ من الأموالِ والنَّشب

غادرتَهُمْ والأسى يفشي الوفاءَ لهم
وعُدتَ تدفعُ عنهم جحفلَ الصُّلُبِ

لم تبغِ مالاً ولا مُلْكاً ولا رُتباً
من يرخِصُ الرُّوحَ لا يفطنْ إلى الرُّتبِ

وما رَعَوا حرمةَ القُربى لذي رَحِمٍ
وكنتَ تحضِنُهم في القلب والهُدُبِ

قابلتَ كيدَهُمُ صفحاً ومغفرةً
وما جزيتَ بغيرِ الصَّدِّ والحَرَبِ

ورُحتَ تندُبُهُمْ تبكي منازلَهُمْ
والحزنُ يفتِك بالشِّريان والعَصبِ

" أبا المظفَّر " هذي مِصرُ شاهدةٌ
على الولاءِ بقلبٍ طيِّبٍ حَدِبِ

فكم سعيتَ لجمعِ الشملِ مُجْتهداً
بين الشآم ووادي النيلِ في النُّوبِ

فاعذُرْ دموعَ يَراعي إن بكى أسَفَاً
وجاءَ شعريَ بُركاناً من الغضبِ

ماذا على العُربِ لو صفُّوا سرائرَهم
وأشعلوها على اسمِ الله والعَربِ

ماذا عليهم لواَنَ الحبَّ رائدُهم
بالحبِّ نَغلِبُ لا بالشكِّ والرِّيَبِ

يا شاعرَ الخيلِ أسرجْ خيلَنا فلقدْ
خابَ الكُماةُ وخيلُ اللهِ لم تَخِبِ

أفقْ .. تقحَّمْ زمانَ الخوفِ مدَّرعاً
بالمُنقِذَينِ ظُبى الإيمانِ والنُّجُبِ

ألمْ تقُلْ قد حلبتُ الدهرَ أشطرَهُ
فكلُّ خَطبٍ دهاني لاذَ بالهربِ

فانهَضْ لخطبٍ دهانا واجلُ ظلمتَهُ
جرِّدْ حسامكَ بدِّدْ حالكَ السُّحُبِ

يا شيزرَ المجدِ مجدُ المنقذِينَ له
فلم ينلْهُ سوى الزِّلزالُ بالعطبِ

تلمَّسي الجرحَ في تاريخِنا ودَعي
فجرَ الجراح يواري الليلَ بالحُجُبِ

" أبا المظفرِ " والتسعون زاخرةٌ
وكلُّ عامٍ زها في ثوبه القَشِبِ

وكلُّ منظومةٍ كالدُّرِّ خالدةٌ
وكلُّ بيتٍ بذوق الفكرِ كالضَّربِ

وافيتَ " كيفا " وألقيتَ العصا فإذا
عصاك تلقَفُ ما خطُّوا من الكُتبِ

" أبا المظفر " يا كنزَ الضِّياءِ أفقْ
فشمسُ مجدِك طولَ الدَّهر لمْ تَغِبِ

أسرجْ جوادَكَ هذي الدَّارُ ماعَقِِمَتْ
تشرينُ ينفُخُ فيها الرُّوحَ كاللهبِ

اليومُ عُدنا إلى التاريخِ نكتبُهُ
يقودُ أمتَنا ليثٌ أغرُّ أبي

مجرَّبٌ ورُبى الجولانِ ناطقةٌ
في كلِّ شِبرٍ شهيدٌ في جِوارِ نبي

يا قُدسُ عفوَكِ لم تُغمدْ صوارمُنا
لقد أطلَّ صلاحُ الدِّينِ فالتهِبي

جاءَ المَخاضُ فهزِّي النَّخلَ وانتظري
يجُدْ عليكِ بمنهلٍّ ومنْسكِبِ

فقطرةٌ من دمِ الأطفالِ شاهدةٌ
أنَّ الدِّماءَ بساحِ النَّصرِ كالرُّطَبِ

هيا اضرِبي واسحقي قُرِّيْ بمن نفروا
عَيناً فهمْ خيرُ أبناءٍ لخيرِ أبِ

يا شيزرَ المجدِ شِعري فيكِ رجعُ صدىً
فأطلقي الصرخةَ العرباءَ يستجِبِ

ماذا أقول وآلامي تكبِّلني
فصرتُ أبكم بين الصِّدق والكذبِ

فمن رآني أصوغُ الشعر مضطرباً
فإنني في ضميري غيرُ مضطربِ

يا حافظَ الشَّام سرْ بالشَّام مدَّرعاً
بالحافظَيْنِ كتابِ اللهِ والعربِ

لا تأمَنَنْ لأفاعي الغدرِ لو جَنحوا
إلى السلامِ وخذْ بالرأسِ والذنَبِ

واحذرْ تقلُّبَ حيَّاتِ السلام دجىً
فأخطرُ السُّمِّ في يأتي حينَ منْقَلِبِ

حبيبتي يا بلادي يا ندىً وهدىً
يا ملعبَ الصِّيد يا حضناً لكلِّ أبي

ما نحن إلا قناديلُ الضياء على
دربِ الخلود ننيرُ الكونَ كالشهبِ

نغزو السماءَ بأقلامٍ إذا خرستْ
عند الحقيقةِ نرمي الكون للشجبِ

تُميدُ كلَّ عُروشِ الظلمِ قاطبةً
من غَمْزِ قافيةٍ مشبوبةِ اللهبِ

أنتِ الفؤادُ الذي عمَّدتُهُ بدمي
فراح ينبضُ بعد الوهنِ والتَّعبِ

سيَّانَ عندي وقد أجريتُ أوردتي
على يراعيَ إن أخطئْ وإن أُصِبِ

حسبي أراكِ على الأيامِ شامخةً
بالواثِبِينَ بعزم الفارس الذهبي