عرض مشاركة واحدة
قديم 09-20-2010, 08:02 AM
المشاركة 47
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
القصيدة و العنقاء
( بدر شاكر السياب )


جنازتي في الغرفة الجديدة
تهتف بي أن أكتب القصيدة
فأكتب
ما في دمي و أشطب
حتى تلين الفكرة العنيدة
و غرفتي الجديدة
واسعة أوسع لي من قبري
إذا اعتراني تعب
من يقظة فالنوم منها أعذب
ينبع حتى من عيون الصّخر
حتى من المدفأة الوحيدة
تقوم في الزاوية البعيدة
**
و ترفع الجنازة اليابسة المهدّمه
من رأسها ترنو إلى الجدران
و السفق و المرآه و القناني
ما للزوايا مظلمة
كأنهنّ الأرض للأنسان
تريد أن تحطّمه
بالمال و الخمور و الغواني
و الكذب في القلب و في اللسان
تريد أن تعيده
للغاية البليده
وصفحة المرآة ما لها تطلّ خاوية
ما أثمرت بغانية
بالشفة المرجان
تنيرها كالشفق العينان
و بالهنود العرية
كهذه المرآه
ستصبح الأرض بلا حياة
و في الليالي الداجية
في ذلك السكون فيه
إلا الرياح العاوية
سيفرغ الله من الأموات
و يسحب الموت و يغفو فيه
مثل دثار الليالي الشاتيه
**
و هكذا الشاعر حين يكتب القصيدة
فلا يراها بالخلود تنبض
سيهدم الذي بنى يقوّض
أحجارها ثم يملّ الصمت السكون
و حين تأتي فكرة جديدة
يسحبها مثلّ دثار يحجب العيونا
فلا ترى إن شاء أن يكونا
فليهدم الماضي فالأشياء ليس تنهض
إلا على رمادها المحترق
منتثرا في الأفق
وتولد القصيدة